منتديات انفاس الحب

منتديات انفاس الحب (https://a-al7b.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩{ انفاس القرآن الكريم وعلومه }۩۞۩ (https://a-al7b.com/vb/forumdisplay.php?f=96)
-   -   تأملات في آية الصيام (2) (https://a-al7b.com/vb/showthread.php?t=33525)

- آتنفسك❀ 31-07-2020 07:53 PM

تأملات في آية الصيام (2)
 
تأملات في آية الصيام (2)

كنَّا قد شرعْنا في تأمُّل آية الصيام في المقال السابق، وتوقَّفنا عندَ بعض ما فيها مِن معانٍ إيمانيَّة.
وفي هذا المقال نستكمل بيانَ كون الصيام عملاً إيمانيًّا.
يجِب فيه أن يكون مشحونًا بالمشاعِر والأحاسيس.

الصِّيام وإنْ كان عبادةً تركيَّة، إلا أنَّه يُعطي مساحةً واسعةً للعبادات الفعليَّة: القلبيَّة والبدنيَّة، وأوَّل ما نُريد بيانَه مِن هذه المعاني:
1- السمع والطاعة:
ثَمَّة عبادات يكون مِن مقاصدها اختبارُ طاعة المسلِم واستسلامه لأمْر الله تعالى، كبعض أعمال الحجّ، والصيام كذلك مِن هذا الباب؛ إذ فيه تحريمٌ للحلال، بل تحريم لأحبِّ الحلال للنفوس، وهو لا شكَّ اختبار قوي لاستسلام النَّفْس الإنسانيَّة لله، وزوال مراداتها عندَ مرادات الله - عزَّ وجلَّ.
وهذا الشُّعور يجِب أن نشعرَه مع كلِّ كلمة: "الله أكبر" نسمعها عندَ الفجر، حيث كنا منذُ ثوان نأكُل حلالاً أصبح علينا حرامًا، ونحن في كلا الأمرين سامِعون مطيعون.

2- تحقيق مقام التقوى:
وقد تكلَّمْنا على هذا الجانب في المقال السابِق بما يُغني عن إعادته، واقتضاه هناكَ مناسبةُ السِّياق.

3- السيطرة على النَّفْس وكبْت الشهوات:
مِن خصائص الصِّيام: أنَّه علاج ناجِح لمشكلة الضعْف النفسي، وتدريب جيِّد على التحكُّم في الهوى والشهوات.
فالمواقِف التي يَمتنع فيها المرءُ عن أن يطعم شيئًا يراه فيشتهيه.

أو أن يجامِع زوجه حين تثور الشهوةُ في نفسه.
أو أن يسبَّ أحدًا بالَغ في إيذائه.
أو يغضَب في موقفٍ يستفزُّ الغضب.
إنْ هي إلا مواقف تنمي في المرء قوَّة العقل المانع مِن الوقوع في زلَل الشهوات والشُّبهات.

وقدْ وصَف الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - مَن يملك نفْسه عندَ الغضب بأنَّه المرء الشديد، غير أنَّ شِدَّته شدةُ العقل، وليستْ شِدَّةَ البدن.
وكلنا في الحقيقةِ محتاجون - حتى النخاع - أن نتَّصِف بهذا النَّوع مِن القوَّة.
وفي الحين الذي كان الصيام فيه موصلاً لهذه القوَّة الجبارة، قوَّة العقل الكابِت للشهوة كان هو السببَ كذلك في إضْعاف قوَّة البدن، التي تضعف قوَّة الشهوة؛ ولذا كان هو العلاج النافِع بالنسبة لطائفةِ الشباب.

((يا معشرَ الشباب مَن استطاع منكم الباءةَ فليتزوَّج، ومَن لم يستطعْ فعليه بالصوم، فإنَّ الصوم له وجاء))، صدَق رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.
والوِجاء: شيءٌ كالخصاء يُصنع بالفحل ليذهبَ شهوته، ويحافظ عليه قويًّا للعمل، فشبَّه الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذهابَ الصوم لشهوةِ النِّكاح بالوجاء الذي يُذهب عن الفحل هذه الشهوة.
فإعانة الصِّيام على السيطرةِ على النفس هو مِن باب زيادة قوَّة العقل، وإعانته على كبْت الشهوات هو مِن باب إضعافِ قوَّة البَدن.

4- التكيُّف مع متَغَيِّرات الحياة:
((اخشوشنوا فإنَّ النِّعمة لا تدوم))[1].
حديثٌ عظيم مِن الأحاديث التربويَّة للرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإنَّ العطاء المستمر والنِّعمة المستمرة أمرانِ مُفسِدان.

قال أبو العتاهية:
إِنَّ الشَّبَابَ وَالفَرَاغ َوَالجِدَهْ ♦♦♦ مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيُّ مَفْسَدَهْ

شهوة شباب، وفَراغ عقلي وزمَني، وجِدَة للمال: أمورٌ مفسدة للنفس فسادًا لا تتصوَّر عاقبته.
ووجود المال مع الشهوة أمرٌ ميسِّر للوقوع في الزِّنا، ووجود المال مع الفَراغ أمرٌ ميسِّر للإسراف والمجون، ولكن العِلَّة ليستْ في المال؛ لأنَّ المال بنفْسه ليس بصانعٍ شئيًا، إنَّما المراد هو قِيمة المال الفعليَّة، التي تتحقَّق بالشراء وغيره، فالمراد النِّعمة التي تجتلب بالمال.
وحين يقول الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اخشوشنوا...))، فهذه دعوةٌ للتقلُّل مِن النعمة التي يجتلبها المال، وليستْ دعوةً للتقلل مِن المال؛ لأنَّ المال عطاء حسَن إذا كان في يدِ الكريم الرَّشيد والحَكيم.
والصوم وسيلةٌ للتقلُّل مِن النِّعم التي تجتلب بالمال، والتي أصلُها ملاذُّ المطعوم والمشروب، فهو - لذا - وسيلةٌ للاخشيشان الذي حثَّ عليه الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم.

ولكن..
ما القيمةُ التربويَّةُ في هذه الدعوة النبويَّة؟
إنَّه من المعلوم أنَّ أوَّل ضحايا المجاعات والكوارث هم المرفَّهون.
وأنَّ أكثر الناس صبرًا على المصائبِ هم الفقراء الذين لم "يبشموا" مِن النِّعمة، ولم يغرقوا فيها.
والحياة لا تَخْلو أبدًا مِن مصائب مفاجِئة وكوارث فاجِعة.

فالاخشيشان هو الوسيلةُ الوحيدة للمقاومة.
تُرى لو عُومل الجنود في الحرْب معاملةَ الأطفال في المهْد ماذا ستكون النتيجة؟!
ونحن إذ نربِّي أنفسنا على هذا يجِب أن نربِّي أطفالَنا كذلك.
فليس كلُّ العطاء خيرًا، كما ليس كلُّ المنع خيرًا.

ولكن الاعتدال سمت الإسلام كلِّه، فيجب علينا في العموم أن نحرمَ أبناءَنا كما نُعطيهم، ولكن يكون الحِرمان عندَ الخطأ، والعطاء عندَ الصَّواب، ويجِب علينا في الخصوصِ تعويدُ أبنائِنا الصِّيام بحسبِ قوَّتهم وتحمُّلهم، فمِنهم من يُطيق الصيامَ إلى الظهر، ومنهم مَن يُطيقه إلى العصر، ومِنهم مَن يُطيقه حتى المغرِب.
وبكيفيَّات كثيرة يُمكن أن نعلِّم أبناءَنا الصيام؛ قياسًا على تعليمهم الصلاة، أمر نحتسِبه للدِّين وللدُّنيا كذلك.

5- الإحساس بالفُقراء والمحرومين:
حين تأتيك قَرْصة الجوعِ لن تكونَ في حال محمودة.
فإذا كنتَ تحسُّ بها كثيرًا فأنتَ امرؤٌ يستحق الشفَقَة.
أمَّا أن تحسَّ بها كلَّ حِين، فذلك أمرٌ لا تَعرِفه مجتمعاتُ المؤمنين.
ولذلك كان مِن مقاصد الصِّيام إذاقةُ المسلمين شعورًا لن يكونَ بينهم، ثم يجوز أن يَسكُتوا عليه.
فمَن استصعب ألَمَ الجوع وهو مؤمِن فلن يَسمحَ أبدًا أن يذوقَه كل حين أخٌ له في الإسلام..
وليستِ المجاعات منكم ببعيد!

صورةٌ حاز ملتقطُها الجائزةَ الأولى على مستوى العالَم في التصوير، رأيت هذه الصورة فقفّ شَعري.
إنَّها صورةُ صومالي يموت جوعًا!
ضلوعه نافرة كأنَّما هيكل عظمي يُضفي عليه السكون، صورة الموت المهيبة، التي يصير إليها بعدَ قليل!
بجانبه نسر ينتظر وجبةً بشريَّة شهيَّة، كأنَّما يقتصُّ لكثيرٍ مِن إخوانه الطيور، التي تمثِّل وجبات شهية في أطباقِ الأغنياء.

[1] هذا الحديث لا يصح مرفوعا أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف وغيره ومداره على عبدالله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري وهو ضعيف.




الأمير 01-08-2020 10:06 AM

بآرك الله جهودكم
طرح رآئع سلمت الأنآمل
ننتظر جديدكم بكل شوق
الله يعطيكم الصحة والعآفية
https://2img.net/h/dl6.glitter-graph...s0xnmt1zpg.gif

eyes beirut 01-08-2020 10:39 AM

تسلم ايدك ع الطرح

الــوافــي 01-08-2020 06:38 PM

جزاك الله خير
طرح رآقي گ روحـگ
لآعدمنا جمآل ذآئقتگ
تحية صادقه من الاعماق
وبآنتظار جديد آبداعكگ دائمآ
ودي لگ

‏‏نبُض جآمح ❥ 01-08-2020 07:09 PM

جزاك الله خيرا
وجعله في ميزان حسناتك

Reemas 01-08-2020 11:48 PM

يعطيك العافية

لاخلا ولاعدم

أسير الشوق 02-08-2020 03:25 AM

يعطيكِ ألف عافيه على الطرح المفيد
جعله الله فى ميزان حسناتكِ يوم القيامه
وشفيع لكِ يوم الحساب
شرفنى المرور فى متصفحكِ العطر
دمتِ بحفظ الرحمن

صدى الشوق 02-08-2020 07:28 AM

حروف ذو فوائد قيّمة
ربي يجزيك النعيم

غيمہّ فرٌح 05-08-2020 01:31 AM

جزيت من الخيراكثره
ومن العطاء منبعه ...
لا حرمنا البارئ واياك جناته
:rose::rose:

Eashqi 05-08-2020 04:51 AM

جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض
بآرك الله فيك على الطَرح القيم و في ميزآن حسناتك ,,
آسأل الله أن يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمتـمّ بـِ طآعَة الله ..**
|‘,


الساعة الآن 07:00 PM

تصحيح تعريب Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024 
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant