إتَّخذتُ مقعداً في زاوية من زوايا المقهى وكانت أذنيّ مصغية للأحاديث الّتي تدورُ حول ؛ لقد فتحنا البلاد من مشارقِ الأرض إلى مغاربها .! ثمّ يتناهى إليَّ من الجانب الآخر
إتَّخذتُ مقعداً في زاوية من زوايا المقهى وكانت أذنيّ مصغية للأحاديث الّتي تدورُ حول ؛ لقد فتحنا البلاد من مشارقِ الأرض إلى مغاربها .!
ثمّ يتناهى إليَّ من الجانب الآخر في المقهى رجلٌ يقول :
-هل سمعتُم عن وفاء السموأل؟ وكيف إفتدى إبنه دون أن يعطي الأمانة الّتي اؤتِمَن عليها؟
فيجيبهُ رجلٌ آخر :
-لابُد أنَّ الجمع يا أبا عواد قد سمعوا أيضاً عن معركة ذي قار وكيفَ إتَّحَدَت قبائل الغرب ضدّ الغزو الفارسي فهزمتهم شرَّ هزيمة؟
فيقول رجُل وهو يلعب بشاربيهِ الضخمتَين :
-بما أنَّ الشيء بالشيء يُذكر لقد إتّحَدَ العرب أيضاً قبل هذهِ المعركة ضدّ الفرس عندما أراد الملك الساساني أن يتّخذ ليلى العفيفة زوجةً له فهزموهم وإسترجعوا ليلى من بلاد فارس بعد أسرها يا لهُ من زمن .!
وفي لحظةٍ غير منتظرة قال شاب يجلسُ في آخر ركن في المقهى
-اللعنة على أنظمتنا الفاسدة ، لقد كنّا أناساً تهابهم الأباطرة حتّى وكّلت مقاليد الحكم بيدِ الحمقى !
فصمت الجمع وسادَ صمتٌ غريب في المقهى وإلتفت الجمع إلى صاحب هذهِ الكلمة وراحوا ينظرونَ إليهِ بأعينٍ تستحوذُ عليها الدهشةُ والحيرة .!
فقالَ لهُ صاحب الشاربينِ الّتي تغطّي نصف وجهه
-صه ، اسكت ، دعنا نأكل الخبز ونعيش بخير
وقال له أحدهم من جانبٍ آخر :
-أما تخاف يا فتى أن تتفوّه بهذا الكلام !؟
فقال الفتى بريبة :
ماذا فعلت؟ هل لعنت إماماً عادلاً؟ هل إبتعتُ النفط الَّذي يجري في الانابيب إلى بلاد الغرب بينما أطفالنا يمشون عليها؟
هل خدعتُ الجوعى بالخبز اليابس؟ والماء الكدِر؟ ماذا فعلت سوى أن لعنتُ من يستحقّون اللّعنة ؟!
وغادر الشاب وقهوتهُ لا زالت حارّة على الطاولة
لقد توفّي الشاب يوم غدٍ بسبب حادث مرور -رحمه الله-
اختيار رائع
سلمت يمناك عَ الطرح المميز
كل الشكر وَ التقدير لك
يعطيك العافية
/
يومًا ما سنلتقي .. في ابريلٍ دافىء أو نوفمبرٍ خريف أوراقه تملأ أرصفة طرقات العابرين ..يومًا ما ستزهر الحياة من جديد و كأنها تزور ربيع داخلنا للمرة الأولى ، ستتلاشى آلام البِعاد و يصير الخيال واقًعا و الأمان رفيقًا و الكلمات ثرثرة لا نهاية لها .. يومًا ما سيحل لقاء حتمي و أبدي لا نهاية لميقاته .