عن عبدالله بن بسر رضي الله عنه أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبَّث به! قال: ((لا يزال لسانُكَ رَطْبًا مِن ذكْرِ اللهِ))؛ رواه الترمذي.
وقال الله عز وجل في كتابه العزيز: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 41]، وقلب المسلم ليس له قرار ولا طُمَأْنينة ولا هناءة ولا لذة، ولا سعادة إلا بذكر الله تعالى.
إن أفضل ما يَشغل العبد به وقته، هو ذكر الله تعالى، تلك العبادة السهلة الميسورة التي رتَّب اللهُ تعالى عليها الأجر الكبير والثواب الجزيل، وهو ما ينفع المسلم في الدنيا والآخرة، والذكر من أحب الأعمال إلى الله، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أُخْبِرُكم بخيرِ أعمالِكم لكم وأزكاها عندَ مَليكِكم وأرفعِها لدرَجاتِكم، وخيرٍ لكم مِن إعطاءِ الوَرِقِ والذَّهَبِ، وخيرٍ لكم مِن أن تَلْقَوا عدوَّكم فيضرِبون رِقابَكم وتضرِبون رِقابَهم، ذِكْرُ اللهِ عزَّ وجلَّ)).
وقال صلى الله عليه وسلم عن فضل مجالس الذكر: ((لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ)).
إن المداومة على الذكر تُحيي القلوب وتوقظها، وتبعث الطُّمَأْنينة والسكينة في النفوس، وتُورث أصحابها حالة من الرِّضا والأُنْس وهدوء البال، يقول تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]؛ أي -كما يقول ابن كثير- أي: تطيب وتركن إلى جانب الله، وتسكن عند ذكره، وترضى به مولًى ونصيرًا.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلم قال: ((يقول اللهُ عزَّ وجلَّ: أنا عندَ ظَنِّ عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرتُه في ملأٍ هُمْ خيرٌ منهم))؛ رواه البخاري.
قال ابن القيم رحمه الله: "ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفى بها فضلًا وشرفًا".
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمانِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ العظيمِ))؛ متفقٌ عَلَيْهِ.
وعنه رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأَنْ أَقُولَ: سُبْحَانَ اللهِ؛ وَالحَمْدُ للهِ؛ وَلا إلهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أكْبَرُ، أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ))؛ رواه مسلم.
أسأل الله تعالى أن يكرمنا وإياكم بكثرة ذكر الله، وأن يجعلنا من المتَّبعين لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يجعل بيوتنا عامرةً بالطاعة والعمل الصالح وحُسْن الخُلُق، وأن يُصلِح لنا ولكم الذرية، وصلى الله على سيِّدنا محمد.