منتديات انفاس الحب

منتديات انفاس الحب (https://a-al7b.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩{ انفاس القرآن الكريم وعلومه }۩۞۩ (https://a-al7b.com/vb/forumdisplay.php?f=96)
-   -   الظُّلْمُ الأعظم (https://a-al7b.com/vb/showthread.php?t=21498)

- وَرد. 21-03-2020 02:55 PM

الظُّلْمُ الأعظم
 





الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبيَّ بعده.
قال الله تعالى: ﴿
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا

عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ﴾ [الكهف: 57].
المراد بالآيات:
المراد بالآيات هنا: هو القرآن العظيم، في قول عامَّة المفسِّرين[1].
ولذلك رجع الضَّمير إلى هذه الآيات مُذكَّراً في قوله: ﴿ أَنْ يَفْقَهُوهُ ﴾ أي القرآن المُعبَّر عنه بالآيات[2].
فالله تبارك وتعالى يُخبر أنه لا أعظمَ ظلماً، ولا أكبرَ جُرماً

من عبدٍ ذُكِّرَ بآيات الله تعالى وبُيِّن له الحقُّ من الباطل، والهدى من الضَّلال
وخُوِّف ورُغِّب ورُهِّب، فأعرض عنها[3]، ولم يتذكَّر بما ذُكِّر به
ونسي ما قدَّمت يداه من الكفر والمعاصي ولم يتفكَّر في عاقبتهما[4].
فهذا أعظم ظلماً من المُعْرِض الذي لم تأته آيات الله ولم يُذكَّر بها
لكون العاصي على بصيرة وعلم، أعظم جُرماً مِمَّن ليس كذلك.
ولذلك عاقبهم الله تعالى - بسبب إعراضهم عن القرآن العظيم -
بأنْ سَدَّ عليهم أبواب الهداية، وجعل على قلوبهم أكنَّةً[5]
وهي الأغطية المُحْكَمة التي تمنعهم من أن يفقهوا الآيات وإنْ سمعوها
فليس في إمكانهم الفقه الذي يصل إلى قلوبهم وكذلك جَعَل في آذانهم وَقْراً[6]
أي: صمماً يمنعهم من وصول الآيات، ومن سماعها على وجه الانتفاع.
فإذا كانوا بهذه الحال، فليس لهدايتهم سبيل، ولذلك قال الله تعالى:

﴿ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ﴾.
ففي هذه الآية من التَّخويف لمن ترك الحقَّ بعد عِلمه، أنْ يُحال بينه وبينه

ولا يتمكَّن منه بعد ذلك، ما هو أعظم مُرهِّب وزاجر عن ذلك[7].
شبهة:
فإنْ قال قائل: إذا كانوا لا يستطيعون السَّمعَ ولا يفقهون؛ لأنَّ الله تعالى

جعل الأكنَّةَ المانعة من الفهم على قلوبهم، والوَقْرَ المانع من السَّمع في آذانهم.
فما وجه تعذيبهم على شيء لا يستطيعون العدول عنه والانصراف إلى غيره؟
ردُّها:
إنَّ الله تبارك وتعالى بيَّن في آيات كثيرة من كتابه العظيم: أنَّ هذه الموانع التي يجعلها

على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم - كالختم، والطَّبع، والغشاوة، ونحوها - إنَّما جعلها
عليهم جزاء وفاقاً، لِمَا بادروا إليه من الكفر، وتكذيب القرآن باختيارهم، فأزاغ
الله قلوبهم بالطَّبع، والأكنَّة، ونحوها، جزاء على كفرهم.
فمن الآيات الدَّالة على ذلك قوله تعالى: ﴿
فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾[الصف: 5].

فهذا دليل واضح على أنَّ سبب إزاغة الله قلوبهم هو زيغهم السَّابق. وقوله تعالى:
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ [المنافقون: 3]، وقوله تعالى:
﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14].
فهذه الآيات وأمثالُها فيها وجهان معروفان عند العلماء:
أحدهما: أنها في الذين سبق لهم في علم الله أنهم أشقياء، عياذاً بالله تعالى.
الثَّاني: المراد أنَّهم كذلك ما داموا متلبِّسين بالكفر؛ فإنْ هداهم الله إلى الإيمان وأنابوا

زال ذلك المانع. وقد رجَّح الشَّنقيطي - رحمه الله - الأوَّلَ[8].

[1] انظر: تفسير ابن كثير (3/ 92)؛ تفسير أبي السعود (5/ 230)؛ زاد المسير (5/ 117).
[2] انظر: تفسير النسفي (3/ 19)؛ أضواء البيان (4/ 155).
[3] انظر: تفسير السعدي (3/ 167).
[4] انظر: تفسير البيضاوي (3/ 506).
[5] الأكنَّة: جمع كِنان، وهو الغِطاء؛ لأنه يُكِنُّ الشيءَ، أي يَحْجُبه.
[6] الوَقْرُ: ثِقَلُ السَّمع المانع من وصول الصَّوت إلى الصِّماخ.
انظر: التحرير والتنوير (15/ 95).
والوَقْرُ - بالفتح - الثِّقل في الأذن.
والوِقْرُ - بالكسر - الحِمْلُ. يُقال: جاء يَحْمِل وِقْرَه، وقد أَوْقَرَ بَعِيرَه.

وأكثر ما يستعمل الوِقرُ في حِمْلِ البَغَلِ والحِمار.
انظر: مختار الصحاح (ص343)، مادة: (وقر).
وقد قال اللهُ تعالى في ثِقَلِ الأُذن: ﴿ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ﴾ [الكهف: 57].

وقال في الحِمْل: ﴿ فَالْحَامِلاَتِ وِقْرًا ﴾ [الذاريات: 2].

يعني: السُّحب التي تحمل ثِقَلاً من الماء.
انظر: تفسير البغوي (4/ 227)؛ أضواء البيان (4/ 160).
[7] انظر: تفسير السعدي (3/ 167-168).
[8] انظر: أضواء البيان (4/ 158-161).

د. محمود بن أحمد الدوسري



أسيرة الصمت 21-03-2020 03:23 PM

رزقك خالقي
أعالي جنانه
ووفقك لخيري
الدنيا والأخره
أسأل الله
لك الجنه
:100:

أبو محمد 21-03-2020 06:00 PM

جزاكم الله خير الجزاء على الموضوع القيم
وجعل كل ما تقدموه في موازين حسناتكِم
دمتم بحفظ الله

Reemas 21-03-2020 07:01 PM

ربى يعافيك ويسلمك


على هالطرح الرائع


لاخلا ولاعدم

الــوافــي 21-03-2020 09:56 PM

جزاك الله خير
طرح رآقي گ روحـگ
لآعدمنا جمآل ذآئقتگ
وبآنتظار جديد آبداعكگ دائمآ
ودي لك

eyes beirut 21-03-2020 10:33 PM

تسلم ايدك ع الطرح

المهاجره 22-03-2020 01:27 AM

جزاك الله كل خير
طرح رائع يحمل العبر بين سطوره
ويحمل الابداع في محتواه
سلمت يمينك
ولك احترامي وتقديري

غيمہّ فرٌح 22-03-2020 07:50 AM

||~




جزآگ الله خير الجزاء
https://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/ff1%20(8).png:h5:

اميرو 22-03-2020 08:41 AM


وَ فِي حَرمِ الجَمَال ليسَ أبلَغُ منَ الصّمتْ
إبدَاعٌ مِن أنَاملك ..!
بُورِكتْ الْأنَامِل وَ حُرّمتْ عنهَا النّارْ

لِـ روحِك الأورْكيدَا
https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/200 (50).gif

- وَرد. 22-03-2020 11:12 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسيرة الصمت (المشاركة 425791)
رزقك خالقي
أعالي جنانه
ووفقك لخيري
الدنيا والأخره
أسأل الله
لك الجنه
:100:

إزدان متصفحي بتشريفك
لك ودي وجائن وردي
بحفظ الله :-ff1 (8):.


الساعة الآن 12:13 AM

تصحيح تعريب Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024 
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant