عن عدي بن حاتم قال: كان لي عسيف - أجير - يقال له حابس بن دغنة، فبينا أنا ذات يوم بفنائي إذا أنا به مروع الفؤاد، فقال: دونك إبلك، فقلت: ما هاجك؟ قال بينا أنا بالوادي إذا بشيخ من شعب جبل تجاهي كأن رأسه رحمة - طائر كبير الحجم - فانحدر عما نزل عنه العقاب، وهو مترسل غير منزعج حتى استقرت قدماه في الحضيض، وأنا أعظم ما أرى فقال:
لا تعرضن بقلبك الوساوس هذا سنا النور بكف القابس فاجنح إلى الحق ولا تدالس
قال: ثم غاب فروحت إبلي، وسرحتها إلى غير ذلك الوادي، ثم اضطجعت، فإذا راكب قد ركضني، فاستيقظت، فإذا هو صاحبي وهو يقول:
يا حابس اسمع ما أقول ترشدِ
ليس ضلول حائر كمتهدي لا تتركن نهج الطريق الأقصدِ قد نسخ الدين بدين أحمد
قال: فأغمى والله عليَّ، ثم أفقت بعد زمن... ثم قال: يا عدي قد امتحن الله قلبي للإسلام، ففارقَني فكان آخر عهدي به.
[1] الإصابة في تمييز الصحابة [رقم 1358 - باب الحاء بعدها الألف].