إخوة في منزل واحد، يكبرون سوياً، ويأكلون نفس أطباق العشاء، يتوارث الصغير ملابس الأكبر!
يتشاجرون تارة ويلعبون تارة أخرى..
ثم يكبرون..
ونسمع أخبارهم يختصمون في المحاكم
أيُعقل!
وتتوالى الأخبار
عن عمٍ لا يسأل عن أبناء شقيقه المتوفى
وعن إخوة لا يتشاركون سوى في اسم العائلة فقط
أو عن أخ لا يتمنى الخير لأخيه على أقل تقدير
أعتقد أن تداول أخبارٍ كتلك من حولنا -بكل أسف- جديرٌ بأن يجعل الوالدين يعيدان التفكير في غرس ثقافة "الأخوّة الحقّة" منذ نعومة الأظافر.
ما زلت أذكر فيلماً كارتونياً أحببته في طفولتي بعنوان "أنا وأخي" لأخٍ يعتني بأخيه، ويربيه بكل حب واهتمام بعد وفاة والدتهما.
كم نحتاج لإعادته اليوم في شاشاتنا..
ففي أيامنا هذه لا أسمع سوى عن أبطالٍ خارقين وقصص خيالية لا قيم فيها ولا دروس.
عزيزتي الأم
عزيزي الأب
عزيزي المربي
عندما تقارن بين أخوين باستمرار؛ فأنت لا تزرع بذور التنافس والحسد بينهما فحسب؛ بل تؤصل الكره والضعينة.
وعندما تفضل أحد أبنائك وتعلن ذلك صراحة من خلال أفعالك أو أقوالك؛ فأنت قد أشعلت نيران الفرقة بنفسك.
وعندما تعطي طفلك شيئاً ثم تقول: "خذ مية.. بس لا يشوفها أخوك"؛ أنت تعلمه أول درسٍ في التفرقة والتعدي على حقوق الأخوّة.
مواقف صغيرة كتلك نزرع بها بذوراً تكبر مع الزمن
وتنتج مفهوماً بأن الأخوة غير مهمة.
ثم نستنكر كيف انتهى بهم الحال كباراً؟!
وننسى تلك المواقف الصغيرة التي فتحنا بها أول بوابة للشيطان لينخر في صدورهم التباغض والتنافس والهجران.
إذن ما هو دورنا؟
ومتى يبدأ؟
منذ لحظة الولادة يمكن للأم أن تجعل وليدها عزوةً لأخيه، أو عدواً لدوداً يفكر كيف يتخلص منه.
فدور الأم والأب هو تعزيز المواقف الصغيرة اليومية بين الإخوة وهم صغار، حتى يكبروا متحابين متآزرين كالبنيان المرصوص، لا يفرقهم ريال ولا درهم ولا منصب ولا دنيا.
"الحمد لله، إخوانك محظوظين إن عندهم أخ حريص عليهم مثلك".