كم من علاقات تفككت وأرحام قطّعت كان سببها سوء الظن بالآخرين ، فهناك من يتسرع في إصدار الأحكام على الناس دون تثبت أو من غير بينة على ذلك . وهذه الآفة غالبا ما تبنى على تفسيرات خاطئة لسلوك الغير ولا يسندها غير الوهم والشك ، وإن خيّم سوء الظن في نفس احدهم تصبح عيشته كدر وهم وغم ولا يدري في أي اتجاه يسير.
في إحدى الليالي جلست سيدة في المطار لعدة ساعات في انتظار رحلة لها ، وأثناء فترة انتظارها ذهبت لشراء كتاب وكيس من الحلوى لتقضي بهما وقتها ، وفجأة وبينما هي متعمقة فى القراءة ادركت ان هناك شابة صغيرة قد جلست بجانبها واختطفت قطعة من كيس الحلوى الذي كان موضوعا بينهما ، قررت ان تتجاهلها في بداية الأمر ، ولكنها شعرت بالانزعاج عندما كانت تاكل الحلوى وتنظر في الساعة بينما كانت هذه الشابة تشاركها فى الأكل من الكيس أيضا ، حينها بدأت بالغضب فعلا ثم فكرت في نفسها قائلة : لو لم اكن امراة متعلمة وجيدة الأخلاق لعلمتها الادب ، وهكذا في كل مرة كانت تأكل قطعة من الحلوى كانت الشابة تأكل واحدة ايضا ، ويستمر الامر والسيدة متعجبة مما تفعله الفتاة ، ثم ان الفتاة وبهدوء وبابتسامة خفيفة قامت باختطاف آخر قطعة من الحلوى وقسمتها الى نصفين ، فأعطت السيدة نصفا وأكلت هي النصف الآخر . أخذت السيدة القطعة بسرعة وفكرت قائلة : يالها من فتاة لا تعرف الأدب ولا الذوق ! حتى أنها لم تشكرني ! وبعد ذلك بلحظات سمعت الاعلان عن حلول موعد الرحلة فجمعت امتعتها وذهبت الى بوابة صعود الطائرة دون ان تلتفت وراءها الى المكان الذي تجلس فيه السارقة عديمة الذوق . وبعد ما صعدت الى الطائرة واستمتعت بجلسة جميلة هادئة أرادت وضع كتابها الذي قاربت على انهائه في الحقيبة ، وهنا صعقت بالكامل حيث وجدت كيس الحلوى الذي اشترته موجودا في تلك الحقيبة ، بدأت تفكر : ياالهي لقد كان كيس الحلوى ذاك ملكا للشابة وقد جعلتني أشاركها به ، حينها أدركت وهي متألمة بأنها هي التي كانت غير مؤدبة ، وسارقة أيضا.
حسن الظن راحة للفؤاد وطمأنينة للنفس وهكذا كان دأب السلف الصالح رضي الله عنهم:
لما مرض سليمان بن عبد الملك وشعر بدنو أجله كان يفكر في استخلاف عمر بن عبد العزيز اميرا على المؤمنين ، وكان يعرف من اخلاقه ما يؤهله لهذا الامر ، الا أنه قبل ان يكتب وصيته بذلك كان يرغب في ان يتعرف على سيرة الرجل داخل بيته وبين أهله ! فدعى اليه الرجل الصالح رجاء بن حيوة وطلب منه أن ينزل ضيفا على عمر بن عبد العزيز لكي يتعرف على أخلاقه عن قرب ، فستأذن ابن حيوة عمر للاقامة في بيته بضعة ايام كان خلالها يتحين الفرص ويسترق السمع من داخل البيت ليعرف سلوك الرجل مع اهله ، وذات يوم اكتشف عمر ان رجاء بن حيوة يتجسس عليه في بيته فتضايق عمر من الامر ولكنه صبر وفوض امره لله وظن بالرجل خيرا وكتم ذلك في نفسه . وفى احدى الليالى استيقظ رجاء بن حيوة من نومه وطلب من عمر ان يسمح له بالانصراف ومغادرة البيت على الفور وذلك بعد أن شكره على حسن الضيافة ، فانطلق الرجل الى امير المؤمنين سليمان بن عبد الملك وأخبره عن سيرة الرجل داخل بيته وفى خلوته بانها أفضل منها في علانيتها . وانه في الليلة التي استيقظ فيها من نومه وطلب الأذن بالانصراف قد رأى رؤية تبشر بقدوم عمر خليفة للمسلمين ، فقد رأى الخلفاء الأربعة ومن بعدهم عمر بن عبد العزيز يأتون واحدا بعد الأخر مكبلين بالأغلال ثم يقفون امام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنفك عنهم أغلالهم . وبعد ان قضي أمير المؤمنين صعد رجاء بن حيوة المنبر وأخبر الناس باختيار عمر بن عبد العزيز أميرا للمؤمنين ، ثم انه بعد ذلك قدم إلى عمر واخبره عن قصة مجيئه الى بيته ونزوله عند ضيفا ذات يوم ، انه كان بأمر أمير المؤمنين. فسر عمر وحمد الله وأثنى عليه انه ظن بأخيه خيرا ولم يتعجل الحكم عليه.
"قالت مساء النور يا كل الحضور
قلنا : مساء الذوق يا نور المسـاء
مثل القمر شوفتك بأنصاف الشهور
يا شيخة الترفات من كل النساء !!
منذ ان ادخلتك قلبي واقتحمت انت حياتي
اغلقت عيناي عن جنس ادم جميعهم
اصبحت امُـثّـل مقولة ( لا اسمع لا ارى لا اتكلم ) امامهم
اراهم مجرد خيالا لا يجذبني ولا يستهويني شيئا منهم ..
آخر تعديل شيخة الجنوب يوم
24-11-2019 في 12:15 AM.
2 أعضاء قالوا شكراً لـ شيخة الجنوب على المشاركة المفيدة: