منتديات انفاس الحب

منتديات انفاس الحب (https://a-al7b.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩ أنفاس القصص والروايات الاسلاميه ۩۞۩ (https://a-al7b.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   قصة يونس عليه السلام: دروس وعبر (https://a-al7b.com/vb/showthread.php?t=31027)

- آتنفسك❀ 06-07-2020 08:15 PM

قصة يونس عليه السلام: دروس وعبر
 

قصة يونس عليه السلام

دروس وعبر [1]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها المسلمون، إن في قصص الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام عبراً وعظات، ودروسًا نافعات. ينظر المسلم فيها إلى خصال الخير من الرسل والمؤمنين بهم فيسعى إليها، ويقتدي بأهلها فيها، وينظر كذلك في خصال الشر لمن كذب الرسل فيحذرها، ويبتعد عن صفات أهلها.


ويتأمل فيما جرى لأهل الإيمان من العاقبة الحميدة، والجزاء الحسن، فيزداد بالطريق يقينًا، وبربه إيمانًا، وبالنهاية الطيبة التي تنتظره تفاؤلاً.


وفيما حصل لأهل التكذيب والخطيئة يأخذ العبرة بمآل المعاصي والعصاة الذين أسرفوا ولم يرعووا، وأوغلوا ولم يتوبوا، مهما اتسعت دنياهم، واشتدت قواهم، وطال بهم زمن الإمهال فإن العاقبة الوخيمة كانت نهايتهم، إن في ذلك لعبرة لمن يخشى.


عباد الله، من أنبياء الله تعالى الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن الكريم: يونس بن متّى عليه الصلاة والسلام، وقد سمى الله تعالى سورة من سور القرآن باسمه.


هذا النبي الكريم أرسله الله تعالى إلى أهل نينوى وهي من أرض الموصل في العراق، فدعاهم إلى توحيد الله فلم يؤمنوا، بل كذبوه واستمروا على كفرهم وعنادهم، فلما طال ذلك عليه من أمرهم خرج من بين أظهرهم، مغاضبًا لهم، ووعدهم حلول العذاب بهم، فلم ينيبوا، ولم يصبر عليهم كما أمره الله، وخرج مِن بينهم غاضبًا عليهم، ضائقًا صدره بعصيانهم، وظن أن الله لن يضيِّق عليه ويؤاخذه بهذه المخالفة. فابتلاه الله بشدة الضيق والحبس في بطن الحوت في البحر، وذلك أنه ركب سفينة في البحر مملوءة بالراكبين فاضطربت وماجت بهم وثقلت بما فيها، وكادوا يغرقون، فاشتوروا فيما بينهم على أن يقترعوا، فمن وقعت عليه القرعة ألقوه من السفينة ليتخففوا منه. فلما اقترعوا وقعت القرعة على نبي الله يونس عليه السلام، لأمر يريده الله، فألقى نفسه في البحر.
فبعث الله عز وجل حوتًا عظيماً فالتقمه، وأمر الله تعالى الحوت أن لا يأكل له لحماً ولا يهشم له عظماً. فقضى يونس في بطنه وقتًا يعلمه الله تعالى، ثم أمر الله الحوت أن يلقيه فألقاه في أرض خالية من الشجر والبناء، وهو ضعيف البدن، وأنبت عليه شجرة من القَرْع تظلُّه، وينتفع بها، حتى عاد إلى عافيته.


أيها المسلمون، وعوداً إلى قوم يونس عليه السلام فإنه لما فارقهم، وتحققوا نزول العذاب الذي توعدهم به؛ قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة، وندموا على ما كان منهم من تفريط وتكذيب، فعجوا إلى الله عز وجل، وصرخوا وتضرعوا إليه، وتمسكنوا بين يديه، وبكى الرجال والنساء والأطفال. فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب الذي كان قد اتصل بهم سببُه، ودار على رؤوسهم كقطع الليل المظلم. فرجع يونس إليهم وكانوا مائة ألف أو يزيدون على ذلك، فآمنوا فمتعهم الله بالحياة إلى آجالهم المحتومة[2].
عباد الله، لقد ذكر الله سبحانه وتعالى قصة يونس عليه السلام في القرآن في سور: يونس، والأنبياء، والصافات، والقلم.
يقول تعالى في سورة الأنبياء: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87] ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 88].
والمعنى: واذكر ذا النون وهو يونس عليه السلام، والنون هو الحوت، نسب إليه لأنه التقمه، حين خرج عن قومه مغاضبًا لهم؛ إذ كان يدعوهم إلى الله فيكفرون حتى أدركه ضجر منهم فخرج عنهم، فظن أن لن يضيق الله عليه بعقوبة على هذا الفعل، فنادى في الظلمات، وهي ظلمة الليل والبحر وبطن الحوت، فنادى أن: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. والظلم الذي اعترف به هو: كونه لم يصبر على قومه وخرج عنهم. فرحمه الله فاستجاب دعوته، فأخرجه من غم البقاء في بطن الحوت إلى البَر، وعاد إلى الحياة والأحياء. والإنجاءُ من الغموم ليس خاصًا بيونس عليه السلام بل هو كائن كذلك للمؤمنين إذا أتوا بأسبابه[3].
أيها الأحباب الكرام، في هذا المقطع البديع عظات بليغة، ودروس نافعة، فمن ذلك:
أن يونس عليه السلام من أنبياء الله الكرام، وما حصل من عتاب الله له وإيقاعه في الغم لا يدعو إلى تنقصه والإزراء به؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى)[4].
وقال صلى الله عليه وسلم: (ولا أقول: إن أحداً أفضل من يونس بن متى) [5]، وقال عليه الصلاة والسلام: (من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب)[6].
"قال العلماء: هذه الأحاديث تحتمل وجهين: أحدهما: أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا قبل أن يعلم أنه أفضل من يونس، فلما علم ذلك قال: أنا سيد ولد آدم، ولم يقل هنا: إن يونس أفضل منه، أو من غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم. والثاني: أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا زجراً عن أن يتخيل أحد من الجاهلين شيئًا من حطِّ مرتبة يونس صلى الله عليه وسلم من أجل ما في القرآن العزيز من قصته، قال العلماء: وما جرى ليونس صلى الله عليه وسلم لم يحطه من النبوة مثقال ذرة"[7].
ومن عظات هذه الآيات: أهمية الصبر في الدعوة إلى الله تعالى وأنه من أسباب مراضي الله، فقد يضيقُ صدر الداعية بتصرفات الناس، ويقل احتماله لصدودهم، ولكنَّ الصبر والكظم أليق به، وبدعوته؛ لأن ذلك من آداب الدعوة، ووصول الأثر الحسن إلى قلوب المدعوين.
ومنها: أن ترك الصبر قد يكون سببًا للبلاء، وأن ابتلاء الله لعبده المؤمن وعتابه له لا يدعو إلى نقصه، وإنما هو تأديب من الله ليرقِّيَ عبده المؤمن إلى المراتب العالية؛ فإن البلاء قد يرد العبد إلى ربه، بل ربما رده إلى أفضل مما كان عليه، قال تعالى: ﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].
ومنها: أن الله تعالى اختص يونس بخصيصة تضاف إلى فضائله وهي أنه عبدَ الله هي أنه عبد الله تعالى في مكان لم يعبده فيه أحد من البشر.
ومنها: المسارعة إلى الابتهال إلى الله وقت البلاء، وفضل التضرع بين يديه والتوسل بتوحيده وتنزيهه، والاعتراف بالذنوب بين يدي الله، فذلك من وسائل إجابة الدعاء، وكشف الضراء.
أيها المسلمون، وقال تعالى في سورة الصافات: ﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الصافات: 139] ﴿ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴾ [الصافات: 140] ﴿ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ﴾ [الصافات: 141] ﴿ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ [الصافات: 142] ﴿ فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ﴾ [الصافات: 143] ﴿ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الصافات: 144] ﴿ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ﴾ [الصافات: 145] ﴿ وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ﴾ [الصافات: 146] ﴿ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ [الصافات: 147] ﴿ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ [الصافات: 148].
في هذه الآيات الكريمة ذكر الله تعالى أن يونس عليه السلام من رسل الله تعالى، وأنه هرب إلى السفينة المملؤة بالراكبين، فاضطرب البحر وخاف الراكبون الغرق، فاتفقوا على تخفيف العدد الذي على متن السفينة لينجو بعضهم بهلاك آخرين، فجعلوا القرعة بينهم طريقًا إلى ذلك، فقارع يونس فخسر في القرعة فوقعت عليه، فألقى بنفسه من السفينة فابتلعه الحوت وهو آتٍ بما يلام عليه؛ لذهابه عن قومه بغير إذن الله له بذلك. فلولا أنه كان من المصلين المسبحين الداعين المعترفين بالذنب لكان بطن الحوت قبراً له إلى يوم القيامة، لكن الله رحمه فأخرجه من بطن الحوت وهو ضعيف هزيل إلى أرض خالية وأنبت عليه شجرةَ القرع، فلما عوفيَ رجع إلى قومه داعيًا.
عباد الله، نستفيد من هذه الآيات الكريمة:
أولاً: حفظ الله لأوليائه وعباده الصالحين حتى في أوقات ابتلائهم.
ثانيًا: لم تذكر الآيات كم بقي يونس في بطن الحوت، ولم يذكره أيضًا النبي صلى الله عليه وسلم؛ لذلك لا داعي للخوض في تحديد ذلك.
ثالثًا: بيان سعة علم الله تعالى وسمعِه وعظمة قدرته؛ فقد علم بموضع نبيه يونس وسمع دعاءه وتسبيحه وتوبته وهو في تلك الظلمات الثلاث. وبقدرته تعالى حفظ حياته وهو في تلك المهلكة، وأعاد إلى جسده رونق الحياة بعد حرِّ بطن الحوت، كما فيه بيان أن الكون كله مسخر لله تعالى يأمره بما شاء، كما أمر الحوت بالتقام يونس وحفظه ثم نبذه في العراء بعد ذلك.
رابعًا: أهمية عمل الطاعات في الشدائد، وأنها سبب نجاة منها.
خامسًا: استدل بعض العلماء بمساهمة يونس ومشاركته في الاقتراع على جواز استعمال القرعة[8]، وذلك جائز عند الأمور المشكلة والمتساوية التي لا يوجد ترجيح لبعضها على بعض، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرع بين نسائه إذا أراد سفراً أو غزواً أيتهن خرج سهمها كانت معه[9].
وهذا الاستدلال لجواز القرعة من قصة يونس إنما هو استدلال بأصل المسألة لا بجواز القرعة في مثالها الذي حصل؛ فإنه في شريعتنا لا يجوز إلقاء مسلم قصداً في الهلاك من أجل حياة غيره؛ فالنفوس عند الله كلها كريمة، قال بعض العلماء: " الاقتراع على إلقاء الآدمي في البحر لا يجوز، فكيف المسلم؟ فإنه لا يجوز لمن كان عاصيًا أن يُقتل، ولا يرمى به في النار والبحر; وإنما تجري عليه الحدود والتعزير على مقدار جنايته، وظن بعض الناس أن البحر إذا هال على القوم فاضطروا إلى تخفيف السفينة أن القرعة تضرب عليهم، فيطرح بعضهم تخفيفاً. وهذا فاسد؛ فإنها لا تخف برمي بعض الرجال، وإنما ذلك في الأموال، وإنما يصبرون على قضاء الله"[10].
سادسًا: أن الله تعالى أكرم يونس عليه السلام عند إلقاء الحوت له إلى البر بشجرة اليقطين التي هي الدباء؛ لتكون سببًا لصحة بدنه وحمايته مما يضره. وقد اختيرت هذه الشجرة دون غيرها لأسباب؛ فقد أنبتها الله "فوقه لتظله وتقيه حر الشمس، وإنما خصه الله به لأنه-يعني الدباء- يجمع برد الظل، ولين اللمس، وكبر الورق، وأن الذباب لا يقربه؛ فإن لحم يونس لما خرج من البحر كان لا يحتمل الذباب"[11]، ولأنه" أسرع الأشجار نباتاً وامتداداً وارتفاعاً، وأن ورقه باطنها رطبة"[12]، وقال ابن كثير: "وذكر بعضهم في القرع فوائد، منها: سرعة نباته، وتظليلُ ورقه لكبره، ونعومته، وأنه لا يقربه الذباب، وجودة أغذية ثمره، وأنه يؤكل نيئاً ومطبوخاً بلبه وقشره أيضًا. وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُحِبّ الدُّبَّاء، ويتتبعه من حَوَاشي الصَّحْفة"[13].
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
أيها المسلمون، ويستمر الحديث عن قصة النبي الكريم يونس عليه السلام، فيقول الله تعالى في سورة القلم: ﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ﴾ [القلم: 48] ﴿ لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ ﴾ [القلم: 49] ﴿ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [القلم: 50].
في هذه الآيات الكريمة يأمر الله عز وجل نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بالصبر على أذى قومه وتكذيبهم له؛ فإن الله سيحكم له عليهم، ويجعل العاقبة له ولأتباعه في الدنيا والآخرة، ونهاه سبحانه أن يكون في الغضب على قومه والعجلة عليهم كيونس عليه السلام الذي التقمه الحوت حينما غاضب قومه فخرج من بينهم من غير أن يصبر عليهم، فلما كان يونس في بطن الحوت مغمومًا مكروبًا دعا الله تعالى بالنجاة، فتداركه الله برحمته فنجاه من غمه وجعله من عباده المرسلين الصالحين.
أيها الأحباب الكرام، من هذه الآيات الكريمة نستفيد:
أن دعوة المعرضين عن الحق تحتاج إلى صبر وجلد، حتى تحصل ثمرة الدعوة، أو يعذر الداعية إلى ربه، وأن العجلة في قطف الثمرة لا تعين على الاستمرار، وأن الاعتدال مطلب من مطالب العبودية؛ ففي الغضب يجب أن لا يخرج المؤمن عن حدود المشروع إلى الممنوع، حتى ولو كان الغضب من أجل الله تعالى، وفي سبيله.
ومن ذلك: أن ما وجده يونس عليه السلام في نفسه من الغمِّ كان أكبر عليه مما لاقاه من المشاق والصعاب، إلى أن نجَّاه ربّه جلَّ وعلا من كلِّ ذلك.
فلما رجع يونس إلى قومه وجدهم قد آمنوا وهم جمع كبير تجاوز مائة ألف، فسلموا بذلك من عذاب الله تعالى، ورضي الله عنهم ورضي عنهم نبيهم، وهذه ميزة خاصة لهؤلاء القوم رحمهم الله، حيث لم تؤمن أمة كاملة بنبيها سواها؛ ولهذا يقول تعالى: ﴿ فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ [يونس: 98].
فما أحسن الإيمان وسيلة إلى رضوان الله، وسبيلاً إلى النجاة من المكاره، وطريقًا إلى السعادة في الدنيا والآخرة، ولله الحمد على رحمته بعباده، وحلمه عليهم؛ فإنه سبحانه لا يريد تعذيبهم، ولكنهم بذنوبهم يصلون إلى عذابه.
قال تعالى: ﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾ [النساء: 147].
هذا وصلوا وسلموا على خير البشرية...


[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في: 13 /12 /1439هـ، 24 /8 /2018م.

[2] ينظر: قصص الأنبياء، لابن كثير (1/ 387)، التفسير الميسر (6/3) (8/ 135)، فتح الباري لابن حجر (10/ 212).


[3] التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي (2/ 300)، بتصرف.


[4] متفق عليه.


[5] متفق عليه.


[6] رواه البخاري.


[7] شرح النووي على مسلم (15/ 132).


[8] ينظر: الطرق الحكمية (ص: 417، 421)، بدائع الفوائد (4/ 367)، البحر الرائق (8/ 173)، بداية المجتهد ونهاية المقتصد (ص: 613)، الأم، للشافعي (8/3)، المغني (12/ 273).


[9] متفق عليه.


[10] أحكام القرآن لابن العربي (7/ 46)، بتصرف.


[11] البحر المديد (6/ 290).


[12] التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي (2/ 433).


[13] تفسير ابن كثير (7/ 40)



رقےـة أنثےـى 06-07-2020 09:08 PM

.

سلمت آناملك آلمتألقه
لروعة طرحهآ..:ff1 (209):
ودي لك ولروحك ,,~:ff1 (209):

حلم 07-07-2020 09:21 AM

جزاك الله خير
وجعلها الله بميزان حسناتك:ff1 (209):

‏‏نبُض جآمح ❥ 07-07-2020 09:36 AM

جزاك الله خيرا
وجعله في ميزان حسناتك

- وَرد. 07-07-2020 09:40 AM

-






أثابك الله الأجر والثواب
وأسعد قلبك في الدنيا والأخرة
دمتِ بحفظ الرحمن https://www.a-al7b.com/vb//images/smilies/ff1%20(8).png.

أسير الشوق 07-07-2020 11:54 AM

يعطيكِ ألف عافيه على الطرح المفيد
جعله الله فى ميزان حسناتكِ يوم القيامه
وشفيع لكِ يوم الحساب
شرفنى المرور فى متصفحكِ العطر
دمتِ بحفظ الرحمن

eyes beirut 07-07-2020 01:50 PM

تسلم ايدك ع الطرح

غيمہّ فرٌح 08-07-2020 02:25 AM

/~



جزيت من الخيراكثره
ومن العطاء منبعه ...
لا حرمنا البارئ واياك جناته
:rose::rose:

أسيرة الصمت 08-07-2020 01:33 PM

رزقك خالقي
أعالي جنانه
ووفقك لخيري
الدنيا والأخره
أسأل الله
لك الجنه

:100:

الأمير 12-07-2020 07:35 PM

طرح رآئع جميل سلمت الأنآمل
جزآك الله خير وجعله في ميزآن حسنآتك
ننتظر جديدك بكل شوق
الله يعطيك الصحة والعآفية
https://2img.net/h/dl6.glitter-graph...s0xnmt1zpg.gif


الساعة الآن 07:55 PM

تصحيح تعريب Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024 
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant