جواز النيابة في الحج ذكرنا - في مسألة الاستطاعة - حديث الخثعمية المتفق عليه، وأضاف إليه الجمهور حديثَ أبي رَزِين العقيلي (لَقيط بن عامر)، وأنه أتى إلى النبي صلى
ذكرنا - في مسألة الاستطاعة - حديث الخثعمية المتفق عليه، وأضاف إليه الجمهور حديثَ أبي رَزِين العقيلي (لَقيط بن عامر)، وأنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظَّعن، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((حُجَّ عن أبيك واعتمر))[1].
من ذلك: أخذ جمهور الفقهاء من الحنفية[2] والشافعية[3] والحنابلة[4] جواز النيابة في الحج أو في بعض أعماله إذا عجز عن أداء ذلك بنفسه.
أما المالكية فقد اعتبروا أن الحج وإن كان عبادة مركبة من بدنية ومالية فإنه غلب فيه جانب البدنية، فلا يقبل النيابة، ومن عجز عن أداء النسك بنفسه فقد سقط عنه الحج، ولو استأجر من يحج عنه - سواء كان مريضًا أو صحيحًا، كان الحج فرضًا أو نفلاً - فلا يكتب له ثواب الحج، بل يقع نفلاً للأجير، وذلك قوله تعالى: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [النجم: 39].
ويرى الإمام مالك أن الصدقة أفضلُ من الحج عنه[5]، وواضح من حديث أبي رَزِين وحديث الخثعمية - سبق إيرادهما - ترجيحُ رأي الجمهور.
وقد اشترط الجمهور لصحة حج النائب عن المريض أو المسِنِّ أن يكون قد أدى فرضه؛ لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: ((من شبرمة؟)) قال: أخ لي - أو قريب لي - قال: ((أحججتَ عن نفسك؟))، قال: لا، فقال له: ((فحُجَّ عن نفسك، ثم حج عن شبرمة))[6].
وأجاز الحنفية[7] والمالكية - في الحج عن الميت -[8] وهو رواية عن الإمام أحمد[9]: أن يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات))[10].
[1] الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح؛ انظر: محب الدين الطبري، القرى لقاصد أم القرى، ص 82.