25-02-2023
|
|
خطبة : الجَنَّةُ دَارُ المُتَّقِين ( 2 )
الخطبة الثانية: الحمد لله... عِباد الله.. والجَنَّةُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ؛ قال تعالى: ﴿ وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [البقرة: 25]
وتَجْرِي الأَنْهارُ أيضًا مِنْ تَحْتِ أَهْلِهَا؛ ﴿ أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الْأَنْهَارُ ﴾ [الكهف: 31]. وأنهارُ الجَنَّةِ لَيْسَتْ ماءً فحَسْب
بل منها أنهارُ الماءِ، واللَّبَنِ، والخَمْرِ، والعَسَلِ المُصَفَّى: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ
وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ﴾ [محمد: 15].
وفي الجَنَّةِ عُيونٌ كَثِيرَةٌ مُخْتَلِفَةُ الطُّعُومِ والمَشَارِب؛ ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ [الحجر: 45]؛ ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ ﴾، [المرسلات: 41]
وقال - في وَصْفِ الجَنَّتين اللَّتَين أعَدَّهُما لِمَنْ خاف ربَّه: ﴿ فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ﴾ [الرحمن: 50]. وقال - في وصْفِ الجَنَّتَين اللَّتَين دونهما: ﴿ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ ﴾ [الرحمن: 66].
وفي الجَنَّةِ قُصُورٌ شَاهِقَةٌ، ومَسَاكِنُ طَيِّبَةٌ؛ قال تعالى: ﴿ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ﴾ [التوبة: 72]، وهذه المساكِنُ الطَّيِّبةُ هي الغُرُفاتُ المَذْكورَةُ
في قوله سبحانه: ﴿ وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ أي: في القُصور الشَّاهِقَة. [سبأ: 37]؛ وقال – في جَزاءِ عِبادِ الرَّحمن: ﴿ أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا ﴾ [الفرقان: 75]
أي: المنازِلَ الرَّفِيعَةَ، والمَساكِنَ الأنِيقَةَ الجامِعَةَ لِكُلِّ ما يُشْتَهَى. وأمَّا وصْفُها: ﴿ لَكِنْ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [الزمر: 20].
وقد وَصَفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم هذه الغُرَفَ، فقال: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا
أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَلاَنَ الكَلاَمَ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى وَالنَّاسُ نِيَامٌ» حسن – رواه أحمد.
وفي الجَنَّةِ خَيَامٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ؛ قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ فِي الجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ
طُولُهَا سِتُّونَ مِيلًا، لِلْمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُ، فَلاَ يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا» رواه مسلم. وفي روايةٍ: «فِي الجَنَّةِ خَيْمَةٌ
مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلًا، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ، مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُ» رواه مسلم.
وفي الجَنَّةِ أَشْجارٌ وثِمَارٌ كَثِيرَةٌ مُتَنَوِّعَةٌ ودَائِمَةٌ؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا ﴾ [النبأ: 31، 32]؛ ﴿ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ﴾ [الرحمن: 68]
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ [المرسلات: 41، 42]؛ ﴿ وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ
وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ﴾ [الواقعة: 27-33]. فأشجار الجَنَّةِ دائِمَةُ العطاء؛ فهي ليستْ
كأشجار الدُّنيا تُعْطِي في فَصْلِ دون فَصْل، بل هي دائِمَةُ الإثمارِ والظِّلال ﴿ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا ﴾ [الرعد: 35]. وثمارُها قريبَةٌ دانِيَةٌ مُذَلَّلَةٌ
ينالها أهلُ الجنَّةِ بِيُسْرٍ وسهولة: ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ﴾ [الرحمن: 54].
ومِمَّا يَدُلُّ على عِظَمِ أَشْجارِ الجَنَّةِ؛ قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا.
وَاقْرَؤوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ﴾» رواه البخاري. وفي روايةٍ: «يَسِيرُ الرَّاكِبُ الجَوَادَ المُضَمَّرَ [هو الذي يُنْقَصُ عَلَفُهُ
بَعْدَ سِمَنِه؛ لِيَنْقُصَ لَحْمُهُ، ويَزْدَادَ جَرْيُه] السَّرِيعَ مِائَةَ عَامٍ مَا يَقْطَعُهَا» رواه مسلم.
_ د. محمود بن أحمد الدوسري.
o'fm : hg[Qk~QmE ]QhvE hglEj~QrAdk ( 2 ) [QhvS
o'fm : hg[Qk~QmE ]QhvE hglEj~QrAdk ( 2 ) hglEj~QrAdk hg[Qk~QmE [QhvS
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|