تفسير سورة الأنعام الآيات (12 - 15)
تفسير سورة الأنعام
الآيات (12 - 15) قال تعالى: ﴿ قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [الأنعام: 12 - 15] ﴿ قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [سُورَة الْأَنْعَام:12]. ﴿ قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ خَلْقًا ومُلْكًا وَتَدْبِيرًا [1]. ﴿ قُلْ لِلَّهِ ﴾ تَقْرِيرٌ لَهُمْ، أيْ: هُو لِلَّهِ، لَا خِلافَ بَيْنِي وبَيْنَكُمْ[2]، واللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسُّؤالِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالْجَوابِ ثانِيًا؛ لِتَعَيُّنِ هَذَا الْجَوَابِ اتْفَاقًا[3]. ﴿ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ ﴾ أَوْجَبَ عَلى نَفْسِهِ ﴿ الرَّحْمَةَ ﴾ تَفْضُّلًا مِنهُ وَكَرَمًا عَلَى عِبَادِهِ [4]. وَقَد أَخْرَج الشَّيْخَانِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ كَتَبَ فِي كتابٍ، فَهو عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي»[5]. وفِي البُخارِيِّ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي، فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ، فَهو العَرْشُ»[6]. ﴿ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ [النساء: 87] لِيُجازِيَكُمْ بِأَعْمالِكُمْ[7]، فَيُجَازِي الَّذِينَ ﴿ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ﴾ [سُورَة النَّجْم:31]. ﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ شَكَّ ﴿ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾ بِكُفْرِهِم بِاَللَّهِ تَعَالَى[8] ﴿ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾. ﴿ وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [سُورَة الْأَنْعَام:13]. ﴿ وَلَهُ ﴾ تَعَالَى ﴿ مَا سَكَنَ ﴾ أَي: هَدَأَ وَاسْتَقَرَّ، والْمُرَادُ مَا سَكَنَ وَمَا تَحَرَّكَ، واكْتَفى بِأحَدِ الضِدَّيْنِ عَنِ الآخَرِ لِلْعِلْم بِه كَقَوْلِهِ: ﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ﴾ [سُورَة النَّحْل:81] أيِ: الحَرُّ والبَرْدُ[9] ﴿ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ﴾ أيْ: كُلُّ شَيْءٍ فَهُوَ رَبُّهُ وَخَالِقُهُ وَمَالِكُهُ[10]. ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ ﴾ لِأَقْوَالِ عِبَادِهِ[11] ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ بِأَفْعَالِهِمْ. ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [سُورَة الْأَنْعَام:14]. ﴿ قُلْ ﴾ لَهُمْ: ﴿ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا ﴾ نَاصِرًا وَمَعْبُودًا[12] ﴿ فَاطِرِ ﴾ مُبْدِعٍ وَخَالِقٍ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ[13] ﴿ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾. ﴿ وَهُوَ يُطْعِمُ ﴾ يَرْزُقُ خَلْقَهُ[14] ﴿ وَلَا يُطْعَمُ ﴾ يُرْزَقُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ﴾ [سُورَة الذَّارِيَات:57][15]. ﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ﴾ أَي: اسْتَسْلَمَ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ الَّتِي أُرْسِلْتُ إِلَيْهَا[16]. ﴿ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ وَقَدِ امْتَثَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فَقَالَ كَمَا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [سورة الأنعام:162-163]. ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾[سورة الْأَنْعَام:١٥]. ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي ﴾ بِالْإِشْرَاكِ بِهِ وَعَدَمِ الِاسْتِسْلَامِ لَهُ[17] ﴿ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ هُوَ يَوْمُ الْقِيامَةِ[18]. [1] ينظر: تفسير القاسمي (4/ 321)، تفسير السعدي (ص251). [2] ينظر: تفسير الزمخشري (2/ 8). [3] ينظر: تفسير البيضاوي (2/ 155)، تفسير أبي السعود (3/ 115). [4] ينظر: تفسير القرطبي (6/ 395)، تفسير البيضاوي (2/ 155). [5] صحيح البخاري برقم (7404)، صحيح مسلم برقم (2751). [6] صحيح البخاري برقم (7554). [7] ينظر: تفسير الجلالين (ص164). [8] ينظر: تفسير النسفي (1/ 493). [9] ينظر: تفسير البغوي (3/ 131)، تفسير القاسمي (4/ 324). [10] ينظر: معاني القرآن للزجاج (2/ 232). [11] ينظر: تفسير ابن كثير (3/ 243). [12] ينظر: تفسير النسفي (1/ 494). [13] ينظر: تفسير البغوي (3/ 132). [14] ينظر: تفسير الطبري (9/ 176). [15] ينظر: تفسير البغوي (3/ 132)، تفسير القرطبي (6/ 397)، تفسير ابن كثير (3/ 243). [16] ينظر: تفسير ابن عطية (2/ 273)، تفسير القرطبي (6/ 397). [17] ينظر: تفسير الجلالين (ص164). [18] ينظر: تفسير البغوي (3/ 132). |
/
جزاك الله خيراً وَ بارك الله فيك وَ جعله في ميزان حسناتك يعطيك العافية |
جزاك الله خير
وجعله فى ميزان حسناتك وانار دربك بالايمان ويعطيك العافيه على طرحك ماننحرم من جديدك المميز خالص تحياتي |
جزاك ربي خير الجزاء
ونفع الله بك وسدد خطاك وجعلك من أهل جنات النعيم |
جزاك الله خير :ff1 (37):
يعطيك العافيه .. |
إنتقاء ثريّ بالجمـال والروعــه سلمت الأنامل ويعطيك العآفيه لروعة طرحك بانتظارجديدك بكل شوق |
-
جَزاك الله جنّةٌ عَرضها السّمواتِ والأَرض ولا حَرمك الأجِر ..:131: |
.، جزاك الله خير:241: وجعله في موازين حسناتك:241: وانارالله دربك بالايمان:241: ماننحرم من جديدك المميز:241: امنياتي لك بدوام التألق والابداع:241: دمـت بحفظ الله ورعايته:241: |
بارك الله فيك
:85: |
_
، جَزَاكَ اَللَّهُ اَلْجَنَّةَ وُوَالُدِيكْ سَلَّمَتْ يَدَاكَ وَنَفَّعَنَا اَللَّهِ بِمَا طَرَحَتْ - لَا عَدِمْنَا هَذَا اَلنَّقَاءِ . . ~ |
الساعة الآن 12:34 PM |
تصحيح تعريب
Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب