21-05-2022
|
|
في ظلال آية: وأوحينا إلى أم موسى..
وقصة موسى عليه السلام هي أعظم قصص الأنبياء المذكورين في القرآن؛ كما قال ابن تيمية، وقال تلميذه ابن القيم رحمهما الله: "يذكر الله سبحانه وتعالى قصة موسى ويعيدها ويُبديها، ويُسلي رسوله صلى الله عليه وسلم".
ولعل محور القصة وسر عجائب القدر فيها، هو محبة الله ومعيته لموسى عليه السلام: ﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ﴾ [طه: 39]، فأحبته أمُّه، والقابلة التي ولدته ولم تخبر فرعون بمولده، وزوجة فرعون: ﴿ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ ﴾ [القصص: 9]، وأحبته أخته فقصته، هذا كله وهو رضيع وحسب، أما المعية: ﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾ [طه: 46]، فيَهمُّ فرعون بقتله عدة مرات، ولا يستطيع لأنه في معية الله، حين مولده، وحين نتف خمس شعرات من لحيته، وحين وكز رجلًا من الأقباط فقتَله، وحين جاءه مع هارون، وعند اليم الذي غرق فيه فرعون وجنوده.. سبحان الله، ما أعظم المعية.
القصة مليئة بالفوائد، نكتفي هنا بجزئية صغيرة، في صغره، وبداية حياته، ذلك أنه حين خافت أم موسى عليه السلام من قتله من قِبل فرعون وجنوده، بعد أن ولِد موسى في العام الذي يقتل فيه فرعون الذكور، أوحى الله إليها: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7].
هذه الآية شلمت أمرين ونهيين وبشارتين:
والأمران هما: "أرضعيه" و"ألقيه"، والنهيان: "ولا تخافي" و"ولا تحزني"، والبشارتان: ﴿ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7].
والخوف: توقُّع أمر مكروه، والحزن: حالة نفسية تنشأ من حادث مكروه للنفس؛ كفوات أمر محبوب، أو فقد حبيب، أو بُعده، أو نحو ذلك.
أما الوحي لأم موسى، فكان إلهامًا أو منامًا، وليس وحي نبوة، ولا تخافي من إلقائه في البحر، ولا من فرعون وجنوده، ولا تحزني على فراقه، إنا رادوه إليك؛ لكي ترضعيه، وجاعلوه من المرسلين؛ لينذر ذلك الطاغية.
كم أن الله سبحانه لطيف، لم يقتصر الأمر على أن يوحي الله سبحانه وتعالى لأم موسى أن تُلقيه في اليم دون خوف أو حزن، وهذا يكفي أن يوحي إليها بعدم الخوف والحزن، لكن منحها الله بشارتين، أن هذا الرضيع سيرجع إليك، وأكثر من ذلك أنه رسول الله.
وبالفعل يأبى موسى الرضاعة من جميع المرضعات، فتقصه أخته، وتخبر آل فرعون بأن هناك من يرضعه، وتشترط أم موسى أن ترضعه في بيتها، ويكون لها ذلك، فسبحان الله، ما خافت منه (فرعون)، وصل موسى إليه وكان في عقر قصره، ثم عاد من الخطر، فليست السلامة مقتصرة على تجنُّب الخطر، بل ربما تَلِجه ثم يُنجيك الله منه!
وذلك اليم، الله يصرفه كيف يشاء، فاليم الذي لم يغرق الطفل الرضيع الذي لا يملك التصرف بشيء، فهو كالريشة في مهب الريح، هو اليم الذي أغرق الله فيه فرعون وجنوده، وهو في عزِّ قوته وجبروته، سبحانك ربي، وكذلك النار لم تحرق إبراهيم، والسكين لم تذبح ابنه، فإذا أُغلقت الدنيا في وجهك، ولو أيقنت الهلاك، فاعلَم أن الأسباب يُغيرها الله كيف يشاء، حتى لو شاء سبحانه لأحياك بعد ممات!
من كان مع الله فلن يضرَّه ضَعفُه، ومن لم يكن مع الله فلن تنفعه قوتُه.
td /ghg Ndm: ,H,pdkh Ygn Hl l,sn>> gl gdj g,sd ughl Ygd
td /ghg Ndm: ,H,pdkh Ygn Hl l,sn>> gl gdj Ndm: g,sd l,sn>> ughl td Ygd ,H,pdkh
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|