مسك الختام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام (2)
مسك الختام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام (2) (15) الثناء الحسن للمصلى عليه بين أهل السماء والأرض: يقول ابن القيم في الفائدة الثلاثون: أنها سبب لإبقاء
|
|
28-10-2022
|
|
مسك الختام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام (2)
مسك الختام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام (2)
(15) الثناء الحسن للمصلى عليه بين أهل السماء والأرض:
يقول ابن القيم في الفائدة الثلاثون: أنها سبب لإبقاء الله سبحانه وتعالى الثناء الحسن للمصلى عليه بين أهل السماء والأرض، لأن المصلى طالب من الله أن يثنى على رسوله ويكرمه ويشرفه، والجزاء من جنس العمل فلابد أن يحصل للمصلي نوع من ذلك وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60][1].
(16) أنها سبب لتبليغ النبي - صلى الله عليه وسلم - ورده السلام على المصلى عليه:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلَّوْا عَلَيَّ، فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ مَا كُنْتُمْ"[2].
والمعنى: لا تجعلوا بيوتكم كالقبور في خلوها عن الذكر والعبادة، بل أشغلوها بالصلاة النافلة أو الفرض إذا توقفت جماعة من في البيت كزوجة أو أي من النساء أو المريض والصبيان وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: معنى الحديث لا تعطلوا البيوت من الصلاة فيها، والدعاء، والقراءة فتكون بمنزلة القبور، فأمر بتحري العبادة في البيوت، ونهى عن تحريها عند القبور، عكس ما يفعله المشركون من النصارى، ومن تشبه بهم من هذه الأمة.
وقال ابن القيم: العيد ما يعتاد مجيئه وقصده من زمان ومكان مأخوذ من المعاودة والاعتياد وقيل: العيد ما يعاد إليه: أي لا تجعلوا قبري عيدًا تعودون إليه متى أردتم أن تصلوا علىّ، فظاهره نهى عن المعاودة، والمراد المنع عما يوجبه، وهو ظنهم بأن دعاء الغائب لا يصل إليه ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم - "وَصَلَّوْا عَلَيَّ، فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ مَا كُنْتُمْ ": أي لا تتكلفوا المعاودة فقد استغنيتم بالصلاة علىّ.
وقال الإمام بن تيمية -رحمه الله-: الحديث يشير إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري، وبعدكم عنه، فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيدًا[3].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَىَّ، إِلاَّ رَدَّ اللَّهُ عَلَىَّ رُوحِي، حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ »[4].
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَلائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ، يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلامَ"[5].
(17) عرض اسم المصلى عليه وذكره عنده - صلى الله عليه وسلم -:
عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَكْثِرُوا الصَّلاَةَ عَلَيَّ، فَإِنَّ اللهَ وَكَّلَ بِي مَلَكاً عِنْدَ قَبْرِي، فَإِذَا صَلِّى عَلَىَّ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي، قَالَ لِي ذَلِكَ الْمَلَك: يَا مُحَمَّد! إِنَّ فُلاَنَ ابْنَ فُلاَنٍ صَلَّى عَلَيْكَ السَّاعةَ»[6].
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في الفائدة السادسة والثلاثون:
وكفى بالعبد نبلًا أن يذكر أسمه بالخير بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد قيل في هذا المعنى:
ومن خطرت منه ببالك خطرة
حقيق أن يسمو وأن يتقدما
وقال الآخر:
أهلاً بمن لم أكن أهلاً لموقعه
قول المبشر بعد اليأس بالفرج
لك البشارةُ فاخلع ما عليك فقد
ذكرت ثمَّ على ما فيك من عوج [7]
(18) أنها سبب لدوام محبته للرسول - صلى الله عليه وسلم - وزيادتها وتضاعفها:
يقول ابن القيم في الفائدة الثالثة والثلاثون: أنها سبب لدوام محبته - صلى الله عليه وسلم - وزيادتها وتضاعفها، وذلك عقد من عقود الإيمان الذي لا يتم إلا به، لأن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب، واستحضاره في قلبه، واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه، تضاعف حبه له وتزايد شوقه إليه، واستولى على جميع قلبه، وإذا أعرض عن ذكره وإحضاره وإحضار محاسنه بقلبه، نقص حبه من قلبه، ولا شيء أقر لعين العبد المحب من رؤية محبوبه، ولا أقر لقلبه من ذكره وذكر محاسنه، فإذا قوى هذا في قلبه جرى لسانه بمدحه والثناء عليه وذكر محاسنه، وتكون زيادة ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب ونقصانه في قلبه، والحس شاهد بذلك، حتى قال بعض الشعراء بذلك:
عجبت لمن يقول ذكرت حبي
وهل أنسى فأذكر من نسيت
فتعجب هذا المحب ممن يقول، ذكرت محبوبي، لأن الذكر يكون بعد النسيان، ولو كمل حب هذا لما نسى محبوبه.
وقال آخر:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما
مثل لي ليلى بكل سبيل
فهذا أخبر بأن محبته لها مانع من نسيانها.
وقال آخر:
يراد من القلب نسيانكم
وتأبى الطباع على الناقل
فأخبر أن حبهم وذكرهم قد صار طبعًا، فمن أراد منه خلاف ذلك أبت عليه طباعه أن تنتقل عنه، والمثل المشهور " من أحب شيئًا أكثر من ذكره، وفي هذا الجناب الأشرف أحق ما أُنشد:
لو شق عن قلبي ففي وسطه
ذكرك والتوحيد في شطره.
فهذا قلب المؤمن: توحيد الله وذكر رسوله مكتوبان فيه لا يتطرق إليهما محو ولا إزالة، ولما كانت كثرة ذكر الشيء موجبة لدوام محبته، ونسيانه سببًا لزوال محبته أو ضعفها، وكان سبحانه هو المستحق من عباده نهاية الحب مع نهاية التعظيم، بل الشرك الذي لا يغفره هو أن يشرك به في الحب والتعظيم فيحب غيره ويعظم من المخلوقات غيره كما يحب الله تعالى ويعظمه قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165]، فأخبر سبحانه أن المشرك يحب الند كما يحب الله تعالى، وأن المؤمن أشد حبًا لله من كل شيء، وقال أهل النار في النار: ﴿ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 97-98] ومن المعلوم أنهم إنما سووهم به سبحانه في الحب والتأله والعبادة، وإلا فلم يقل أحد قط إن الصنم أو غيره من الأنداد مساو لرب العالمين في صفاته، وفى أفعاله، وفى خلق السماوات والأرض، وفي خلق عباده أيضًا، وإنما كانت التسوية في المحبة والعبادة.
وأضل من هؤلاء وأسوأ حالًا من سوى كل شيء بالله سبحانه في الوجود، وجعله وجود كل موجود كامل أو ناقص، فإذا كان الله قد حكم بالضلال والشقاء لمن سوى بينه وبين الأصنام في الحب، مع اعتقاد تفاوت ما بين الله وبين خلقه في الذات والصفات والأفعال، فكيف بمن سوى الله بالموجودات في جميع ذلك، وزعم أنه ما عُبد غير الله في كل معبود[8].
(19) أن الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - سبب لمحبته للعبد:
يقول ابن القيم في الفائدة الرابعة والثلاثون: أن الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - سبب لمحبته للعبد، فإنها إذا كانت سببًا لزيادة محبة المصلى عليه له، فكذلك هي سبب لمحبته هو للمصلى عليه - صلى الله عليه وسلم -[9].
(20) أنها هي سبب لهداية العبد وحياة قلبه:
يقول ابن القيم في الفائدة الخامسة والثلاثون: أنها سبب لهداية العبد وهداية قلبه، فإنه كلما أكثر الصلاة عليه وذكره، استولت محبته على قلبه، حتى ما يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره، ولا شك في شيء مما جاء به، بل يصير ما جاء به مكتوبًا مسطورًا في قلبه، لا يزال يقرؤه على تعاقب أحواله، ويقتبس الهدى والفلاح وأنواع العلوم منه، وكلما ازداد في ذلك بصيرة وقوة ومعرفة ازدادت صلاته عليه - صلى الله عليه وسلم.
ولهذا كانت صلاة أهل العلم العارفين بسنته وهديه المتبعين له عليه، خلاف صلاة العوام عليه، الذين حظهم منها إزعاج أعضائهم بها ورفع أصواتهم، وأما أتباعه العارفون بسنته العالمون بما جاء به، فصلاتهم عليه نوع آخر، فكلما ازدادوا فيما جاء به معرفة، ازدادوا له محبة ومعرفة بحقيقة الصلاة المطلوبة له من الله.
وهكذا ذكر الله سبحانه، كلما كان العبد به أعرف وله أطوع وإليه أحب، كان ذكره غير ذكر الغافلين و اللاهين، وهذا أمر إنما يُعلم بالحس لا بالخبر، وفرق بين من يذكر صفات محبوبه الذي قد ملك حبه جميع قلبه ويثنى عليه بها ويمجده بها، وبين من يذكرها إما إثارة وإما لفظًا، لا يدري ما معناه، لا يطابق فيه قلبه لسانه، كما أنه فرق بين بكاء النائحة وبكاء الثكلى، فذكره - صلى الله عليه وسلم - وذكر ما جاء به، وحمد الله تعالى على إنعامه علينا ومنته بإرساله هو حياة الوجود وروحه، كما قيل:
ls; hgojhl td tqg hgwghm ,hgsghl ugn odv hgHkhl (2) 2 hgg,hx hgpfhg hgslhj p[v ugd ,hgslhx
ls; hgojhl td tqg hgwghm ,hgsghl ugn odv hgHkhl (2) 2 ls; hgg,hx hgpfhg hgslhj p[v ugd td tqg ,hgslhx
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
2 أعضاء قالوا شكراً لـ غيمہّ فرٌح على المشاركة المفيدة:
|
|
28-10-2022
|
#2
|
-
جزاك الله خير ..
وَ جعله في ميزان حسناتك.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
28-10-2022
|
#3
|
.،
جزاك الله خير
وجعله في موازين حسناتك
وانارالله دربك بالايمان
ماننحرم من جديدك المميز
امنياتي لك بدوام التألق والابداع
دمـت بحفظ الله ورعايته
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
28-10-2022
|
#4
|
29-10-2022
|
#5
|
طرح رائع
يعطيك الف عافيه
اتمنى لك مزيد من التميز والابداع
مودتي.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
30-10-2022
|
#6
|
31-10-2022
|
#7
|
_
بَارك الله فِيك
وجَعله فِي ميزَان حسنَاتك .
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
31-10-2022
|
#8
|
_
،
جَزَاكَ اَللَّهُ خَيْر . . .
وَأَحْسَنَ إِلَيْكَ فِيمَا قَدَّمَتْ
دُمْتُ بِرِضَى اَللَّهِ وَإِحْسَانِهِ وَفَضْلِهِ
~
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
03-11-2022
|
#9
|
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
22-10-2023
|
#10
|
جزاك الله خير .. بارك الله فيك
وجعلها في ميزان حسناتك
أثابك الله الجنه ..
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
| | | | | | | | | |