|
حياة في ........ دقائق (حصري بقلمي)
(1) توفيت أم الجوهرة بسبب نزيف حاد في يوم الولادة. ولفظت أنفاسها بعد أن ضمّت إبنتها لصدرها وكأنها تودّعها، حملوا الفتاة وأغلقوا عيني الأم ومسحوا ما تبقى من دموع في عينيها ..... جاء والد الجوهرة الذي أخبروه بوفاة الأم وتوجّه لسريرها وكشف وجهها وقبّلها على خدّها ثم رأسها وأخذ يدعو لها بالرحمة قبل أن يغطي وجهها ويذهب ليرى فتاته فوجدها جميلة كأمها فقبّل رأسها وأذّن في أذنها ودعى لها كثيراً ثم همس وهو ينظر إلى عينيها النائمتين ويقول ها هي الدنيا تقسو عليك من أول يوم تتواجدين فيها إن قسوة الدنيا يا ابنتي لا تتوقف عند رحيل أمك، ولكنني لن أجعلها تؤلمك بعد اليوم أو تضع بصماتها الحزينة عليك. وبدأ يربيها كطفل يستطيع مواجهة العالم بأسره، طفلاً لا ينبغي له أن يحزن أو يشعر بالألم. وكلما أرادت البكاء يقول لها: أنتي قويه لا ينبغي أن تبكين أنتي قويه وقادره على الصمود، وعيب أن تبكين كالأطفال. ولم يكن هذا الأمر سهلاً على الطرفين. لكن والد الجوهرة أرادها أن تواجه العالم والألم الذي تشعر به ، حتى لو كان بسيطاً ... عاشت الجوهره في حضانة خالتها قبل أن تتزوج وتعيدها لوالدها رغم موافقة زوج خالتها لأن تبقى معهم , لكن الخاله لم تستطع تحمّل الوعد الذي أخذته على نفسها بعدم تدليع بنت أختها، رغم ما غزاها من حزن على مفارقتها. وبدأ الوالد يربيها على القسوة والتحمّل وعدم الدلع والبكاء، وعندما طلبت الجوهرة من والدها أن يترك لها ضوء غرفة النوم في الليل، رفض حتى لا يسمح لها بالخوف ... ثم أطفأه. وكان يمنع شراء التلفزيون لكي تشاهد ما يراه جميع الأطفال في مثل سنها، أخبرها والدها أن تحفظ القرآن الكريم ثم تقوم بأداء واجباتها. وكانت الجوهرة تحب والدها كثيرًا... الذي أراد لها أن تكون قويةً ولا تعتمد على أحد. ثم علّمها كيف تتحكم في عواطفها، مما جعلها أكثر شجاعة من الفتيات الأخريات في فصلها. وأفضل في فهم وحفظ المواد التي تدرسها في الفصل. وبدأت الجوهرة أكثر جديّةً في حياتها وتحمل أجمل خط اليد ، وأنظف كتب ودفاتر وبدت أكثر تنظيماً في حياتها ودراستها وواجبتها المنزلية مع والدها ، فأصبحت أشبه بوالدها في كل شيء .. حتى في إخفاء بكاءها لأنها تراه أكثر أذيةً للنفس ويتطلب إيجاد بدائل لمواجهة المشاكل وحلّها. وتربّت على عدم أذية نفسها بإستدراج عواطف في كل شيء قد يؤثر عليها، بما في ذلك الإعتذار لأنه يمثل إعترافاً بالذنب، والذنب لديها يعتبر نقطة ضعف ونقاط الضعف تحرّك المشاعر للألم وهي لا تريد أن تشعر به لأنه سيشغلها نفسياً عمّا هو أهمّ وكبرت الجوهره وتعرفت على بنات جدد بمدرستها المتوسطه ثم الثانويه وكانوا يرونها كائناً آخر بلا مشاعر وهمّها التعليم ولا ترضخ لأفكارهم العاطفيه وفي يومٍ طلبت إحدى الفتيات زيارتها في منزل والدها فأخبرت والدها بذلك ووافق والدها وقال لها كلمه : يا ابنتي لا يضيع وقتكم في الحديث عن الناس أو ما يغضب ربك ... ووجدت الجوهرة شيئاً في خاطر والدها من تلك الزياره ... |
(2) وانتهت الزيارة بسلام لكن الفتاة طلبت من الجوهرة ردّ الزياره وتردد الوالد بين رفضه من زيارتها في بيته ورفضه أن تزورها في بيتها فوافق على مضض وكانت الفتاة قد أخبرت أخوها عن أخلاق هذه الفتاة وحاولت أن تمكّنه من رؤيتها من بعيد فتعلّق قلب اخوها بالجوهرة وانتظرها لتخرج من المجلس ليرى ملامح وجهها وفعلاً تمكّن من ذلك دون أن تدري وازداد تعلّقه بها ... وتقدّم لوالدها يطلب الزواج منها فرأى الأب أن هذا الشاب لا يصلي في المسجد كما يقول مؤذن المسجد فرفضه الأب لعدة أسباب منها أن الشاب لا يزال بأول جامعه (السنة التحضيريه) ومستواه التعليمي أعلى قليلاً من ضعيف ... وصمتت الفتاة ولا تريد خوض النقاش مع والدها من رفضه لهذا الشاب ... وعاد الأب يسأل عنه مجدداً لكي يخبر إبنته عن أن موقفه ليس المسجد أو تحصيله بل أكثر من ذلك فأوقفت الجوهرة والدها وقالت: يا أبي ... إفعل ما تراه مناسباً ... وتمر سنه وتتخرج الجوهرة من الثانوي ويتقدم إليها رجل يجمع كل مؤهلات الزواج من دين ومال ونسب ولكنه متزوّج فطلب والدها منها أن تستخير وتم لها ذلك وتم الزواج بينهم ووجد الرجل أن الجوهره ليست ككل الفتيات من حيث أنها لا تعرف أن تتغنج له وتتدلع لزوجها بل كانت حياتهم تمشي وفق إتفاق لم يتحدثوا به بل تعودوا وبصمت على ذلك في أسلوب يراه الطرفين مناسباً فحين تنام على ظهرها فهي تبحث عن حقها الشرعي وان غيّرت طريقة نومها ف ينوم بجانبها أما إذا لبس ثوباً خاصاً له فعليها أن تنام على ظهرها حتى لا تغضبه ... وهي حياة صامته لا يتحدثان خلالها وينتهي كل شيء في صمت وأنجبت له سبعة من الأبناء 4 ذكور و3 بنات ولم تدرس بعد الثانوي فهذا التاجر الذي يملك 18 إبناً وبنتاً قادر على توفير كل إحتياجات الجميع من أراضي وسيارات ومال ....... وتنظر الجوهرة إلى يديها وكأنها لأول مرة ترى التجاعيد في يديها وقد كبروا البنات والأبناء وتوفي والدهم ويتزوجن بناتها ويبدأن في زيارتها ويتحدثن عن الحب والرومانسيه وحتى ما يحدث في غرفهن لم تسأل نفسها كيف ضاع شبابها بدون حب ورومانسيه وتغزّل كما يفعل أبناءها مع زوجاتهم وكيف عاشت كل هذه السنين وتدرس وتصعد لمستوى عالي في الدرجات وحاول الجميع إثناء والدها من تزويجها من هذا الرجل لأنها مؤهلة لدخول الجامعه والتخرج طبيبه ... نظرت إلى نفسها في المرآة مجدداً وابتسمت قائله لا يهمني ما فاتني ما دمت أرضيت أبي رحمه الله وزوجي وحفظت كتاب ربي وأبنائي من مواجهة زوجة أبيهم وتنازلوا عن بعض أملاك والدهم إرضاءً لي ... هاهي الجوهره تتوفى بعد أن عاشت غريبه كما يرى ذلك أبناءها معها (لم تسافر ولم تشاهد تلفازاً ولم تذق رومانسيه) إنتهت القصة |
أنت للحروف عنوان
وليس مستغرب منك سرد قصه من القصص التي تحاكي الواقع بورك فكرك أديبنا الختم مع الرفع للتنبيهات و 500م+ت |
تمت الإضافة
نجومي وتقييمي والتثبيت |
آه من اليتم
رحم الله والداااي . .. نبض المشاعر صباحك فل وياسمين لله در قلمك ما أروعه كنت أكرر القراءة ولا أتمنى للحرف أن ينتهي إبداع وتألق رغم ألم الفقد وعشت ألم وحزن الجوهره من أجمل ما قرأت باقات احترام وتقدير ودعواتي لك بكل خير:241: |
قصه ممتعه وشيقه
الجوهره رغم حرمانها من أشياء كانت من حقها.. بس م تأسفت ع اللي راح ورضيت باللي وصلت له وكان عندها قناعه ان اللي حصلته كان افضل بكثير من اللي فاتها. قد يسرف الاباء والامهات في خوفهم ع ابنائهم هذا الخوف احيان يمكن يوصل الأبناء لطريق مجهول نهايته مؤلمه. نبض المشاعر مبدع وربي وفي كل قصه تبدع اكثر واكثر الله يعطيك العافيه سلمت يدينك وصح الله لسانك ربي يسعدك ماننحرم منك ومن ابداعك التقييم والنجوم والشكر والاعجاب :rose::rose::rose: |
قصة مميزة جداً.
أحببت السرد... وجميل هو الرضا والقناعه.. والأجمل إحساسك.. نبض.. لروحك السعااادة الدائمة يارب. تقبل مروري. متابعة لحرفك.. احترامي:rose: |
بآرك الله جهودكم
طرح رآئع سلمت الأنآمل ننتظر جديدكم بكل شوق الله يعطيكم الصحة والعآفية https://2img.net/h/dl6.glitter-graph...s0xnmt1zpg.gif |
قصة مميزة
اخدنا منها حكمة القناعه . نظرت إلى نفسها في المرآة مجدداً وابتسمت قائله لا يهمني ما فاتني ما دمت أرضيت أبي رحمه الله وزوجي وحفظت كتاب ربي كالعاده متميز |
أتممتُ قراءةَ القصه الى الرمق الأخير
لا أعرف لماذا تشدُنا المآساةالى هذا الحد نعيشُ تفاصيلها المؤلمه بأحاسيسنا تتغير ملامحنا مع كل حركةٍ وسكَنةٍ وموقف نتلهف الى النهايات ونحن مازلنا نهمهم بالبدابات...! عن نفسي أفضل غرس القيم على غرسِ السلوك والطباع في نفوس وأذهان الأبناء لأن السلوك سيعمل بالضد من نفسية الأنسان تماماً مثل غرس نبته في تربه غير صالحه ستعاني النبته وتنازع لكنها ستموت أو تبقى هزيله حتى وإن توفرت لها كل مقومات العيش ..! أما القيم فتضل راسخه وتكون بمثابة ممول لكل الأسلاف.. رحم الله بطلة القِصه وصاحِبةُ الغصه في نفوسنا.. الشيق نبض المشاعر لا أراك الله مكروهاً بأحساسك وبدنك وبأحبتك أبدعت أبدعت تحاياي والورد |
| الساعة الآن 01:00 PM |
تصحيح تعريب
Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب