ويبدو
التكامل في التشريع القرآني من خلال صلته المتلازمة بين العقيدة والعبادة والشورى
كما قال تعالى: {والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون}
إخوتى ...
لقد امتاز التشريع القرآني بمنطلقات ومبادئ وأهداف عظيمة، جعلت منه دستورا خالدا،
صالحاً لكل زمان ومكان، محققاً للحياة السعيدة المزدهرة التي كانت البشرية ومازالت تسعى لتحقيقها
بعزم ومضاء، وبما أوتيت من قدرات وطاقات، تتعثر أحياناً وتسرع أخرى،
على حسب قربها وبعدها من هذا المنهج الخالد.
وأهم السمات التي تميزت بها الشريعة السمحة:
1- الإيمان جوهر التشريع القرآني
يعتبر الإيمان بالله تعالى، والشعور بقدسية الدين، والإقرار بتشريع القرآن، جوهرَ التشريع والحياة في المجتمع المسلم،
القائم على أساس الدين في تصوراته وتحركاته وغاياته،
فالمؤمن بشريعة القرآن يؤمن بوجود الله تعالى القادر المسيطر على هذا الكون،
ويؤمن بيوم الحساب والجزاء، ويؤمن بأن الدنيا مزرعة الآخرة، فهو يرهب الله ويخشاه ويراقبه في السر والعلانية،
ليل نهار، صباح مساء،
فلا يعمل إلا بما يرضي الله سبحانه، شعاره بين عينيه ( إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي )،
فلا يخون العهد والأمانة، ولا ينحرف عن جادة الاستقامة.
وشعلة الإيمان بالله رباً وبالقرآن دستوراً ومنهجاً تملأ النفس بالراحة والطمأنينة،
وتنير الطريق أمام المؤمن، وتعصمه من الانحراف والضياع، إن تكلم فبالله،
وإن أراد فلله، وإن عمل فبقوة الله، يؤدي واجبه خير الأداء، ولا يتعدى على حقوق الآخرين.
والإيمان بشريعة القرآن يحقق الخير للجميع، دون بغي أو عدوان، ويكفل حرمة الحقوق،
ويسعد الفرد والجماعة، ويؤدي إلى الرخاء والاطمئنان.
ولو قلبنا صفحات التاريخ لوجدنا أن أسلافنا ما سعدوا في حياتهم الدنيا إلا لَمَّا....
اصطبغت أرواحهم بجوهر الإيمان الحقيقي،
وأجسادهم بجوهر السلوك الإنساني الرفيع، فسعدوا وأسعدوا، وتعلَّموا وعلَّموا،
فكانوا للناس خيراً وبِشْراً وحبورا.
وإذا وجدنا في مجتمعنا نوعاً من التخلف، أو فساداً في الأخلاق، فما ذاك إلا لضعف الإيمان فينا،
واختلال العقيدة عند الكثيرين منا، وضعف أثر الدين على النفوس،
وإذا ما أردنا أن نعود إلى مجدنا وعزنا، فما علينا إلا أن نعود إلى جوهر القرآن
ألا وهو الإيمان بالله تعالى، وتطبيق شرعه وفق ما أراده منا وعلى أكمل وجه.