12-02-2022
|
|
المطر والرغبات والذكرى
.
حكاية المطر والذكرى
تصدير وشكر وإهداء:
سبق أن طرحت مقتطفا من هذا النص قبل اكتماله في موضوع
"ألف ليلة وليلة (1330)"، جاءني بعده تعليق رائع وجميل من
العزيز الراقي نسيناكم،
مما شجعني على الاشتغال على النص أكثر لتنزيله بالمنتدى
فأحببت أن أهديه إياه لعلني أوفيه بعض ما يستحقه من شكر وامتنان. .
تمطر السماء فتمطر معها الذكريات لتتقاذفك رغبات كثيرة بعد أن تَنْبُت بداخلك
أسرع من الحَبّ والأبّ تتمنى فيها لو أن لنظرية الكم الفيزيائية تحققا فيزيقيا
في الواقع لتتواجد/لتتشتت في ذات اللحظة بأماكن متفرقة أنت الواحد المتعدد
تمارس كل مخططاتك نحو سعادة مجزءة متجزئة مجتزأة تبتغيها واحدة كاملة مكتملة.
هيهات!
بين
رغبة
في المكوث في سريرك تنعم بالدفء
وتفتح شاشة جهازك الضيقةِ مساحتُها على العالم الأرحب الفسيح
وتجبذ إليك أطراف اللحاف لتغوص في دفء أكثر
كم تسرب من دفء في هذا المكان من على صدرك
ليتسلل بين الضلوع المتشابكة أصابِعُها إلى القلب والروح!
ورغبة
في الجلوس على كنبتك وبجانبك موقد نار عليه تضع براد الشاي يغلي
وبين يديك رواية تذكرك فصولها بحياة تشبه حياتك
ومن بعيد تتهادى من القارئ نغمات البيانو لشوبان
"آه ! يا صديقي شوبان رحلت باكرا
ولا تزال أنغامك تنقل إلينا آلامك وأحلامك وعشقك الذي هزمك!"
لا شيء أنسب للمطر من نغمات البيانو تترجم
ماعجزت عن تسطيره قواميس كل اللغات.
ثم بين الفينة والأخرى تهرول بقدميك المندستين في جوربين قطنيين
إلى النافذة لتطل على الشارع،
تتفقد الهطول وشدته وتستنشق رائحة المطر الطرية المتفردة بعبيرها
ثم ترجع ثانية فتقرر أن تلقي ببعض البخور
فقط لتملأ المكان بأدخنة عطرة
تذكرك خطوطها المتصاعدة بشعرها حين تنساب خصلاته بين يديك لترفعها
فتملأ عميقا أسناخك بعطرها المنبعث من حكايا ألف ليلة.
ورغبة
في الجلوس على الشرفة
وكوب القهوة بيدك ثم تشاطر نظرك الغيوم مرة
وبرك الماء أخرى
وتحاول في عبث أن تعد قطرات المطر
وتستمتع بتلك اللوحة الطبيعية حيث تتداخل دوائر متلاحقة
تذكرك بتداخل كل المشاعر المتناقضة التي تعتمل بداخلك ساعتها
وفي كل ساعة.
لقد روضتك ياصديقي،
بعد أن كنت "سادي" اليدين ساعات الانتشاء بالحلول في الوجود
صرت الآن "مازوخي" الروح تتلذذ بجلدها حسراتٍ هنّ للفؤاد ناخرات.
ورغبة
في الهروب إلى المطر خارجا
ثم البحث عن أنسب مقهى تختار مكان الجلوس بعناية
قرب النافذة التي تطل على الشارع
تضع مظلتك وتفرك يديك وتتأمل المكان قليلا
تنادي على النادل ليسعفك بكوب كابوتشينو
ترشف منه كما كنت ترتشف الرضاب ثم تنفخ في الهواء ليتصاعد البخار الشفيف
تراقب من النافذة المارة وهم يهرولون مسرعين
تسائل نفسك لِمَ يهرول كل هؤلاء؟ إلى مايسعون؟
يرتد إليك صدى السؤال: "إلى ما تسعى أنتْ؟ وإلى ما ترمِ؟"
لا تغرق كثيرا في التساؤل ولا تحاول البحث عن أجوبة يقودك تستسلها
إلى الأرق والسهاد.
وبعد أن يدور بك الوجود وتلف داخل رأسك التساؤلات والأفكار الرمادية كمروحة
تخربش على وريقة بضع كلمات تخصب بها مشروعا لنص جديد
تكمل كوبك ثم تخرج مقفلا وتقرر أن لا تضع قبعتك ولا تنشر مظلتك
تمشي مسرعا حاسرا رأسك لتتحول إلى أرض يباب يغسلها المطر
ربما تحيا.
وتنساب على وجهك الجداول الصغيرة وتقطر من أنفك حبات جمان.
"أيها المطر كما تغسل الرأس فاغسل عوالق الروح !"
وبعد أن تتبلل ثيابك ويبتل قلبك
توقف سيارة أجرة ثم تستلقي على مقعدها الأخير وتلقي برأسك للوراء
تسندها من ثقل الذكرى
تنفخ في الهواء وتشخص ببصرك بعيدا عبر النافذة
تستسلم لإغماضة جفن خفيفة.
لماذا يحيلك كل ذكر للمطر على ذكراها ؟
تبرق عيناها وترعد ابتسامتها اللؤلؤية
ويكسو الغمامَ وجهها
ويمطر كلها
ويتماهى كلاهما في ذاكرتك وحنايا صدرك نبضا يتقاذفك مابين قبض وبسط..
تفتح عينيك شاردتين على خيوط المطر التي تسطرها القطرات على زجاج النافذة
وتتذكر الأغنية الغربية القديمة
لشاعر يشبهك ظله
تدندن بها في نشاز وشفتاك تصطكان من البرد ومن أشياء أخرى تعتصر قلبك
:
"تنتحب الدنيا في قلبي
مثلما على المدينة ينهمر المطر
ما هذا الوهن الذي يخترق قلبي
يا للدوي العذب للمطر
على الأرض وعلى الأسقف
من أجل قلب ضجر"
.......
شعر بول فيرلين Paul Verlaine (شاعر فرنسي).. بحثت عن ترجمتها بالعربية
فوجدت هذه الأسطر لمترجمها وأجريت عليها بعض التغييرات التي أراها مناسبة.
hgl'v ,hgvyfhj ,hg`;vn
hgl'v ,hgvyfhj ,hg`;vn ,hg`;vn
|