محمد بن القاسم بن محمد بن الحكم الثقفي بطل إسلامي عظيم فتح البلاد وهو بعمر الـ١٧ عامًا فقط ..!! ولد عام ٧٢هـ في الطائف
هو قائد أحد جيوش الفتح الإسلامي ومشهور بكونه فاتح بلاد السند ، ووالده هو ابن عم الحجاج بن يوسف الثقفي كانت بلاد السند "باكستان حاليًا" هدفًا للفتوحات الإسلامية منذ أيام عمر بن الخطاب وأيام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم جميعًا لكن لم يتم فتحها لعدة أسباب ...
لما تولى الحجّاج ولاية العراق جعل من أولوياته فتح بلاد السند وقد رأى أن هذا الفتح لن يتم إلا بجيش على رأسه قائد شجاع ، وبعد بحث وقع الاختيار على محمد بن القاسم وكان وقتها في السابعة عشر من العمر فقط ، وكان ذلك سنة٨٩هـ وقد كان السبب الرئيسي لفتح السند أنه في سنة٨٨هـ استولى قراصنة
من بلاد السند على سفينة كانت متجهة للعراق وفيها نساء مسلمات ، ورفض ملك السند الإفراج عن النساء المسلمات والسفينة واعتذر عن ذلك بحجة أن الذين خطفوا السفينة لصوص لا يقدر عليهم .
فبعث الحجاج حملتين على الديبل ، الأولى بقيادة عبيدالله بن نبهان السلمي ، والثانية بقيادة بديل البجلي ، ولكن الحملتين فشلتا ، بل قُتل القائدان على يد جنود السند ...
عندها قرر الحجاج فتح بلاد السند كلها ،وقد وقع اختياره على محمد بن القاسم الثقفي ليقود الجيش المتجه إلى بلاد السند ، واشترط الثقفي عدة شروط منها: ١/أن يكون الجيش كامل التجهيز والإعداد حتى لا تتوقف سيرة الفتح ٢/أن يرافق الجيش البري أسطول بحري ليكون الهجوم مزدوجًا وفي إتجاهين
ووافق الحجاج على طلباته . عندها تحرك محمد بن القاسم بجيشه إلى مدينة "الدبيل" أحصن مدن السند لفتحها ، وفي الطريق إليها فتح مدن وديار أخرى ثم واصل السير حتى نزل على مدينة "الدبيل" ، ووافاه الأسطول بآلات الحصار ومنها المنجنيق وضُرِب الحصار الشديد على المدينة حتى تم فتحها .
وبعد فتح أحصن مدن السند ، واصل محمد بن القاسم سيره ، فكان لا يمر على مدينة إلا فتحها وهدم معابد الوثنية والبوذية بها وأقام شعائر الإسلام وأسكنها المسلمون وبنى المساجد .
كانت الأخبار قد وصلت إلى ملك الهند الوثني "داهر" فاستعد للقاء المسلمين بجيوش كبيرة ومعه الفيلة ، وتقابل وجهًا لوجه مع محمد بن القاسم وجنوده ، ودارت معركة عظيمة قُتل فيها "داهر" وبمقتله أدرك المسلمون ثأرهم وانفتحت أمامهم بلاد السند على مصراعيها
وقد قامت امرأة "داهر" بحرق نفسها هي وجواريها ، ووقعت "صيتا" ابنة داهر في الأسر . وبعد مقتل "داهر" واصل محمد بن القاسم سيره ليحقق الهدف الأكبر والأبعد وهو فتح بلاد السند كاملة ، ففتح المدينة تلو المدينة .
في هذه الفترة مات الحجاج ، ولكن هذا لم يضعف عزم ابن القاسم عن مواصلة الفتح حيث أصبح الطريق مفتوحًا إلى بلاد الهند ، وبالفعل بدأ في فتح مدن الهند ، وبدا للجميع أن محمد بن القاسم لن يرجع حتى يفتح بلاد الهند أيضًا ولكن حدث تطور مأساوي سريع في حياة محمد بن القاسم ،ومأساة بطل عظيم !💔
بدأت فصول هذه المأساة والمحنة العظيمة عندما توفي الخليفة الوليد بن عبدالملك وذلك سنة ٩٦هـ وتولى مكانه أخوه سليمان بن عبدالملك وكان شديد الكُره للحجاج ، فلما تولى الخلافة قام بتعيين واحد من أشد خصوم الحجاج وهو صالح بن عبدالرحمن أميرًا على العراق فقام هذا الرجل بعزل كل رجال الحجاج
من مناصبهم ومنهم محمد بن القاسم أمير السند وفاتحها ، وعين مكانه يزيد السكسكي ، ولما وصل نبأ العزل لابن القاسم حاول البعض إقناعه بالعصيان والانفراد بهذه البلاد البعيدة عن مركز الخلافة ، فرفض ذلك حتى لا يؤدي فعله إلى تفرق المسلمين ،ووافق على قرار العزل مع قدرته على المقاومة .
ولما عُزل من منصبه وعلمت "صيتا" ابنة داهر أن أيام ابن القاسم قد ولّت ، أرادت أن تدرك ثأرها لأبيها وتشفي غليلها فتقدمت للوالي الجديد "يزيد السكسكي" بشكوى ادعت فيها أن محمد بن القاسم قد اغتصبها بالقوة بعد وقوعها في الأسر ولأن التهمة كبيرة قرر الوالي الجديد القبض على محمد بن القاسم
وإرساله إلى والي العراق "صالح بن عبدالرحمن" للتحقيق ، وبالفعل حُمِل محمد بن القاسم مُقيدًا بالأغلال إلى العراق ، فأنشد قائلًا : أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر 💔
كان والي العراق الجديد شديد الكراهية والبغضاء للحجاج الثقفي ، فأراد أن يُدرك ثأره من الحجاج وذلك بالانتقام من أقربائه حيث قام بحبس محمد بن القاسم في السجن ، وأمر بتعذيبه حتى يعترف بارتكاب هذه الجريمة التي افترتها عليه الوثنية "صيتا" ، ومحمد بن القاسم يقسم أنه بريء
ويصر على ذلك ، ويظل محمد بن القاسم صامدًا تحت التعذيب مستمسكًا ببراءته وطهارته ، حتى جاءت اللحظة الحزينة التي مات فيها مظلومًا شهيدًا إن شاء الله وعمره لم يتجاوز ٢٤ عامًا !!💔😔 وذلك في عام ٩٦هـ وقيل ٩٨هـ
وتنطفيء بعد موته شمعة لو قُدِّر لها البقاء لصارت شمعة مُحرقة لأعداء الإسلام ولفتح المسلمون الهند التي تأخر فتحها بعد ذلك بعدة قرون . 📚 السلسلة مأخوذة من عدة مصادر منها : الكامل في التاريخ لابن الأثير وغيرها