منتديات انفاس الحب

منتديات انفاس الحب (https://a-al7b.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩{ انفاس القرآن الكريم وعلومه }۩۞۩ (https://a-al7b.com/vb/forumdisplay.php?f=96)
-   -   وقفات مع قول الله تعالى ﴿ إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر... (https://a-al7b.com/vb/showthread.php?t=28192)

غيمہّ فرٌح 03-06-2020 10:45 PM

وقفات مع قول الله تعالى ﴿ إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر...
 


وقفات مع قول الله تعالى

ï´؟ إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر... ï´¾



قال الله جل ثناؤه: ï´؟ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ï´¾[التوبة: 18].



أتينا في العدد الماضي على توطئة تاريخية في بناء المساجد، وعلى مبحث في تحليل القصر الذي افتتح الله به هذه الآية. ونحصر بحثنا في هذا العدد بتفسير ثلاث نواح من هذه الآية:

1) في بيان المراد من عمارة المساجد.

2) في الأوصاف التي خصت بمن يعمر المساجد.

3) فيما يفيده مفهوم هذه الآية.



في بيان المراد من عمارة المساجد:

ليس المراد من عمارة المساجد عمارة جدرانها وسقفها وما إليها فقط، وإنما المراد منها هذا وما يلزم منها كعمارتها بالناس، فتكون آهلة بالعبادة، آهلة بالعلم، آهلة بذكر الله عز وجل، يدل على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر جيلاً من الناس في معرض التقريع والذم إذ كانت مساجدهم عامرة بالبناء، خالية من طهارة القلب والعبادة والذكر، فقال صلوات الله عليه: "يأتي على الناس زمان لا يبقي فيه من الدين إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه مساجدهم عامرة، وقلوبهم خراب من ذكر الله عز وجل"، ويشهد لذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان"، فإن الله عز وجل يقول: ï´؟ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ï´¾، فيظهر لنا من ذلك أن المراد بالعمارة ما يشمل العمارة الحسية والمعنوية. وقال أبو السعود في تفسيره: والمراد بالعمارة ما يعم مرمة ما يستلزم منها وقمها وتنظيفها وتزيينها بالفرش وتنويرها بالسرج وإدامة العبادة ودراسة العلوم فيها.



لذلك اعتنى السلف الصالح قدس الله أرواحهم بكل ما من شأنه عمارة المساجد حسياً ومعنوياً، واعتنوا بكل ما يجلب الناس إليها؛ ولا شك أن المساجد هي المراكز العظيمة لبث الدعاية والتعاليم الإسلامية، فلهذا تأنقوا في عمارتها حتى صارت آية في الفن والإبداع، وتفننوا في تجميلها وتزيينها، واختاروا لها أحسن الفرش من البسط والسجاد؛ وأجمل المصابيح والقناديل لتنار بها، وخصصوا لها الأوقاف العظيمة لقراء كتاب الله العظيم ليسمعوا الناس حسن قراءتهم وحسن صوتهم، وليرغبوهم في حفظه ودراسته، وانتقوا خيرة العلماء ليقوموا بالإمامة والخطابة في المساجد وليلقوا فيها دروسهم ومحاضراتهم، فكانت المساجد وقتئذ مملوءة بالناس غاصة بالمصلين، فمن الناس من يحضر للصلاة، ومنهم للاعتكاف، ومنهم لسماع الصوت الحسن، ومنهم لسماع القراءة الحسنة، ومنهم لنظر أنواع النقوش والتزيينات، ومنهم لرؤية أثاث المسجد ومفروشاته ومصابيحه الجميلة ومنهم المستمع لوعظ الواعظين، ومنهم الحاضر لدروس التفسير والحديث أو الفقه أو إحدى العلوم العربية على اختلاف أنواعها، حتى إنه كان يدرس في المساجد علم الطب والتاريخ وما إلى ذلك ولكن (ويا للأسف) أضحت أكثر المساجد في أكثر البلاد الإسلامية في حالة خراب، حتى تصدر للقيام بشؤونها لص وجاهل وبليد.

مساجد آيات خلت من تلاوة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ومعهد علم مقفر العرصات[1] https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وقد أضحت الدعاية للمقاهي والملاهي قائمة على ساق وقدم، فحلت محل المساجد في ترتيبها ونظامها وحسن عمارتها، وجمال رونقها، وأخذت الأنوار الكهربائية تشع في أرجائها فتجعلها أعجوبة للناظرين، ثم جعلوا فيها ما يفسد على المسلمين دينهم ودنياهم وأخلاقهم وتقاليدهم، فتهافت الأحداث من المسلمين عليها تهافت الفراش على النار، ثم رجعوا منها وقد خسروا الدنيا والآخرة.

أما المساجد والجوامع فأصبح الماء يتقاطر من سقفها، وأصبحت العفونة والروائح الكريهة تطرد الداخلين إليها[2]، وأصبحت تنار بأضواء ضئيلة.

وحسبك أن المسجد الأموي بدمشق (الذي هو أحد مساجد الدنيا) لا يتمكن الإنسان من القراءة فيه ليلاً في كتاب، لقلة أنواره، ونحن في عصر الكهرباء، بعد أن كان الناس يأتون إليه من مسافة أيام لمشاهدة ثرياته الجميلة التي كانت تضيء بزيت الزيتون، وبعد أن كان في المساجد ما يجذب الناس إليها جذب المغناطيس من جمال يتجلى فيما ألمعنا إليه آنفاً.



لقد دالت دولة الزمن فإذا باللصوص يتزيون بزي أهل العلم والصلاح ويغيرون على المسجد بالنهب والسلب والتخريب، ومما زاد في هذه المخازي أنها أصبحت قربة لأعداء الإسلام الذين ملكوا مشارق الأرض ومغاربها بسبب غفلة المسلمين. ولا تعجب بعد هذا أن يتخذ منهم المستعمرون بطانة أو قل آلة، فيجعلون لما يقترفون صيغاً شرعية وقانونية. ï´؟ فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ï´¾ [البقرة: 79]، ï´؟ اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ï´¾ [التوبة: 9]، فيا للخزي ويا للعار!


ومن المصائب أننا وعدونا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
في هدم صرح الدين أهل وفاق https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif





في الأوصاف المختلفة لمن يعمر المساجد:

تقدم معنا بأن في هذه الآية قصر الصفة على الموصوف، وقد اعتبرت في هذه الآية الكريمة للموصوف بالعمارة خمس صفات (أ) الإيمان بالله تعالى (ب) الإيمان باليوم الآخر (ج) كونه مقيماً للصلاة (د) كونه مؤتياً للزكاة (هـ) كونه لا يخشى إلا الله تعالى.



إن بيوت الله عز وجل من الأهمية بمكان جليل، فهي البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، والتي ينبغي أن تكون بعيدة عن الأدناس والأرجاس طاهرة طهارة حسية ومعنوية بكل ما للفظ الطهارة من معنى، لذلك اقتضى أن يتصف بالأوصاف المذكورة بالآية كل من يقوم بعمارتها. وقد ذكر الله لنا بعض من عمر بيتاً له ليكون قدوة ومثالاً لمن يعمر المساجد فقال عز من قائل: ï´؟ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ï´¾ [البقرة: 127].



فمن مثل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ينبغي أن تبنى المساجد، وإلى من كان على أخلاقهما ينبغي أن تسند إليه عمارتها ونظارتها ووظائفها.



لذلك كان (الوصف الأول والثاني) هما الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر، لأن الذي لا يؤمن بالله واليوم الآخر لا يهمه إلا هدمها وخرابها ما دام يستفيد منها ولو حجراً واحداً يبيعه، أو خشبة يسلبها ليحرقها في داره، وأما من يهتم لعمارة المساجد وتطبيق شروط واقفيها فهو الذي يؤمن بالله واليوم الآخر، ذلك اليوم الذي تبيض فيه وجوه وتسود وجوه ï´؟ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ï´¾ [آل عمران: 106، 107]، (والوصف الثالث) كونه مقيماً للصلاة، ولا شك في أن إقامة الصلاة من عمارة المساجد، ففي المساجد يجتمع المسلمون لإقامتها فيتعارفون ويتآلفون، ويتعاونون على البر والتقوى، ويتعلمون فرائض الإسلام وأركانه وواجباته، (والوصف الرابع) كونه مؤتياً للزكاة، فمانع الزكاة لا يكون عامراً للمساجد، لأنه من يغتصب الزكاة (التي هي حق للفقير، ويمتنع من عطائها إليه) لجدير بأن يغتصب أموال المساجد ويختلسها، ويمنع المساجد حقها. (والوصف الخامس) كونه لا يخشى أحداً إلا الله، وهذه صفة أساسية يجب أن يتصف بها كل من كان متولياً على مسجداً وناظراً عليه ليتحقق من كونه عامراً لا هادماً، فلا يخشى حاكماً، ولا يرهب آمراً. أما الذين يخشون غير الله ويخافون على وظائفهم ومراكزهم فهم أسرع خلق الله إلى هدم المساجد والمعابد، وعذرهم أمام الله والناس أن آمرهم أمرهم بهدمها مع أن الله تعالى يخاطبنا في كتابه بقوله: ï´؟ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ï´¾ [آل عمران: 175]، فالله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين.



والحاصل أن شروط من يعمر مساجد الله ويتولى شؤونها وإدارتها أن يكون متصفاً بهذه الصفات الخمس التي ذكرها الله في هذه الآية، فمن تولى شيئاً من أمور المساجد ولم يكن متصفاً بها فإنه يكون هادماً للمساجد لا عامراً لها، لأن هذه الأوصاف كلها أركان الإيمان، فمن أضاع واحدة منها كان لحقوق المساجد أضيع، وتكون توليته وسلطته عليها سبباً لخرابها[3].



مفهوم هذه الآية:

إذا نظرنا إلى مفهوم هذه الآية فإنه يتضح لنا منها صفات هادمي المساجد بعد أن اتضح لنا من منطوقها صفات العامرين لها. وإذا أردنا استخراج مفهوم الآية حسب القواعد العملية فيكون على الوجه الآتي: إنما يخرب مساجد الله من كفر بالله واليوم الآخر ولم يقم الصلاة ولم يؤت الزكاة وخشي غير الله وأولئك هم الضالون ويشهد لمفهوم هذه الآية منطوق الآية (114) في سورة البقرة: ï´؟ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ï´¾ [البقرة: 114].



المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الثانية، العدد العاشر، 1356هـ - 1937م


[1] المجلة: يجب أن تكون المساجد مبدئياً بسيطة خالية من كل زخرف لتكون دالة ببساطتها على صفاء العقيدة وخلوص النية، غير أن هذا التقدير لما كان لا يستوي في ميزان جميع النفوس، ولا سيما غير المسلمة، وكان إلى جانب ذلك الترغيب وتأليف القلوب واجتذابها مما أقره الإسلام، لذلك كان لما ذهب إليه الأستاذ دهمان سبيله من الرأي.

[2] فمن ذلك مدرسة (الكشماسية) وخاصة مسجدها، حتى تعطلت فيه الصلاة من حين بعيد رغم إلفاتنا نظر دائرة الأوقاف بكتاب خاص، ورغم أنه في أهم شوارع العاصمة في (الحميدية).

[3] المجلة: مع جزيل الثناء نذكر السيدين رفعت دركل وعبدالرزاق عابدين إذ كانا من أكثر الناس سعياً لتجديد عمارة جامع (الخريزاتية) بعد احتراقه، وفي سبيل ذلك تعهدا لدائرة الأوقاف بتسديد نصف كلفته إن لم يمكنهما جمع ذلك من أهل البر والإحسان، فجزاهم الله خيراً.

- سِيمَــا. 04-06-2020 01:05 AM

-







سَلَمِتْ أٌنآملِـك عَلَى الـآنتقآء آلمميز
لـآحُرمنًآ آلمولى هًذآ الهطًول آلجمَيل
لروَحِك وردَة فرحَ.

eyes beirut 04-06-2020 02:24 PM

تسلم ايدك ع طرحك

الــوافــي 04-06-2020 09:26 PM

جزاك الله خير
طرح رآقي گ روحـگ
لآعدمنا جمآل ذآئقتگ
تحية صادقه من الاعماق
وبآنتظار جديد آبداعكگ دائمآ
ودي لگ

- وَرد. 05-06-2020 08:45 PM

-






أثابك الله الأجر والثواب
وَ أسعد قلبك في الدنيا والآخرة
دمتِ بحفظ الرحمن :241:.

احمد 06-06-2020 12:45 AM

بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا

ترانيم عشق 07-06-2020 12:05 AM

بارك الله في جميل طرحك..
وجعله في ميزان حسناتك يارب.

اميرو 07-06-2020 09:38 AM

رائع ومميز
طرحت فابدعت دمت ودام عطائك
سلمتْ أناملك على الطرح القيم
لك خالص إحترامي

صدى الشوق 08-06-2020 07:51 AM

موضوع قيّم
ربي يجزيك النعيم

رُواء 09-06-2020 07:26 AM

'




جزاك الله جنّة عرضُها السموَات والأرض
و لا حَرمك الأجر :ff1 (3):


الساعة الآن 12:51 AM

تصحيح تعريب Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024 
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant