تُعدُّ زاوية الهامل، الواقعة بمدينة بوسعادة (جنوب الجزائر)، من أبرز قلاع العلم الشرعي وتحفيظ القرآن الكريم، وقد دأبت هذه الزاوية، من خلال مدرستها القرآنية، على
استقبال طلبة العلم الشرعي من أرجاء الجزائر على مدى العشرات من السنين.
واستطاعت الزاوية التي تُنسَب إلى الطريقة الرحمانية الصوفية، الصمود في وجه الهيمنة الفكرية للمستعمر الفرنسي، وهذا بسبب حنكة شيوخها، وبالخصوص لالة زينب بنت أبي عبد الله محمد بن أبي القاسم،
التي حافظت على إرث والدها في وقت حاول فيه المستعمر تصوير المرأة الجزائرية على أنها كائنٌ جاهل في مجتمع ذكوري إقصائي.
وقد وُلدت لالة زينب في بلدة الهامل عام 1855، وتولّى والدها الإشراف
على تثقيفها وتهذيبها وقال فيها: "وأنت يا ابنتي، السيدة زينب،فكوني بين طيبة من أمور الدار والعيال
لأني جاعلك بدلاً عن نفسي، أسأل الله تعالى أن يجعل البركة فيك، وأن
تكوني في النساء الصالحات.
حفظت لالة زينب القرآن الكريم، وتفقهت، ودرست التوحيد والفقه، واطلعت على أمهات الكتب الصوفية، كالرسالة القيشرية، وإحياء علوم الدين، والحكم العطائية، وتولّت جرد أوقاف الزاوية، كما اهتمّت برعاية
الأرامل، فكانت الأم الروحية لمئات اليتامى والمساكين وعابري السبيل، واصفة نفسها في رسالة القاضي بن الحفاف: "امرأة بكر مرجوّة الخير موسومة عند العامة بالصلاح، تالية لكتاب الله،
وذات عفة وصيانة،تنفق مالها في سبيل الله على ذوي القربى واليتامى"،
حيث كرّست ثروتها للمساعدات الاجتماعية، وتولت إدارة الزاوية سبع
سنوات، قبل أن تتوفى ليلة 9 نوفمبر 1905.
ناضلت لالة زينب ضد السلطات الاستعمارية وضد أفراد أسرتها من أجل بلوغ مشيخة الزاوية، ذلك أنّ الشيخ استخلف قبيل وفاته ابن أخيها لحاج محمد الذي كانت تربطه علاقات جيدة مع السلطة الفرنسية،
فاعترضت لالة زينب على ذلك، واستشهدت بوثيقة صرّح فيها والدها،
وبتوثيق من القاضي، بأن توضع أملاكه تحت تصرُّف ابنته على شكل
"حبوس عائليّ"، فاعترف لها القضاء بأنها الأحق بمشيخة الزاوية.
أصبحت الزاوية في عهد لالة زينب أقرب إلى مدرسة ثانوية تُدرَّس فيها
العلوم الشرعية وتضم شيوخاً أمثال عبد الرحمن الديسي وعاشورالخنقي،
ولم يكن الطلبة يدفعون شيئاً للدراسة، وقد بلغ عددهم ألف طالب.
وحرصت لالة زينب على منع التدخل الفرنسي في الشأن الداخلي للزاوية،
وحافظت على تركة والدها من المخطوطات التي تضمُّ اليوم أكثرمن 800 مخطوط في التخصُّصات المختلفة، كما اهتمّت ببناء المجتمع فكريّاً وروحيّاً واجتماعيّاً واقتصاديّاً، وعملت على الإصلاح بين العروش والقبائل وفضّ الخلافات والإشراف على أوقاف الزاوية بالحرمين الشريفين.
وإذا كان الرعيل الأول من مؤسّسي زاوية الهامل قد وضعوا أسس قيام هذا
الصرح العلمي، فإنّ الجيل الجديد ممّن تولوا شؤون الزاوية يقومون، اليوم، بما لا يقلُّ أهميّة عمّا قام به المؤسّسون الأوائل، حيث
يُشرفون على جرد وفهرسة المخطوطات النفيسة الموجودة بمكتبة الزاوية
من أجل وضعها في متناول الباحثين والمهتمّين بالمخطوط، إضافة إلى جرد المطبوعات التي تتوفر عليها مكتبة الزاوية، وتحقيق عدد كبير من المخطوطات النادرة على مستوى العالم الإسلامي، فضلاً عن الأدوار
التعليمية والفكرية والاجتماعية التي تقوم بها الزاوية.
.h,dm hgihlg fhg[.hzv>> Yauhu erhtd~ uhfv gg[yvhtdh fhg[.hzv
.h,dm hgihlg fhg[.hzv>> Yauhu erhtd~ uhfv gg[yvhtdh hgihlg fhg[.hzv fhg[.hzv>> erhtd~ .h,dm uhfv