حديث: يَا رَسُولَ اللّهِ، قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي، وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدَهُمْ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللّهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ، قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ، (ولمسلم:
|
|
26-02-2022
|
|
حديث: يَا رَسُولَ اللّهِ، قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي، وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدَهُمْ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللّهِ، فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللّهِ، قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ، (ولمسلم: أو راهبة)، أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ»، وفي رواية للبخاري:
قال ابن عُيَينةَ: فأنزلَ اللهُ فيها: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ﴾ [الممتحنة: 8].
شرح ألفاظ الحديث:
((قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ)): جاء عند أبي داود والحاكم من حديث عبدالله بن زيد اسم أم أسماء بنت أبي بكر، فقيل اسمها:
قيلة، وقيل: قُتيْلَة، قال عبدالله بن الزبير - رضي الله عنه -: "قدمت قُتَيْلَة بنت عبدالعزى بن سعد من بني مالك بن حِسْل على ابنتها
أسماء بنت أبي بكر في الهدنة، وكان أبو بكر- رضي الله عنه - طلَّقها في الجاهلية بهدايا: زبيب وسمن وقرظ، فأبت أسماء أن تقبل هديتها
أو تدخلها بيتها، وأرسلت إلى عائشة - رضي الله عنها -: سلي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: لتدخلها"؛ الحديث.
وذكر القرطبي أن اسم أمها: قبلة بنت عبدالعزى [انظر: المفهم 3/ 48]، وهي عامرية قرشية وأكثر أهل العلم على أنها ماتت مشركة.
((فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدَهُمْ)): والمقصود أن قدوم أمها كان في المدة التي بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش عهد فيها وهي ما بين الحديبية والفتح.
((قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ)): جاء عند مسلم ((وهي راغبة أو راهبة))، وجاء عند الطبراني وابن حبان ((راغبة وراهبة))،
وفي الرواية الأخرى عند مسلم ((وهي راغبة)) من غير شك، وكذا رواية البخاري وهي الأصح، وتحمل رواية ((راهبة)) على معنى خائفة
مِن ردِّ أسماء لها خائبة لأنها مشركة، واختلف في معنى راغبة: فقيل: راغبة في الإسلام، وهذا بعيد؛ لأنها لو كانت كذلك لم تحتج أسماء
إلى أن تستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولأنه جاء في رواية عند أبي داود: (وهي راغمة)؛ بالميم أي كارهة في الإسلام.
وقيل: راغبة في بر ابنتها لها والتودد لها، والقرب منها وفي عطائها، وهذا قريب ويؤيِّده رواية أبي داود السابقة، وفيها أنها أقبلت بهدايا لأسماء.
وقيل: راغبة عن الإسلام وكارهة له، وهذا قريب أيضًا، يؤيِّده رواية أبي داود السابقة: (وهي راغبة)، فلا يمنع
أن يكون المعنيان مقصودين، فتكون راغبة عن الإسلام، وراغبة في التودد لابنتها وبرها لها، وأن تعطيها مما عندها.
من فوائد الحديث:
الفائدة الأولى: أخذ أهل العلم من حديث الباب جواز إعطاء أولي القربى ولو كانوا مشركين من الصدقة، ولذا ذكر مسلم هذا الحديث
ضمن أحاديث صدقة التطوع، وبوَّب عليه النووي: [باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين].
ووجه ذلك أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال لأسماء: "صلي أمك"، والنفقة والصدقة عليها من أعظم أنواع الصلة؛ حيث تقدم
قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الصدقة على الأقارب صدقة وصلة، وهذا من حقوق القرابة ولو اختلفت الديانة، فهذا من البر والعدل
في إثبات الحق، ولا سيما إن كانوا غير محاربين، أو وقع منهم اعتداء يمنع الإحسان:
﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ
اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [ الممتحنة: 8 ،9].
ومن أسباب نزول هذه الآية: قصة أسماء - رضي الله عنها - في حديث الباب؛ كما في رواية البخاري.
ومما يدل على جواز إعطاء المشرك من صدقة التطوع حديث عائشة - رضي الله عنها - عند أحمد: أن امرأة يهودية سألتها فأعطتها
فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر"؛ الحديث، وموطن الشاهد منه أنها سألت عائشة - رضي الله عنها - فأعطتها مما عندها.
قال الشافعي في الأم المجلد الثاني: "ولا بأس أن يتصدق على المشرك من النافلة، وليس له في الفريضة من الصدقة حق".
• فإن قيل: ألا يُعدَّ ذلك من المولاة للمشركين ولو كانوا أولي قربى، والله عز وجل يقول: ﴿ لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ
مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ.... ﴾ [الممتحنة: 22].
فالجواب: أن هذا ليس من الموالاة، بل هو من الحق والعدل الذي يحبه الله عز وجل، وأمرنا به كما في الآية السابقة بعد ما بيَّن الله
عز وجل برَّهم ومعاملتهم بالعدل، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾، ونظير ذلك قول الله عز وجل:
﴿ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ
ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان:15], وأما محبتهم ومودتهم، فهذا الذي فيه الموالاة في الآية، وخلاصة
الجمع أن يقال: مودتهم ومحبتهم من الموالاة، والإحسان عليهم وبرهم من العدل والقسط.
والقول بالجمع بين الأمر بالإحسان والعدل معهم وبين الأمر بقتالهم، أولى من القول بنسخ قول الله تعالى:
﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾[الممتحنة:8]
وممن قال بالنسخ قتادة، ودعوى النسخ يصار إليها عند عدم إمكان الجمع بين الأدلة وقد أمكن الجمع فيصار إليـه.
الفائدة الثانية: في الحديث دلالة على جواز صلة رحم القريب المشرك لحق قرابته.
الفائدة الثالثة: في الحديث ورع أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - ورضي الله عن أبيها، ورضي الله عن زوجها الزبير
فلا عجب أن يصدر منها هذا التحري في أمر دينها، ولو كان ذلك مع أقرب الناس إليها وهي أمها، فهي عاشت في بيت الصديق
- رضي الله عنه - من أورع الصحابة في أمور دينه، وكذا هي تحت قوامة زوجها الزبير رضي الله عنه وأرضاه.
مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الزكاة)
_ الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح.
p]de: dQh vQsE,gQ hgg~iAK rQ]AlQjX uQgQd~Q HEl~Ad ,QiAdQ vQhyAfQmR dp]e
p]de: dQh vQsE,gQ hgg~iAK rQ]AlQjX uQgQd~Q HEl~Ad ,QiAdQ vQhyAfQmR hgg~iAK dp]e p]de: dQh vQhyAfQmR vQsE,gQ uQgQd~Q ,QiAdQ
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ - وَرد. على المشاركة المفيدة:
|
|
27-02-2022
|
#2
|
جُزاكّ الله خُير علىّ مُـا قُدمتّ
ورزُقكّ بُكُل حَرف خّطتهَ أناملكّ جُزيل الحُسناتّ
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
27-02-2022
|
#3
|
بارك الله فيك
جزيت الجنة
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
27-02-2022
|
#4
|
تسلم ايدك ع الطرح
يعتيك العافية
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
27-02-2022
|
#5
|
-
غيمة فرح
شُكرًا لك وَ لمرورك الراقي
لك آكاليل الياسمين.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
27-02-2022
|
#6
|
-
سهاد
شُكرًا لك وَ لمرورك الراقي
لك آكاليل الياسمين.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
27-02-2022
|
#7
|
-
عيون
شُكرًا لك وَ لمرورك الراقي
لك آكاليل الياسمين.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
27-02-2022
|
#8
|
جزاك الله كل خير
جعلها في موازين حسناتك
يعطيك العافيه لطرحك القيم
احترامي وتقديري
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
28-02-2022
|
#9
|
جزاك الله خير
وجعله في موازين حسناتك
وانارالله دربك بالايمان
ماننحرم من جديدك المميز
امنياتي لك بدوام التألق والابداع
دمـت بحفظ الله ورعايته
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-03-2022
|
#10
|
-
,
طَرْحٌ مُعَطَّرٌ بِرُوحَانِيَّاتٍ قِيمَةٍ
جُزِيَتْ خَيْرَ اَلْجَزَاءِ ... :ff1 (90):
وَرَفْعِ اَللَّهِ قَدْرَكَ , وَجَعْلُهُ فِي مَوَازِينِ حَسَنَاتِكَ :ff1 (210):
حَفِظَكَ اَلْمَوْلَى
~
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
| | | | | | | | | |