قال روبرتو أزيفيدو المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، إن المسألة الحقيقية ليس إذا ما كنا بحاجة إلى إجراء تغييرات في منظمة التجارة، فالجميع تقريبا يتفق على ذلك، مشيرا إلى أن المسألة تكمن فيما إذا كنا نستطيع إجراء التغييرات، التي نحتاج إليها، فهي تتطلب دعما سياسيا، وقد أبلغت قادة مجموعة العشرين بذلك وأيدت إصلاح المنظمة.
وأضاف أزيفيدو، أن التغيير في المؤسسات المتعددة الأطراف أمر صعب، وهو صعب بشكل مضاعف على مؤسسات مثل منظمة التجارة العالمية، حيث لكل تعديل في القواعد تأثير اقتصادي ملموس، يهدد بعض المصالح حتى في الوقت، الذي يصنع فيه فرصا للآخرين.
وأشار أزيفيدو خلال كلمة ألقاها خلال مؤتمر رابطة التجارة الدولية في واشنطن، إلى أنه "لا يمكن للخبراء التقنيين الجالسين في جنيف أن يفعلوا ذلك بأنفسهم، وأن حمل 164 عضوا في المنظمة على الاتفاق أمر معقد دوما على الرغم من أن المشكلات العالمية تتطلب حلولا عالمية، ونحن بحاجة إلى دعم سياسي ومشاركة سياسية لإجراء التغيير، ونحن بحاجة إلى أن نشمر عن سواعدنا ونصل إلى العمل، إما هذا، أو نستعد لدفع ثمن العواقب".
واستشرافا للمستقبل، أكد أزيفيدو أن "أعضاء المنظمة مستعدون للتغيير. إنهم يريدون تحسين النظام الذي لدينا - وليس التخلص منه ومحاولة البدء من الصفر. لدينا أساس متين، أساس عزز النمو والتنمية وزيادة القوة الشرائية لعقود، لكن بعض الطلاء لن يكون كافيا نحن بحاجة إلى تغييرات هيكلية. من جهتي، تحدثت إلى القادة في كل فرصة تسنح لي. وقد أيدت مجموعة العشرين إصلاح منظمة التجارة العالمية".
ودافع أزيفيدو، عن قواعد المنظمة قائلا إنها وفرت الاستقرار والقدرة على التنبؤ بالتجارة العالمية، لكن منظمة التجارة بحاجة إلى التكيف إذا أريد لها أن تظل كيانا فعالا في الأعوام المقبلة، ودعا إلى الدعم السياسي لإجراء التغييرات اللازمة، معتبرا أن الرؤية والتصميم سيكونان مطلوبين لتحديث المنظمة.
وأضاف أن "النظام التجاري العالمي الذي اعتدنا عليه على مدى الأعوام الـ70 الماضية لم يبن عن طريق الصدفة، فقد تم بناؤه عمدا من فهم صعب المنال يقوم على أساس: إذا حصل التفاهم مع غياب التعاون في العلاقات الاقتصادية الدولية، سيكون الجميع في وضع أسوأ وتضيع فرص النمو".
وتابع أزيفيدو: "أنا لست هنا لتقديم درس في التاريخ عن النظام التجاري المتعدد الأطراف. كثير من الناس في هذه الغرفة أفضل مني في تقديم ذلك. ما أريد أن أؤكده هو أن القيمة، التي يقدمها النظام التجاري الحالي تمتد إلى ما هو أبعد من السلام والازدهار والترابط، الذي تعززه التجارة. كل يوم تستفيد الشركات والمستهلكون من اليقين والقدرة على التنبؤ بشأن الوصول إلى المنتجات والأسواق. أكثر من 75 في المائة من تجارة السلع العالمية الحالية تجري وفقا لشروط الدولة الأكثر رعاية غير التمييزية لمنظمة التجارة (إذا حسبنا الاتحاد الأوروبي كاقتصاد واحد).
ونوه إلى أن "جميع الاتفاقيات التجارية الثنائية والإقليمية الأخرى مجتمعة تمثل نحو 20 في المائة. وحتى في ظل الشروط التفضيلية، فقواعد منظمة التجارة لا تزال موجودة، ما يوفر الاستقرار والقدرة على التنبؤ. وعندما تتدفق التجارة بسلاسة، فإنها تساعد على الحفاظ على تشغيل المحركات الاقتصادية".
وتساءل أزيفيدو "الآن، هل يمكننا العيش دون إمكانية التنبؤ في ظروف التداول التجاري؟ وأجاب: لا يمكننا أبدا. صحيح لن ينتهي العالم بسبب عدم اليقين في السياسة التجارية. لكن سيكون هناك ثمن يجب دفعه. دون القدرة على التنبؤ، سيكون النمو وإيجاد فرص العمل أبطأ وأكثر هشاشة. وسيتم تأجيل كثير من قرارات الاستثمار والاستهلاك إلى أجل غير مسمى. كل هذا من شأنه أن يترجم إلى انخفاض الإنتاجية، وتناقص الإمكانات في المستقبل".
ولاحظ أزيفيدو "قد لا يبدو أن النمو المنخفض بشكل متواضع يحدث فرقا كبيرا من عام إلى آخر. لكن على مدى عقد من الزمان، من شأن الانخفاض أن يتراكم. وعلى مدى جيل واحد، ستصبح الفجوات هائلة. إن الآفاق الاقتصادية لأطفالنا وأحفادنا ستكون أسوأ بكثير مما كان يمكن أن تكون عليه".
وفي حالة حدوث إنكماش خطير، فالتكاليف القصيرة الأجل لعدم القدرة على التنبؤ في العلاقات التجارية سترتفع ارتفاعا حادا، ومن شأن الحكومات التي تقدم حوافز مالية ونقدية أن تغري بإضافة الحمائية إلى نموها، وأن تعزز التدابير، التي تقوض أهدافها الأصلية بلا شك، والنتيجة الجماعية هي إضعاف فعالية التدابير المتخذة لمكافحة الركود.
واستنتج أزيفيدو، "النظام التجاري متعدد الأطراف جدير بالإبقاء عليه. لكن هذا لا يعني الإبقاء عليه كما هو. هناك مجالات يمكن أن تتحسن. في الأعوام الـ25 التي انقضت منذ إنشاء منظمة التجارة، تضاعف حجم التجارة العالمية ثلاث مرات، وانخفضت الحواجز التجارية، وبلغت معدلات الفقر أدنى مستوياتها التاريخية".
وقال أزيفيدو، إن "العالم تغير بطرق لم يكن من الممكن تصورها، والجهات الفاعلة الرئيسة في الاقتصاد العالمي مختلفة، لديها نماذج اقتصادية مختلفة. يعود الجزء الأكبر من كتاب قواعد منظمة التجارة إلى جولة أوروجواي وهي قواعد قديمة، حيث اختتمت هذه الجولة في مراكش في نيسان (أبريل) 1994، قبل أربعة أعوام من تأسيس "جوجل". ما يعنيه ذلك بالنسبة لمنظمة التجارة هو أن المنظمة ستحتاج إلى التكيف كي تستمر ككيان فعال في الأعوام المقبلة. والتكيف مع الحقائق المتغيرة لن يكون ضجة كبيرة، بل عملية مستمرة ودائمة".
وأضاف: "كنت أقول منذ اليوم الأول، الذي توليت فيه منصبي في 2013: أن على النظام أن يقدم مزيدا وأن يقدم بشكل أسرع، ويجب أن تشمل قواعد المنظمة مزيدا من جوانب النشاط الاقتصادي عبر الحدود".
وتابع مدير منظمة التجارة "لقد فعلنا هذا. إذ يعد اتفاق تيسير التجارة المبرم في 2013 دفعة قوية للمعاملات العالمية، التي يمكن أن ترفع التجارة بأكثر من تريليون دولار. في 2015، اتفق الأعضاء على إلغاء إعانات الصادرات الزراعية، ما أزال تشويها كبيرا في التجارة الزراعية. في العام نفسه، وافقت مجموعة من نحو 50 عضوا لتوسيع اتفاقية تقنية المعلومات متعددة الأطراف، وخفض التعريفات على 1.3 تريليون دولار من الشاشات التي تعمل باللمس، ورقائق الجيل الجديد، ومعدات تحديد المواقع الجغرافية "جي بي إس" وغيرها من منتجات تقنية المعلومات، التي لم تكن موجودة في 1996.
وقال أزيفيدو، إن "هذه التغييرات مهمة، لكنها ليست كافية. نحن بحاجة إلى الذهاب إلى أبعد من ذلك، وما لم نفعل، فالمناطق الرمادية في القواعد التجارية ستستمر في التوسع، وستصبح علفا للتوترات".
وفيما يتعلق بنظام تسوية المنازعات المشلول، أقر، أزيفيدو، قائلا: بعض السياسات غير التقليدية والترتيبات الثنائية، التي نراها اليوم ما كانت لتنشأ لو فعلنا مزيدا لتحديث النظام. المأزق المتعلق بتسوية المنازعات مثال على ذلك. أعرب عديد من الأعضاء، وليس الولايات المتحدة وحدها، عن عدم رضاها عن الجوانب المختلفة لكيفية عمل هيئة الاستئناف. آمل أن يستغل الأعضاء الأزمة الحالية لإنتاج عملية تحكيم تجاري محسنة تقوم على أساس محكمتين.
وعن تطور منظمة التجارة، قال أزيفيدو: كان التطور وإعادة التجديد جزءا من النظام التجاري المتعدد الأطراف منذ إنشائه في الأربعينيات. لقد استوعب النظام أعضاء جددا وقضايا جديدة. ووجدت الحكومات طرقا جديدة وخلاقة للقيام بالأمور، من اتفاقات متعددة الأطراف تتعلق بالإعانات والسياسات غير التعريفية، إلى وضع قواعد في مجالات مثل الخدمات والملكية الفكرية. أعضاء المنظمة يتقدمون على جبهات متعددة بعيدا عن العناوين القاتمة. على الصعيد متعدد الأطراف، يعملون على التوصل إلى اتفاق يحد من إعانات مصائد الأسماك، ويسهم في صحة محيطاتنا. وهم ينظرون الآن في كيفية تحرير التشوهات في التجارة الزراعية والحد منها.
وقال هناك مجموعات من أعضاء المنظمة تستكشف القواعد المستقبلية المحتملة بشأن تيسير الاستثمار، والتجارة الإلكترونية، والأنظمة المحلية التي يمكن أن تعرقل تجارة الخدمات دون داع. ووصف هذه الجهود بأنها "تقع في صميم اقتصاد القرن الـ21، وتمثل ثورة هادئة في الطريقة، التي تتفاوض بها الحكومات في منظمة التجارة".
وقال: للأعضاء الآخرين ذوي التفكير المماثل الحرية في متابعة هذه القضايا، ولا أحد مجبر على الاشتراك في أي شيء لا يريد الانضمام إليه. على سبيل المثال، تجمع محادثات التجارة الإلكترونية بين 82 عضوا، يمثلون نحو 90 في المائة من التجارة العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي. من شأن وضع قواعد مشتركة للتجارة الإلكترونية أن ييسر المعاملات الإلكترونية والتجارة الرقمية.
..
f]ul rh]m «hguavdk» >> «lk/lm hgj[hvm» j,h[i j,su hglkh'r hgvlh]dm ,hgj,jvhj fjyddvhj j]ul
f]ul rh]m «hguavdk» >> «lk/lm hgj[hvm» j,h[i j,su hglkh'r hgvlh]dm ,hgj,jvhj fjyddvhj hgj[hvm» hgvlh]dm fjyddvhj j]ul j,h[i j,su ,hgj,jvhj «lk/lm «hguavdk»
إنتسابي ♡
بدعم قادة «العشرين» .. «منظمة التجارة» تواجه توسع المناطق الرمادية والتوترات بتغييرات
العرض الشجري
