في السابع عشر من مارس عام 1892 ولد سيد درويش البحر بمنطقة كوم الدكة بالاسكندرية لأسرة فقيرة كانت تحلم لمولودها الجديد أن يصبح شيخا أزهريا معمما..وكان هذا الحلم وهو أن
في السابع عشر من مارس عام 1892 ولد سيد درويش البحر بمنطقة كوم الدكة بالاسكندرية لأسرة فقيرة كانت تحلم لمولودها الجديد أن يصبح شيخا أزهريا معمما..وكان هذا الحلم وهو أن يصبح هذا الطفل الصغير الذي بدا منذ طفولته ألمعيا في الكلام والحديث وحسن الصوت شيخا يقرا القرآن ويخطب الجمعة هو هاجس هذه الاسرة الفقيرة الدائم .. كانت امه ربة بيت بسيطة اسمها ملوك وكان أبوه نجارا ادخل ابنه معهدا دينيا بالأسكندرية تعلم فيه القراء والكتابة وحفظ القرآن .. وحين بلغ العاشرة من عمره انهى سيد دراسته الاولية بالمعهد واشترى له والده جبة زرقاء وقفطانا وعباية وحين لبسها سيد أطلقت أمه زغرودة ومنحه ابوه وامه وجيرانه لقب الشيخ سيد ليرتبط به طوال حياته
في تلك الفترة – وهوفي سن العاشرة- اعجب الشيخ سيد بمغن سكندري اسمه الشيخ حسن الازهري كان يحيي الموالد والافراح وكان يذهب خلفه في المناسبات العديدة التي كان يحييها واخذ يقلده في الغناء ما أثار غضب والده عليه وهو الذي كان يريد لابنه أن يصبح شيخا وقارئا للقرآن لا مغنيا
صدفة المقهى ورحلة الشام
في عام 1908 تزوج الشيخ سيد وهو في عمر السادسة عشرة ووأنجب ابنه محمد البحر والد الفنان ايمان البحر درويش عام 1909 وكان أحيانا يؤدي بعض الاغاني في عدد من الصالات والمواخير الغير معروفة وكان غالبا ما يتعرف فيها على بعض النساء اللائي الهمنه بعد ذلك كثيرا من أغانيه الخالدة.. لكن الشيخ سيد في تلك الفترة كان يغني غناء اليائس الذي يعرف انه لن يبارح تلك المنطقة المتواضعة أن يغني فقط من أجل قروش قليلة يستعين بها على ظروفه الصعبة كان يفعل ذلك وهو يعمل في مهنة عامل البناء
لحلاوة صوته وعذوبته وجماله كان المقاولون الذين يعمل الشيخ سيد معهم كعامل بناء يتركونه يغني فيبعث جوا من السعادة لباقي العمال فيقبلون على العمل بهمة وحماسة فكأن وظيفته كانت هي الغناء لزملائه لا أن يشاركهم أعباء نقل مواد البناء ورفعها وما شابه من أعمال .. وفي بناء إحدى العمارات السكنية التي كان يقع قريبا منها- وللصدفة الجميلة في حياة الشيخ سيد وفي تاريخ الفن العربي – مقهى تصادف أن كان يجلس فيه أثناء غناء الشيخ سيد رجل سوري يدعى أمين عطا الله كان شقيقه سليم صاحب فرقة مسرحية .. سمع الشيخ سيد وانبهر بصوته الجميل وقام من المقهى وذهب إلى العمارة التي تجري بها أعمال البناء وقابل الشيخ سيد واتفقا على أن يأتي بشقيقه سليم ليسمعه في اليوم التالي
وفي الموعد المحدد جاء امين عطا الله بصحبة شقيقه سليم وسمعا سيد درويش ولم يكن اعجاب سليم بصوت الشيخ سيد أقل من إعجاب أخيه واتفق الشقيقان مع الشيخ سيد على أن يصحبهما مع فرقة سليم عطا الله المسرحية إلى الشام..وهو ما حدث بالفعل
رافق سيد درويش الاخوين عطا الله إلى الشام مغنيا لفرقتهما المسرحية واستمر هناك تسعة اشهر لم يحقق فيها ما كان يرجوه من نجاح ذلك ان جمهور الشام لم يكن يستوعب عبقرية غناء الشيخ سيد ربما لاختلاف اللهجة والتكوين
ولكن الرحلة صنعت من الشيخ سيد شخصا آخر لديه طموح وحلم ومشروع غنائي وموسيقي كبير أخلص له وتفرد فيه بموهبة طاغية وحققه يعد ذلك رغم عمره القصير.