عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 31-05-2022
- شقاء.. متواجد حالياً
Oman     Male
آوسمتي
لوني المفضل Darkgray
 إنتسابي ♡ » 554
 آشراقتي ♡ » Jun 2020
 آخر حضور » منذ 3 ساعات (11:11 PM)
موآضيعي » 2323
آبدآعاتي » 485,697
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Oman
جنسي  »  male
 حالتي الآن » بَيْنَ نَبْضَتَيْنِ وَتَنْهِيدَةٌ ~
آلقسم آلمفضل  » الأدبي♡
آلعمر  » 28سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » » ✌
الاعجابات المتلقاة » 12456
الاعجابات المُرسلة » 15622
 التقييم » - شقاء.. has a reputation beyond repute- شقاء.. has a reputation beyond repute- شقاء.. has a reputation beyond repute- شقاء.. has a reputation beyond repute- شقاء.. has a reputation beyond repute- شقاء.. has a reputation beyond repute- شقاء.. has a reputation beyond repute- شقاء.. has a reputation beyond repute- شقاء.. has a reputation beyond repute- شقاء.. has a reputation beyond repute- شقاء.. has a reputation beyond repute
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  
مشروبك   star-box
قناتك fnoun
اشجع hilal
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 13,130
تم شكره 9,215 مرة في 3,433 مشاركة
R9 من وحي الهجرة: تأييد الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم ~



-
,





الحمد لله مقدِّر الأيام والشهور، ومصرِّف الأعوام والدهور، أحمده سبحانه وأشكره على سوابغ نِعَمِه التي تَقَرُّ بالشكر فلا تبور، وأستمنحه جل في عليائه التوفيقَ في كل الأمور، فهو سبحانه المؤمَّل لكشف كل كرب وجبر كل مكسور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الغفور الشكور، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، بعثه الله بالهدى والنور، فأشرقت شمس الحق في كل الربوع والدُّور، وزَكَتِ النفوس العليلة فَغَدت في سعادة وسرور، ورضوان وحبور، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه لُيُوثِ الوغى، والتابعين ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم البعث والنشور، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فنعيش معكم لنستلهمَ من وحي الهجرة المباركة الدروسَ والعِبرَ، ولنُسقِط أحداثها على واقع الأمة؛ لعلنا نعود إلى جادَّةِ الطريق، فالهجرة لم تكن حدثًا عاديًّا، بل كانت ملحمة بين أهل الإيمان وأهل الطغيان، الهجرة كانت وما زالت سراجًا يُضيء للأمة لتنكشف به الغُمَّةُ، الهجرة كانت معونة وتأييدًا من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، الهجرة كانت نصرًا وانتصارًا، وفتحًا مبينًا لإقامة المدينة الفاضلة: مدينة الإيمان، مدينة الأمن، مدينة الرحمة، مدينة الأخلاق.
هيا لنُشنِّفَ الآذان ببعض صور التأييد وكيفية الوصول إلى تأييد الله تعالى لنا:
في هجرة المصطفى مغزى لمدكر
لا تجهلوا مجدكم يا قوم وادَّكروا
لو كان للمال أو للجاه قد خرجوا
أو للرياسةِ أو للفخرِ ما انتصروا
الله يعلمُ أن القومَ تحفزُهم
عقيدةٌ ولها الأرواحَ قد نذروا
فبالعقيدةِ قام القومُ وائتلفوا
وبالعقيدةِ يُرمى القوسُ والوترُ
وبالعقيدةِ ذلَّ الشِركُ وارتفعت
منارةٌ بسنا التوحيدِ تفتخرُ
وبالعقيدة كان النَّصر وانهزمت
جيوشُ كِسرى فلا تاجٌ ولا سُرُرُ
وبالعقيدة راجَ العِلمُ وازدهرت
رياضُهُ فله الأزهارُ والثمرُ
ضَعْفُ العقيدة داءُ الشرقِ فانتبهوا
قوُّوا العقيدةَ فالإيمانُ يُحْتَضَرُ

ما معنى التأييد؟
التأييد: من الأيد وهو القوة، كأنه يأخذه معه بيده في الشيء الذي يقويه به، كأخذ قوة المظاهرة من الظهر لأن الظهر موضع قوة الشيء في ذاته، واليد موضع قوة تناوله لغيره.
واعلم - زادك الله علمًا - أن التأييد على نوعين: أحدهما: ما يحصُل من غير واسطة أسباب معتادة، كتأييد الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بالمعجزات، كانشقاق القمر ونصرِه بالرعب، والثاني: ما يحصل بواسطة أسباب، كالملائكة والمؤمنين.
آيات التأييد في القرآن الكريم:
اعلَم - بارك الله فيك - أن آيات التأييد في القران الكريم عديدة نذكر منها:
1- أيَّد الله عيسى بروح القدس: ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ [المائدة: 110].
2- الله أيد الرسول بنصره وبالمؤمنين: ﴿ وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 62].
3- الله أيد المؤمنين المستضعفين بنصره: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الأنفال: 26].
4- الله هو الذي أيد المؤمنين من بني إسرائيل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ﴾ [الصف: 14].
5- الله هو من أنزل سكينته والرسول في الغار، وأيده بجنود لا يراها الناس: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40].
6- الله كتب في قلوب المؤمنين الإيمان وأيدهم بروح منه: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22].
7 – الله يؤيد بنصره من يشاء: ﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [آل عمران: 13].
صور تأييد الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم:
ومن أجلِّ صور التأييد التي نُسلِّط عليها الضوء في هذا الموضوع: التأييد الإلهي للحبيب النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة المباركة، ويتجلى ذلك في عدة نقاط:
أيَّد الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في المؤمرة التي حاكها كفار مكة ضده، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30].
أي سخرية هذه؟ وأي احتقار للقوم؟ شباب أقوياء وسيوفهم في أيديهم، يخرج عليهم رسول الله وحيدًا، ولكنه في رعاية الله، ويضع التراب على رؤوسهم متحديًّا تلك السيوف التي ذبلت في أيديهم، كأنها أغصان فُصلت عن شجرتها، فلم تغنِ عنهم شيئًا.
حماية الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر رضي الله عنه:
وصل المشركون إلى الغار، ورأى سيدنا أبو بكر رضي الله عنه أقدامهم فقال: "يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر تحت قدميه أبصرنا"، والرسول يُهدئ من رَوْع أبي بكر ويقول: ((يا أبا بكر، ما ظنُّك باثنين الله ثالثهما؟ لا تحزن إن الله معنا))، ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40].
لقد كان رسول الله في ثقة تامة بالله عز وجل وكيف لا؟ وهو لم يهمل سببًا من الأسباب، ولم يُقصِّر في أمر يستطيعه، وأكثر من هذا فقد كان خروجه بأمر الله، والله تبارك وتعالى لا يضيِّع نبيه أبدًا.
لهذا كان الرسول يخاطب أبا بكر وهو موقن أن الله لن يضيعهما، ولا بد أن يرد عنهما عدوهما، وقد كان.
*سراقة بن مالك رضي الله عنه وتأييد الله تعالى لنبيه بسراقة:
عن سراقة بن مالك بن جعشم رضي الله عنه قال: "جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دِيَةَ كل واحد منهما لمن قتله أو أسره، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مُدلِج، إذ أقبل رجل منهم، حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال: يا سراقة، إني قد رأيت آنفًا أَسوِدة بالساحل أراهما محمدًا وأصحابه، قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا انطلقوا بأعيننا، ثم لبِثتُ في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي، وهي من وراء أَكَمةٍ فتحبسها عليَّ، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت، فخططت بزَجِّه الأرض وخفضت عاليَهُ، حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرب بي، حتى دنوت فعثُرتُ بي فرسي فخررتُ عنها، فقمتُ فأهويتُ يدي إلى كنانتي، فاستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها: أضُرُّهم أم لا؟ فخرج الذي أكره.
فركِبتُ فرسي وعصيت الأزلام تقرب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها، فنهضت فلم تكد تُخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأَثَرِ يديها عُثانٌ ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان، فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتُهم، ووقع في نفسي حين لقِيتُ ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهرُ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدِّيَةَ، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يرْزآني، ولم يسألاني إلا أن قال: ((أَخْفِ عنا))، فسألته أن يكتب لي كتابَ أمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم[1].
كيف يؤيِّدنا الله تعالى؟
إن الناظر إلى أحوال الأمة وما يُحاك ضدها وما يحدث لأبنائها، يرى أننا بحاجة ماسة إلى أن نصحح المسار، وأن نبحث عن مواطن الخلل في نفوسنا وفي مجتمعاتنا.
وها أنا أستلهم من وحي الهجرة أسبابَ التأييد والنصر، وإليك بعض تلك الأسباب:
أولًا: الإيمان العميق:
أول شروط التأييد من الله تعالى أن يكون إيمانك عميقًا، قد تخلَّل نِياطَ قلوب وعروق دمك، أن يخالطَ الإيمان بشاشة القلوب، قال الله تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55]، وقيل أيضًا: "حقيقة الإيمان: هو التصديق التام بما أخبرتْ به الرُّسل، المُتضمِّن لانقياد الجوارح".
قال السعدي رحمه الله: هذا من أوعاده الصادقة، التي شُوهد تأويلُها ومخبرها، فإنه وَعَدَ مَن قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمة، أن يستخلفهم في الأرض، يكونون هم الخلفاء فيها، المتصرفين في تدبيرها، وأنه يمكِّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وهو دين الإسلام الذي فاق الأديان كلها، ارتضاه لهذه الأمة؛ لفضلها وشرفها ونعمته عليها، بأن يتمكنوا من إقامته، وإقامة شرائعه الظاهرة والباطنة، في أنفسهم وفي غيرهم؛ لكون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذليلين، وأنه يبدِّلهم من بعد خوفهم الذي كان الواحد منهم لا يتمكن من إظهار دينه، وما هو عليه إلا بأذى كثير من الكفار، وكون جماعة المسلمين قليلين جدًّا بالنسبة إلى غيرهم، وقد رماهم أهل الأرض عن قوس واحدة، وبغوا لهم الغوائل"[2].
ثانيًا: الولاء والبَراء:
فالولاء شرعًا: هو موافقة العبد ربه فيما يحبه ويرضاه من الأقوال والأفعال والاعتقادات والذوات؛ فسِمة وليِّ الله هو محبته لما يحب الله، ورضاه بما يُرضي الله، وعمله بذلك كله، وميله إليه على وجه الملازمة له[3].
أما البراء شرعًا: فهو موافقة العبد ربه فيما يسخطه ويكرهه ولا يرضاه من الأقوال والأفعال والاعتقادات والذوات؛ فسِمةُ البراء الشرعي هو البغض لما يبغضه الله على وجه الملازمة، والاستمرار على ذلك[4].
واعلم - بارك الله فيك - أن الولاء والبراء أوثق عُرى الإيمان، وهو سبيل التأييد كما أخبرنا بذلك الغني الحميد، قال تعالى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22].
عن جابر بن عبدالله قال: "كنا في غَزَاةٍ فكَسَعَ رجلٌ من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا لَلأنصار، وقال المهاجري: يا لَلمهاجرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما بال دعوى الجاهلية؟))، قالوا: يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار فقال: ((دعوها؛ فإنها مُنتِنة))؛ يعني: دعوى الجاهلية، فسمِعها عبدالله بن أبيٍّ، فأشعل نار الفتنة أول ما سمع بهذا الحديث، فقال: قد فعلوها، فوالله لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجنَّ الأعزُّ منها الأذل، قال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال صلى الله عليه وسلم: ((دَعْه؛ لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه))، فلما بلغ عبدالله بن عبدالله بن أبي ما كان من أبيه، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، بلغني أنك تريد قتل عبدالله بن أبي فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلًا فمُرْني به، فأنا أحمل إليك رأسه؛ فوالله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبرَّ بوالديه مني، وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبدالله بن أبي يمشي في الناس فأقتله، فأقتل مؤمنًا بكافر فأدخل النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بل نترَّفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا))"[5].
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا.
ثالثًا: الثقة بمعية الله تعالى:
الثقة بالله صفة من صفات الأنبياء، فهذا خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام حينما أُلقي في النار كان على ثقة عظيمة بالله؛ حيث قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، فكفاه الله شر ما أرادوا به من كيد، وحفِظه من أن تصيبه النار بسوء، قال تعالى: ﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنبياء: 69].
والثقة صفة من صفات الأولياء الصادقين؛ قال يحيى بن معاذ: "ثلاث خصال من صفة الأولياء: الثقة بالله في كل شيء، والغنى به عن كل شيء، والرجوع إليه من كل شيء"[6].
في الهجرة المباركة لما خاف الصديق على رسول الله من أذى قريش، وقال لرسول الله: "لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ"، رفض الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الرسالة السلبية، وقال له في ثبات المؤمن ويقينه بربه: ((يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا)).

سهرت أعينٌ ونامت عيون
في أمور تكون أو لا تكون
فادرأ الهمَّ ما استطعتَ عن النفس
فحملانُك الهمومَ جنون
إن ربًّا كفاك بالأمس ما كان
سيكفيك في غدٍ ما يكون


فليعلم المسلم أن الصراع بين الحق والباطل صراع قديم وممتد، وهو سنة إلهية نافذة؛ قال عز وجل: ﴿ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 40]، ولكن هذا الصراع معلوم العاقبة: ﴿ كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [المجادلة: 21].
فألزم يديك بحبل الله معتصمًا *** فإنه الركنُ إن خانتْك أركان
رابعًا: الصبر والثبات:
ومن مؤهلات النصر والتأييد: الصبر والثبات وعدم التزعزع والشك والريب؛ قال الله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24]؛ قال بعض العلماء: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين؛ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، قَالَ: «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ، فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَقُلْنَا: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلاَ تَدْعُو لَنَا، فَقَالَ: قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ، فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمَشَّطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ، مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللهِ، لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللهَ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ»[7].
خامسًا: التضحية:
واعلم زادك الله علمًا أن من مؤهلات النصر والتأييد: التضحية، والهجرة النبوية المباركة كانت ملحمة من ملاحم التضحية بجميع أشكالها وألوانها: التضحية بالنفس، وتتمثل في نوم علي بن أبي طالب رضي الله عنه في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، التضحية بالأهل، وتتمثل في أبي سلمة رضي الله عنه عندما ترك ابنه وزوجته، ترك الأوطان ويتمثل في جميع الصحابة الذين غادروا ملاعب الصبا والديار والأوطان، التضحية بالمال، وتتمثل في صهيب الرومي الذي ضحَّى بثروته من أجل الهجرة، وكذا أبو بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين.
كانت هذه إشارات وقطرات من وحي هجرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

~


lk ,pd hgi[vm: jHdd] hggi juhgn ggkfd wgn ugdi ,sgl Z glkj[ l, hlgi hgi[vm jl]d] juhg[ wgd ,]d ksHg




lk ,pd hgi[vm: jHdd] hggi juhgn ggkfd wgn ugdi ,sgl Z glkj[ l, hlgi hgi[vm hgi[vm: jl]d] juhg[ wgd ugdi ,]d




 توقيع : - شقاء..

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ - شقاء.. على المشاركة المفيدة:
 (31-05-2022)