دلالات تربوية على سورة الفلق
توحي سورة الفلق من اسمها بالانفلاق عن الشيء والخروج منه، فكما فلق الله تعالى الحبة وأخرج منها الزرع، فقد فلق ظلمة الليل ليخرج منها الصبح، وكذلك فلق الشر ليتحرر منه المظلومون.. وهكذا يشير الفلق إلى معنى التحرر من القيد والانطلاق إلى فجر جديد وحياة جديدة تتسم بالقوة والحرية والعدالة، وقد نزلت سورة الفلق وعُرفت هي وسورة الناس بالمعوذتين حيث يُتعوذ بتلاوتهما من كل الشرور والمخلوقات، وقد خَصت السورة من الشرور المتعوذ منها بالله تعالى - رب الفلق وخالق الظلمات والنور ورب كل شيء ومليكه - أربعة أشياء (شر ما خلق على وجه العموم، وشر الغاسق وهو الليل، وشر الساحرات اللاتي يقسم الولاء للشياطين، وشر الحاسد حال حسده)، وفي ذلك جملة فوائد لعلنا نذكر بعضا منها فيما نحن بصدده.
قال تعالى ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ۞ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ۞ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ۞ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ۞ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 1 - 5].
الآية (1): قوله تعالى ﴿ قُلْ أَعُوذُ[1] بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾.
الدلالات الشرعية للظواهر الكونية:
سن الله تعالى ظواهر في الكون لها دلالات شرعية، فالصبح الذي خلقه يأت بعد ليل طويل حالك، فمهما طال الليل لابد من طلوع الفجر، بل إنه حين يخرج الصبح من الظلمات تختلف صفحة السماء فتصير من ظلمة حالكة إلى نور ساطع يضئ الكون بجنباته، وفي ذلك صورة تمثيلية تشبه قوة الحق حينما يزهق الباطل، فكأن هذا الليل هو صورة للباطل، وكأن الصبح هو الحق، فحين يفلق نور الفجر ظلمة الليل، فإن الحق يزهق الباطل، فهذه السنة الكونية لها تلك الدلالة الشرعية، ذلك أنه مهما علا صوت الباطل فإن الحق لابد - حتما - وأن يدمغه، يقول تعالى ﴿ وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ {الإسراء/81}، وفي ذلك دلالة أخرى على قوة قدوم الحق فهو لا يأتي إلا بقوة، تلك التي ينفلق بها الباطل، ويقول سبحانه ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 18]، وعلى النقيض ترى صورة دخول الليل على النهار فإنه لا يدخل إلا رويدا رويدا، فهو ذاك الغطاء الأسود الشفاف الرقيق الذي يلبسه الكون غطاءً فوق غطاء حتى تسود السماء وتصير الأرض في ظلمة، انظر قول الله تعالى ﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا ﴾ [النبأ: 10]، فالباطل لا يغلب إلا بمكر وخبث ودهاء.
و لهذا كان حريا بأهل الحق أن يستعينوا بربهم وخالقهم ليحميهم ويجيرهم من شر كل المخلوقات، وقد بدأ الله تعالى بإجمال ثم تفصيل، حيث أفاد لفظ (ما خلق) شموله لكل شر مصدره ما خلقه الله تعالى في هذا الكون دون تخصيص، ثم فصل من هذا الشر شرورا ثلاثة تُمثِّل أقوى صور الشر على هذه الأرض (ظلمة الليل، السحر، الحسد)، فهذا الشر جريمة لها ظروف مشددة تتمثل في الظرف والفعل والقصد المقترن بالنية، فالظرف المشدد لجريمة (الشر) الليل، وأشر فعل لهذه الجريمة هو السحر، وأخيرا القصد والنية السيئة التي تتمثل في الحسد الذي هو أشر صور النوايا السيئة.
الآية (2): قوله تعالى ﴿ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾
العلم بمقصد الله تعالى من خلق الشر:
عن خولة بنت حكيم السلمية تقول سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يقول من نزل منزلا ثم قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك[2].
هذه السورة تدال دلالة قاطعة على أن الله سبحانه خالق كل شر، وأنه سبحانه أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يتعوذ من جميع الشرور، فقال عز وجل ﴿ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾[3]، أليس الشيطان خلْق من خلْق الله تعالى؟ لكن يجدر الأخذ في الاعتبار أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يخلق شراً محضاً من جميع الوجوه، ذلك أن الشيطان قبل أن يخرج عن طاعة الله تعالى ويفسق كان قد فاق الملائكة عبادة، ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34]، فالخطاب كان للملائكة وقد شمل إبليس رغم أنه لم يكن من الملائكة، كان من الجن ولكنه لعبادته لربه شمله الخطاب كذلك، بيد أنه فسق واستكبر، وعلى ذلك يكون الشر أمر عارض على أصل الجبلة، ويكون من كسب المرء ذاته، يقول سبحانه ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ۞ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 78، 79].
وهذا يحيلنا لسؤال آخر، لماذا خلق الله تعالى الشر؟ الحقيقة أن الابتلاء لا يتحقق إلا إذا كنا بصدد متناقضات، بمعنى أن الخير والشر متضادان، فلو كان الخير هو المخلوق فحسب، فإننا عندئذ سوف نكون في دار الجزاء أي الجنة، والجنة ليست دار ابتلاء، فتنتفي الحكمة من الخلق، ولذلك خلق سبحانه الخير والشر ليظل الصراع بينهما في دار الابتلاء أي الدنيا، قال تعالى ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35].
الآية (3): قوله تعالى ﴿ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ[4] إِذَا وَقَبَ[5] ﴾.
فضل السكون بالليل والاستعاذة من شره:
خص الله تعالى من الشرور المستعاذ منها شر الليل عندما يدخل، لأن الليل هو البيئة التي يزهو فيها الباطل ويتراقص ويتغنى، فكثيرا ما نجد مجالس اللهو والقمار والخمر لا تُنصب إلا في الليل، كما أن أرباب السرقات وعتاة المجرمين لا يرتكبون جرائمهم - غالبا - إلا في الليل لكي يستر فعلهم الشنيع، فالشياطين تخرج منذ أول الليل، سواء أكانت من الإنس والجن، كما أن الفئران والحيوانات الضارة لا تخرج إلا في الليل، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (إذا استجنح الليل أو كان جنح الليل فكفوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم، وأغلق بابك واذكر اسم الله وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله وأوك سقاءك واذكر اسم الله وخمر إناءك واذكر اسم الله ولو تعرض عليه شيئا)[6]، وعليه كان لزاما على المؤمن أن ينتبه عند دخول الليل ليحذر من الشرور، والآية أشارت إلى هذا المعنى بالتنبيه إلى شر دخول الليل، فمن الطبيعي أن يتقلص النشاط الاجتماعي للمسلم بالليل والعكس كذلك صحيح، فينشط في النهار لا الليل لقوله تعالى ﴿ وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ﴾ [النبأ: 11] وهذا هو دأب الصحابة رضوان الله عليهم، إذ ينقلون لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جدب - أي كره - الحديث بعد العشاء[7]، فعلى المسلم أي يغلق بابه في الليل ويكف نفسه عن الاختلاط بالناس في هذا الوقت ليدخر وقته ليلا في العبادة والمذاكرة أو المداعبة لأهله ومآنستهم مما يتناسب مع الليل وفكرة اللباس، أما إذا أرهق نفسه بالاختلاط بالناس - دون ضرورة - فإنه بذلك لا يدري حقيقة الشر الذي ذكره الله تعالى في الليل، ويكفي من شره أنه بذلك يقلب الساعة البيولوجية الذي يذكرها العلماء، وهو ما ينعكس على طاقته الحيوية في اليوم التالي بالسلب.
الآية (4): قوله تعالى ﴿ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ[8] فِي الْعُقَدِ[9]﴾
كفر النفاثات ووجوب الاستعاذة من السحر والساحرات:
كما خص الله تعالى من الشرور المستعاذ منها شر النفاثات في العقد، ويقصد بذلك – على وجه الخصوص - أقوى طرق السحر التي تقوم بها النفوس الشريرة [10]، ويقصد بالنفث عموما العزم سواء للخير أو الشر، ففي الحديث أَن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (إِنَّ رُوحَ القُدُس - وهو جبريل عليه السلام - نَفَثَ في رُوعي)[11]، أما بالنسبة للنفث المقصود في الآية، فهو كناية على شدة عزم الساحر لكي ينجز شره بريقه، حيث تستخرج العينة الوراثية من الحامض النووي dna من الريق، ﴿ قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 62]، حيث يعقد الساحر القسم للشيطان بالولاء والطاعة حتى يتسلط على ابن آدم، وهو أشر شر بالليل لأن به يهم الإنسان ويخيل إليه غير الحقيقة، يقول سبحانه ﴿ قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ۞ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ۞ قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى ﴾ [طه: 66 - 68]، فكان تسلط النفس على النفس هو أشر شر، قال عز وجل ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴾ [ص: 41]، فكان من المناسب أن يخص الله تعالى السحر بالاستعاذة كذلك.
والنفث في العقد هو نوع من القسم للشيطان، وتأكيد لقسم الشيطان لله تعالى إذ قال ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ۞ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [ص: 82، 83]، فكان النفث في العقد تذكير بهذا القسم بإثبات الساحر ولاءه للشيطان الرجيم، دليل ذلك قوله تعالى ﴿ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾ [البقرة: 102].
وقد بلغ من قوته أن أثر السحر في النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قبله نبي الله موسى عندما خيل إليه من سحرهم أنها تسعى، ولا إشكال في ذلك، فعصمته - صلى الله عليه وسلم - من الخطأ لا تناقض كونه بشر يمرض والسحر من الأمراض، فبشريته - صلى الله عليه وسلم - كي نقتدي به في أشد المواقف حرجا، فالله تعالى أنزل المعوذتين كي نتعوذ بقراءتهما كدواء من هذا المرض بإذن الله، ففي الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي لكنه دعا ودعا ثم قال (يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال أحدهما لصاحبه ما وجع الرجل؟ فقال مطبوب قال من طبه؟ قال لبيد بن الأعصم قال في أي شيء؟ قال في مشط ومشاطة وجف طلع نخلة ذكر، قال وأين هو؟ قال في بئر ذروان)، فأتاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ناس من أصحابه فجاء فقال (يا عائشة كأن ماءها نقاعة الحناء أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين)، قلت يا رسول الله أفلا استخرجته؟ قال (قد عافاني الله فكرهت أن أثور على الناس فيه شرا)، فأمر بها فدفنت [12]، والملاحظ في هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفك السحر باستخراجه من البئر كما طلبت منه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وإنما باستعانته بالله والتزامه بالأذكار كما في سورة المعوذتين التي تعوذ بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما شفاه من مرضه والسحر الذي ابتلي به بفضل الله تعالى.
ويجدر التنويه إلى أن الشيطان يقوم بسحر ابن آدم من تلقاء نفسه مستعينا في ذلك بالنفث في العقد، وذلك كلما غفل عن ذكر ربه، وبخاصة عندما تفارق الروح الجسد وقتما ينام الإنسان، فعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد إذا نام بكل عقدة يضرب عليك ليلا طويلا، فإذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، وإذا توضأ انحلت عنه عقدتان، فإذا صلى انحلت العقد، فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان[13]، لذا ترى كثيرا من الناس مسحورين، فإذا ذكَّرتهم بآية أو حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تجده وكأنه غير موجود، غير مستحضر لما يتلى عليه وغير واع لما يسمعه من الذكر أو الحكمة، لماذا؟ لأنه لم يستيقظ لصلاة الفجر فظلت عقد الشيطان عليه طوال اليوم.
الآية (6): قوله تعالى ﴿ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ ﴾.
الفرق بين الحسد المذموم والحسد المحمود:
خص الله تعالى من الشرور المستعاذ منها - كذلك - الحسد، فما هو الحسد المتعوذ منه؟ الحسد - على وجه الخصوص - نوع من السحر إلا أنه يختلف عنه في أن له تأثير مادي ملموس - وهو ما سوف ندلل عليه فيما بعد - أما السحر فإنه يخيل للإنسان ما ليس بحقيقي على أنه حقيقي، كما أن الفرق بينهما يكمن في مصدرهما، فالسحر يأتي به الساحر عن طريق الاستعانة بالشياطين، أما الحسد فهو نابع من شر النفس فحسب ولا يستعين فيه الحاسد إلا بشر نفسه، وبذلك غلب شر النفوس الشريرة شر الشياطين الماردة، إذ يرى البعض أن الحسد من نتائج الحقد والحقد من نتائج الغضب[14]، وهي أمور منهي عنها لقوله - صلى الله عليه وسلم - (لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا )[15].
كما أن الحسد هو السبب الرئيسي والداعي لكل الشرور، إذ لولاه لما قام الساحر بشره وعقد عليه العزم، وقد اشتهر القول بأن الحسد هو تمني زوال نعمة المحسود، وبذلك يختلف الحسد عن العين، فالعائن غير الحاسد، ذلك أن العائن قد يرى النعمة في يد غيره فينظرها دون أن يبارك عليها، كما أن العائن قد يعاين نفسه، كما في قوله سبحانه ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا ﴾ [الكهف: 39]، ومن ثم فالعائن لا يتخذ فعلا ماديا ضد من يعاينه، بخلاف الحاسد ذلك أن الشر كامن في نفسه، وبه يتمنى زوال النعمة، وهو ما قد يدفعه للقتل أو للسرقة أو ارتكاب ما لا يعد ولا يحصى من الجرائم، بل يكفي العلم بأن الحسد حمل قابيل على قتل أخيه هابيل، ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]، فالحاسد يحاول أن يوصل شره للمحسود بأي طريقة سواء أكانت مادية أو غيبية، ولذلك وجبت الاستعاذة بالله تعالى من شره.
وإذا كان الحسد تمني زوال النعمة، فالعين هي تمنى النعمة التي في يد الغير، لا لأجل أن يصرفها في طاعة الله، وإنما افتتانا بها سواء اقترن ذلك بتمني زوالها منه أو لا، ذلك أن الشارع نهى عن النظر فيما بيد الغير من النعم ولم يستثن من ذلك إلا الاجتهاد في العبادات، ومن ثم فإن في المسألة تحتاج لتفصيل من وجهين كالتالي:-
الوجه الأول: أن حد العين مجرد تمني ما في يد الغير على وجه غير المطلوب شرعا، دليل ذلك قول الله تعالى ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾[16]، فهذا دليل على أنه لا يجوز النظر في نعم الله تعالى التي أنعم بها على خلقه دونه وتمني الشخص اكتسابها لنفسه إلا لأجل صرفها في طاعة الله تعالى لقوله - صلى الله عليه وسلم - (ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس) [17]، إذ يكفي أن يستشعر العبد الغنى فيما أعطاه له من نعم، ويقنع بما أتاه الله منه وأغناه من فضله، يقول الشيخ ابن عثيمين (فمن الناس من لو أغناه الله لأفسده الغني، ومن الناس من لو أفقره الله لأفسده الفقر) [18]، انظر كيف ابتلى الله تعالى أبرصا وأقرعا وأعمى من بني إسرائيل، فبعث إليهم ملكا، فأتى كل منهم، وسأله عن أي شيء أحب إليك؟ فطلب كل واحد الشفاء مما هو فيه، وأن يأتيه الله مالا، فلما تحقق لهم ذلك وآتاهم الله مالا، أخفق الأولان منهما في شكر الله تعالى على هذه النعم، وأحسن الأعمى فتصدق بهذا المال الذي رزقه الله تعالى [19]، فلو أدرك الأبرص والأقرع خطورة تمنيهما ما ليس في أيديهما ما وصل بهما الحال إلى هذا الإخفاق من ترك الشكر، إن ضابط تمني النعمة هو الشكر، وهو ما حدا بنبي الله سليمان طلب الاستزادة من النعم لأجل الزيادة في الشكر، قال تعالى ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [ص: 35]، فأتم الله عليه النعمة، فقابلها بزيادة الشكر، ولذا امتدحه المولي سبحانه، فقال ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].
والوجه الثاني: أن الله تعالى أجاز الحسد في أمرين اثنين يجمعها الاجتهاد في الطاعات، ويقاس عليهما ما يماثلهما من سائر الطاعات، فيتعدى حكم الجواز إلى المثيل، ويقصد بذلك التنافس على الطاعة، ففي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له فقال ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل)[20]، قال سبحانه ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26]، لذلك يسمى كثير من العلماء هذا النوع من الحسد المحمود بـ (الغبطة) حتى يفترق عن الحسد المذموم، وإنما سُمي حسد مجازا، لأن الذي يتنافس ويتسابق على الطاعة يتمنى أن يفوق غيره طالما كان التسابق والتسارع لأجل طاعة الله، فشرع التنافس في مثل ذلك، وأضحى تمني غلبة الغير في هذا المضمار محمود، فسُمي حسد من هذا الوجه فقط، وإن كان المقصد على وجه الحقيقة التنافس على الطاعات والخيرات، قال سبحانه ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].
و من هنا تتضح التفرقة بين الحاسد والعائن، فالحسد نابع من شر النفس وطمعها، وهنا ينبسط معنى الحسد على ما ذكره العلماء بقولهم (الحسد تمني زوال النعمة) - وذلك للتفريق بينهما -، أما العائن فهو الذي (يُدهش بالنعمة وينسى شكر ربه عليها) سواء اتصل هذا النعيم به أم بغيره، وذلك بيِّن كما في قصة صاحب الجنتين وصاحبه الذي يحاوره، تأمل قوله تعالى ﴿ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ﴾ [الكهف: 34]... إلى قوله تعالى ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا ﴾ [الكهف: 39] ، وعليه يمكن القول بأن كل حاسد عائن، وليس كل عائن حاسد، فالحسد أعم وأشمل من العين، حيث تنتفي عن العائن صفة تمني زوال النعمة من الغير.
الآية (6): قوله تعالى ﴿ إِذَا حَسَدَ ﴾.
وجوب الإيمان بأن للحسد تأثير مادي محسوس:
بلغ الحسد من الشر أن يكون له تأثير مادي ملموس في المحسود، لما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأسماء بنت عميس ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعة [21]تصيبهم الحاجة قالت لا ولكن العين تسرع إليهم قال ارقيهم [22]، وعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لجارية في بيت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى بوجهها سفعة [23] فقال بها نظرة فاسترقوا لها يعني بوجهها صفرة [24]، كما أكد النبي - صلى الله عليه وسلم - حقيقة العين وتأثيرها المادي الملموس فقال - صلى الله عليه وسلم - العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين،وإذا استغسلتم فاغسلوا[25].
و السؤال هنا كيف يصل شر الحاسد - أو العائن - إلى المحسود أو شر الساحر إلى المسحور؟ لم يخبرنا الله تعالى عن ذلك، وإنما أوضح هذه الحقيقة وأكدها في أكثر من موضع، كما لم يخبرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - عن تفصيل هذا الأمر، لذا أضحى ذلك من الأمور الغيبية التي نؤمن بها لورود الآثار والنصوص الصحيحة عليها، ولا يجوز إنكارها بدعوى عدم معرفة كيفية تحقيقها لآثارها، يقول الشيخ سيد (ونحن مضطرون أن نطامن من حدة النفي لما لا نعرف من أسرار هذا الوجود، وأسرار النفس البشرية، وأسرار هذا الجهاز الإنساني، فهنالك وقائع كثيرة تصدر عن هذه الأسرار، ولا نملك لها حتى اليوم تعليلا.. هنالك مثلا ذلك التخاطر على البعد، وفيه تتم اتصالات بين أشخاص متباعدين، اتصالات لا سبيل إلى الشك في وقوعها بعد تواتر الأخبار بها وقيام التجارب الكثيرة المثبتة لها، ولا سبيل كذلك لتعليلها بما بين أيدينا من معلومات، وكذلك التنويم المغناطيسي، وقد أصبح الآن موضعا للتجربة المتكررة المثبتة، وهو مجهول السر والكيفية.. وغير التخاطر والتنويم كثير من أسرار الوجود وأسرار النفس وأسرار هذا الجهاز الإنساني... ).
قوله تعالى ﴿ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾.
كيفية إتقاء شر الحسد والعين والسحر وكل الشرور والأمراض التي تصيب الإنسان؟
الأصل الذي لا مرد له في ذلك كله أن الله هو المستعاذ به وهو الشافي لكل الأمراض، قال سبحانه ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ [الشعراء: 80]، وقد شرع سبحانه لنا من الأسباب التي يتحصل بها على الشفاء التام، تلك الأسباب هي طلب الشفاء منه سبحانه، وذلك بالاجتهاد في الدعاء والأذكار وهو ما يسمى بالرقية الشرعية، وهي تختلف عن الرقى والتمائم الشركية، كما ورد في ذلك كذلك مشروعية الاغتسال بكيفية معينة، تفصيل ذلك كما يلي:-
أولا: الأدعية والرقى الشرعية:
فعن أبي سعيد أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا محمد أشتكيك؟ فقال نعم قال باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك[26]
ثانيا: الاغتسال:
وقد ثبتت مشروعية هذا الأمر في القرآن، قال سبحانه ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ۞ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ﴾ [ص: 41، 42] ، كما ثبت في السنة بقوله - صلى الله عليه وسلم - (وإذا استغسلتم فاغسلوا)[27] وقد ورد هذا الحديث في معرض تأكيده - صلى الله عليه وسلم - أن العين حق.
أما بالنسبة لصفة وضوء العائن - حيث لا يستجيب الحاسد طبعا لطلب الغسل من المحسود - عند العلماء أن يؤتى بقدح ماء ولا يوضع القدح في الأرض، فيأخذ منه غرفة فيتمضمض بها ثم يمجها في القدح ثم يأخذ منه ماء يغسل وجهه ثم يأخذ بشماله ماء يغسل به كفه اليمنى ثم بيمينه ماء يغسل به مرفقه الأيسر ولا يغسل ما بين المرفقين والكعبين ثم يغسل قدمه اليمنى ثم اليسرى على الصفة المتقدمة، وكل ذلك فى القدح ثم داخلة إزاره وهو الطرف المتدلى الذي يلى حقوه الأيمن، فإذا استكمل هذا صبه من خلفه على رأسه[28]، وقد ثبتت مشروعية هذه الصفة فعن أبي أمامة سهل بن حنيف أنه قال:رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل فقال ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة فلبط سهل فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل يا رسول الله هل لك في سهل بن حنيف والله ما يرفع رأسه فقال هل تتهمون له أحدا قالوا نتهم عامر بن ربيعة قال فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامرا فتغيظ عليه وقال علام يقتل أحدكم أخاه ألا بركت اغتسل له فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب عليه فراح سهل مع الناس ليس به بأس [29]، قال السيوطي (وهذا المعنى لا يمكن تعليله ومعرفة وجهه وليس فى قوة العقل الاطلاع على أسرار جميع المعلومات فلا يدفع هذا بأن لا يعقل معناه)[30]
ثالثا: التزام السنة:
وذلك سواء فهم المستن الحكمة منها أو لم يفهم، ويكفي أن الله سبحانه سمى السنة بالحكمة لأن كلها حكم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (من تصبح كل يوم سبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر) [31]، وقد اكتشف العلماء إعجازا علميا في تنفيذ هذه السنة [32].
رابعا: الأذكار:
وهي الوسيلة المباشرة في التحصين، وتؤكد تعلق القلب بالله تعالى، وهي أشد الأسباب شدة على الشر وأقواها لدفعه، فعن أبي سعيد قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ من عين الجان وعين الإنس، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سوى ذلك) [33]، وهذه الدرجة من التحصين لا ينالها إلا خير هذه الأمة، لقوله - صلى الله عليه وسلم - (يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون) [34]، فهؤلاء شغلهم الذكر عن الدعاء وما شابه ذلك، فانشغلوا بالأعظم شأنا كما هو حال نبي الله أيوب عليه السلام، إذ قال لربه في حياء وأدب ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ۞ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 83، 84] فكان حياؤه مع تسليمه لله تعالى بقدره أن كشف الله عنه الضر , ومن أمثلة هؤلاء الذين تحصنوا من الشيطان وشره أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، إذ قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك [35].
خامسا: الصدقة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (داووا مرضاكم بالصدقة) [36]، وقد أضيف إلى ذلك (حصنوا أموالكم بالزكاة) [37]، وإن كانت هذه الزيادة ضعيفة إلا أنها تتفق مع النص الصحيح السابق الإشارة إليه في وجوب تحصين الجسد ومداواته وكذلك المال بالزكاة والصدقات، وأن الصدقة لها تأثير مادي على الإنسان يفيده في عمره وصحته وماله بالبركة، فهي تقطع دابر كل حاسد من شر نفسه، بل إن المولى سبحانه شرع الهدية وقت تقسيم المواريث لأجل قطع ما في النفس من حظ في أنصبة الورثة، يقول سبحانه ﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النساء: 8]، فبالرغم من أن أولوا القربى واليتامى والمساكين ليسوا من الوارثين إلا أن الله تعالى قسم لهم نصيب - ولو بسيط - من الميراث إذا حضروا القسمة، وذلك حتى يتعلم المسلم مراعاة مشاعر الآخرين، ولا يتباهى بما فضله الله تعالى وخصه من النعم على غيره من العباد، وعليه أن يتقارب مع عباد الله قدر المستطاع، وإلا عوقب الحسد والعين جزاء لنسيانه نصيبهم الذي قسمه الله تعالى لهم في رزقه، سواء من ماله أو وقته، أما في الجنة فإنه يمتنع على أهل الجنة في العين والحسد، فيقول سبحانه ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47].
[1]فعل للمصدر ( عوذ ) والمَعَاذ هو الملجأ.
[2] رواه مسلم في صحيحه ج13 ص 231 رقم 4881.
[3] ذكره القرطبي في تفسيره.
[4] أوّلِ اللّيْلِ ، ومنه قولُه تعالى: ﴿ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ﴾ [الإسراء: 78].
[5] الليل إذا دخل ، لأن فيه يظهر أهل الشر والمنكرات.
[6] رواه البخاري ج 3 ص 1195 رقم 3106.
[7] رواه ابن ماجة في سننه ج 1 ص 230 رقم 703 وصححه الألباني.
[8]النفث هو كالنَّفْخِ وأقَلُّ من التَّفْل ، أي النفوس الساحرة سواء كانت نفوس الرجال أو نفوس النساء أي التي تبالغ في النفث وهو التفل وهو النفخ مع بعض الريق - هكذا في الكشاف.
[9] العَقْد نقيض الحَلِّ ، أي تعقدها للسحر في الخيوط وما أشبهها.
[10] وقد ضرب الشيخ وحيد عبد السلام بالي العديد من الأمثلة على هذه الطرق في كتابه الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار ، إلا أنه لم يذكر الأدلة على هذه الطرق ، لكن يكفي الإشارة إليها كما في القرآن لتدل على كفر. الساحر الذي يفعل ذلك
[11] رواه تمام وابن عساكر بسند ضعيف عن عبد الله بن يسر لكن يقويه ما رواه الطبراني وأبو نعيم من حديث أبي أمامة أن روح القدس نفث في روعي لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب.
و قد علق الشيخ الألباني على رواية أبي أمامة وصححها في السلسلة الصحيحة انظر حديث رقم 2085 في صحيح الجامع.
[12] رواه البخاري في صحيحه ج 5 ص 2174 رقم 5430.
وقد رد بعض أهل العلم الحديث الفائت لكونه خبر آحاد فلا يحتج به في العقائد ، فردوه لنفي الشبهة عنه صلي الله عليه وسلم ، بيد أن من أهل العلم من أثبت ذلك الحديث في هذا المقام ومنهم العلامة الشيخ ابن باز ، إذ لا إشكال كما أسلفنا .
[13] رواه مسلم ج 1 ص 538 رقم 776.
[14] إحياء علوم الدين للغزالي ج 3 ص 186.
[15] صحيح البخاري ج 5 ص 2253 رقم 5718.
[16] سورة طه.
[17] رواه البخاري ج 5 ص 2368 رقم 6081.
[18] الشيخ محمد بن العثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين ج 2 ص 319 باب ِ64- باب فضل الغني الشاكر مكتبة الرحاب بدرب الأتراك.
[19] رواه مسلم ج 4 رقم 2275 ص 2964.
[20] رواه البخاري ج 4 ص 1919 رقم 4738.
[21] ( ضارعة ) أي نحيفة والمراد أولاد جعفر رضي الله عنه.
[22] رواه مسلم في صحيحه ج 4 ص 1726 رقم 2198.
[23] السُّفْعةُ والسَّفَعُ السَّوادُ والشُّحُوبُ ( لسان العرب ).
[24] رواه مسلم ج 4 ص 1725 رقم 2197.
[25] رواه مسلم في صحيحه ج 4 ص 1719 رقم 2188.
[26] صحيح مسلم ج 4 ص 1718 رقم 2186.
[27] رواه مسلم في صحيحه ج 4 ص 1719 رقم 2188.
[28] شرح مسلم للسيوطي ج 14 ص 172.
[29] رواه مالك في الموطأ ج 2 ص 939 رقم 1679.
[30] شرح مسلم للسيوطي ج 14 ص 172.
[31] رواه البخاري ج 5 ص 2075 رقم 5130.
[32] فمنذ وقت قريب اكتشف أن أكل التمر أو البلح يولد هالة زرقاء اللون حول جسم الإنسان، ووجد أن تلك الهالة الطيفية ذات اللون الأزرق تشكل درعا واقيا وحاجزا مانعا لعديد من الأمواج الكهرومغناطيسية اللامرئية من الجن والحسد والسحر والعين الحاسدة وخلافه..
والجن يصبحون غير قادرين على اختراق هذا الحاجز الذي ولدته الطاقة المنبثقة من العناصر الموجودة في التمر، وخاصة عنصر الفسفور الغني بالالكترونات والتي تزيل الشحنات الموجبة التي يحبها الجن ومظهرها الإثارة والتهيج لدى الإنسان..
ومن المعروف أن لمركبات هذا العنصر إشعاعات تألقية فوسفورية تدعم الطيف الأزرق وتمنع اختراق الجن لهذا الحاجز الطيفي في حين أنهم قادرون على اختراق كافة الأطياف والتعامل معها.
[33] رواه النسائي في سننه ج 8 ص 271 رقم 5494 وصححه الألباني.
[34] رواه البخاري في صحيحه ج 5 ص 2375 رقم 6107.
[35] رواه مسلم في صحيحه ج 4 ص 1863 رقم 2396.
[36] رواه البيهقي في سننه الكبرى وغيره ج 3 ص 382 رقم 6385 ، الجامع الصغير وزياداته ج 1 ص 567 رقم 5669.
[37] رواه الطبراني في المعجم الكبير ج10 ص 128 رقم 10217.
]ghghj jvf,dm ugn s,vm hgtgr plhlhj w,vm ugd
]ghghj jvf,dm ugn s,vm hgtgr jvf,dm plhlhj w,vm
إنتسابي ♡
دلالات تربوية على سورة الفلق
.gif "Ff1 (153)")
العرض العادي
