أطفأ التلفزيون ثم أنوار صالة شقته وتوجه لغرفته ... رغم أن
الوقت كان مبكراً للنوم ... غير أن الملل بدأ يَدُبُّ في فكره تاركاً كل
شيء للصبح فلا وجبته السريعة قد تناولها ولا قهوته ذاقها
وما إن تمدّد على السرير حتى أمسك جواله يتأمل جديد الرسائل
التي وصلته عبر الواتس وقبل أن يطفيء جواله ... جاءه
إتصال من زميلٍ في العمل ... وردّ عليه: أهلاً معاذ ... أهلا يا
صديقي أريد مقابلتك ... متى؟! ... الآن وفي المقهى الذي إجتمعنا
فيه قبل أيام ... نظر إلى ساعته فوجدها 8 مساء .. قام متثاقلاً
وتوجه للمقهى ... وقابل صديقه وجلسا يتحدثان في كل شيء ...
فسأله هشام عن فكرة زواجه من ديمه ... هنا تغيّرت ملامح معاذ
وقال: لقد ناديتك لأجل ذلك ... وأخذ يقصّ عليه أنه تقدّم لوالدها
ورفضه الأخير حين علم أنه بلا وظيفه ... ثم نظر معاذ لهشام
وقال له: ليست الوظيفة هي المشكله ؟! بل وقعت في يديه أوراق
الشعر الذي كتبتها لها وعلم أنه أنا وثارت ثائرته وكيف لي أن
أحبها وأقول فيها أبيات شعر ... إلا إذا كان هناك سابق معرفه
بيننا وحين أخبرته أنه لا يوجد أي تواصل قال : كيف إذاً وصلتها
تلك الأوراق ... ثم قال تناول يا بني قهوتك وارحل من هنا ....
قال له هشام : وما أنت فاعل ؟! ... لا أستطيع العيش بدونها
وسأغادر للدراسة خارج المملكه ... وأرجوك لا تخبر أحداً بذلك
... لِمَ يا معاذ ؟! ... لا تخبر أحداً وبس!! ... كما تشاء ... وما إن
غادرا حتى إنقطع التواصل بينهما ... وكثيراً ما إتصل به هشام
فوجد رقم الهاتف غير صحيح ... ومضت الأيام ... وفي يوم من
الأيام جاءه إتصال برقم جديد: السلام عليكم ... وعليكم السلام
الأخ هشام ؟! ... نعم يا سيدتي (يا إلهي ما هذا الصوت العذب)
هل عرفتني؟! ... لا يا سيدتي ... أنا ديمه ... هل تعرف هذا
الأسم ؟! ... خطيبة معاذ ؟! ... لم أعد كذلك وأعتذر للإتصال بك
لكن معاذ أعطاني رقمك يوماً وقال إحتفظي به لعله يخبرك عني
في حال إنقطعت أخباري عنك ... أين صديقك؟! لقد إتصلت به
مراراً لكنه هاتفه مفصول ... أنا مثلك يا سيدتي ... بمجرد أن
غادر السعودية للإبتعاث حتى قطع علاقته بي ... وبدا الإثنان
يحاولان تنبيه كل طرف منهما أن يتم إبلاغه في حال عودة معاذ
ودعته وأغلقت السماعه ... وبقى يسترجع نبرات صوتها العذب
ويتحدث إلى نفسه ... (كم أنت محظوظ يا معاذ) ثم إستغفر الله
على إستطعامه لنبرات صوتها وتلذذه بكلماتها رغم أن الكلمات
لا تعدو كونها أسئله وإجابات ... ومضى زمن يتمنى أن يسمع
صوتها مجدداً ... حتى جاء ذلك المساء فاتصلت به ... وكان قد
عاهد نفسه ألا يسمح لنفسه أن يطيل معها ... فأعادت سؤالها
المعهود ... وكانت إجابته طويلة جداً بأنه تحدث مع أحد أفراد
عائلته وسأله عن معاذ فأخبره بأنه سيعود قريباً لأرض الوطن
وبدأت تسأله عن دراسته ولماذا سافر ومتى يعود وبأي شهاده
كل ذلك جعله لا يستطيع مقاومة نبرات صوتها العذب ويطيل في
حديثه معها وأخذ يذكر لها مواقفه الطريفة مع صديقه وهنا شعر
بشيء يهز كيانه من ضحكاتها الجميله وأخذ يسترسل بإضحاكها
لعله يسعدها فتختفي نبرات حزنها لفقد صاحبه الذي أحبته كثيراً
وفي نهاية المكالمة ودّع كلاهما الآخر متعاهدين بعدم التمادي
في التوسّع بحديثهما والإكتفاء بالسؤال عن معاذ ... لكن هشام
لا يستطيع نسيان نبرات صوتها ولذة البحّة فيه وحتى ضحكها
وطالت مدة صمتهما وتردد هشام كثيراً في الإتصال بها رغم ما
يجرفه قلبه نحوها إلى درجة أن قلمه بدأ يكتب عن الحنين والحب
المفقود والرحيل وبدأت ديمه تتصفح أوجاعه في تويتر وكم تود
الحديث معه لولا العهد بينهما وإدراك أن الطرف الآخر يتمنى ألا
يكون هو البادئ ... وفي يوم إتصل هشام بمعاذ ورد الأخير عليه
بشئ من التجاهل ورغبة نسيان العلاقة بينهما ... فكان هذا بمثابة
الجرح القاسي على قلب هشام ولم يدرك بعد كل هذا الإنتظار أن
يجد هذه المعاملة من معاذ ... ولما أراد الإتصال بها واختار وقتاً
مناسباً تستطيع الرد عليه ... ومجرد ما ردت عليه حتى قالت:
إنتهى ما بيننا في أمان الله ... وأغلقت الهاتف ... ما الذي حدث
وأخذ يعاتب نفسه سنين طوال ... كيف له أن يقتحم حياة إثنين
يحبان بعضهما البعض أو ربما لا يريدون أن يكون هناك أي
تواصل بين أطراف الثلاثي ... وبدأ هشام يقسو على نفسه بعد
ذلك الإتصال ... ودارت الأيام ووصلته رساله بوفاة معاذ في
حادث سياره من أحد أصدقاءه ... وكاد هذا الخبر أن يقلب حياته
وبعد فتره يجد في إحدى فواتير الهاتف رقمها فحاول الإتصال بها
بين الحين وأختها حتى جاءته تلك الرسالة منها ألا تتواصل معي
بعد الآن أنا إنسانه متزوجه ولي إبنتين ... فمضى في سبيله يدعو
لها بالتوفيق وأن يبارك في إبنتيها ... ولا يزال يبحث عمن يؤكد
له خبر وفاة معاذ ... ولا يزال قلمه ينزف وجعاً من الماضي.
إنتهت القصه ... تحيتي لكم
lhqS >>>> gk du,] (pwvd frgld) l, frgln dEv] dukd
lhqS >>>> gk du,] (pwvd frgld) l, frgln dEv]