يقول أحدهم:
أعمل بأحد المستشفيات،
وقاربت فترة دوامي على نهايتها.
أبلغني المشرف أن شخصية إقتصادية مهمة وغني كبير ملياردير يعمل بالأسهم قادم للمشفى، و عليَّ استقباله وإكمال إجراءات دخوله !!
انتظرت عند بوابة المستشفى، وراقبت من بعيد سيارتي القديمة جدا، و تذكرت خسائري الكبيرة، وبيتي الأجرة، وأقساطي المتعددة !!
وعندها وصلت سيارة فارهة جداً لتُكمل مأساتي،
حيث حضر الشخصية المهمة بسيارة أعجز حتى في أحلام المساء أن أمتلك مثلها،
يقودها سائق يرتدي ملابس أغلى من ثوبي الذي أرتديه !!
دخلت للحظات في دوامة التفكير في الفارق بين حالي و حاله، مستواي و مستواه، شكلي وشكله،
وقلت كلمة بكل حُرقة وأنا أنظر إلى سيارتي الرابضة كالبعير الأجرب :
( هذه عيشة ) ؟!
المهم، سبقته إلى مكتبي وحضر خلفي، وكان يقوده السائق على كرسي متحرك، رأيت أن رجله اليمنى مبتورة من الفخذ، فاهتّزت مشاعري
وسألته: عندك مشكله في الرجل المبتورة ؟
أجاب : نعم
قلت :لماذا حضرت ياسيدي ؟
قال : عندي موعد تنويم
قلت : و لماذا ؟
فنظر إليَّ وكتم صوته من البكاء، وأخفى دمعته بثوبه وقال:
(ذبحتني الغرغرينا) وموعدي هو من أجل ( بتر ) الرجل الثانية !!!!!!!
عندها أنا الذي أخفيت وجهي و بكيت بكاءً حاراً، ليس على وضعه فحسب، بل على كُفر النِعمة الذي يصيب الإنسان عند أدنى نقص في حاله !!
ننسى كل نِعَم المولى في لحظة، و نستشيط غضباً عند أقل خسارة.
هل أصبح مؤشر الأسهم ليس للأسهم فقط، بل لقياس مدى إيماننا الذي يهبط مع هبوطه ؟!
تحسّست قدماي و صحتي فوجدتها تساوي كل أموال وسيارات العالم ..
وهذا غيضٌ من فيض نِعَم الله علينا .
عبدالله:
عوِّد نفسك على شكر النِعَم المألوفة، حاول أن تشكر على النِعَم التي لو تبدلت واحدة منها لكانت حياة الإنسان جحيماً لا يطاق.
عوِّد نفسك إذا استيقظت صباحاً تتمتع بحواس تامة، وبقوة، وبأجهزة سليمة أن تقول:
(( يا ربّ، لك الحمد ))
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«من أصبح منكم آمِناً في سِربه، معافىً في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا »