منتديات انفاس الحب

منتديات انفاس الحب (https://a-al7b.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩ أنفاس الحج والعمره ۩۞۩ (https://a-al7b.com/vb/forumdisplay.php?f=168)
-   -   عرفة لمن عظَّم الله وعرَفه (https://a-al7b.com/vb/showthread.php?t=72028)

غيمہّ فرٌح 06-07-2022 01:40 AM

عرفة لمن عظَّم الله وعرَفه
 
عرفة لمن عظَّم الله وعرَفه


الحمد لله قدَّم نبينا على كل نبي أرسله، وكتابنا على كل كتاب أنزَله، وجعل أمتنا الأخيرة الأوَّلَة، فله الشكر من معتقد أنه به ولَه، لا غنى إلا في طاعته، ولا عزَّ إلا بالتذلل لعظمته.
الحمد لله مُجيب من دعا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وفاتح الباب لعبد قرَعا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فهو الذي منَّ بإرسال الحبيبْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فيا سعادة المنيب المستجيبْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، المليكُ القادرُ، الواحد البر العزيز القاهر، يرى دبيبَ النملة السوداء، فوق بهيم الصخرة الصماء، في ظلمات الليلة الليلاء.
سبحانه ماذا يقول البارع https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
في كاملٍ ليس له مضارع؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله.
مركبُ الشِّعرِ عند شاطيهِ يرسو https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والمعاني إذا ذكرناه أُنسُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هتف الشّوق نحوه فاستنارتْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أحرفٌ تحمل الحنينَ ونفسُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فعليك الصّلاةُ يا خيرَ داعٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ما اعتلى في السّماءِ بدرٌ وشمسُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وبعــــدُ:
أفضالُ ربي دائمًا تتوالى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
من فضله سبحانه وتعالى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
عشرٌ مباركةٌ تفيض على الورى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لكأنها بدرُ السماء تلالا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
صوموا بها وتصدَّقوا وتنسَّكوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وتزوَّدوا التقوى لكم أعمالا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فبها العبادة فضلُها فاق الذي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
منْ بالجهاد تقدَّم الأبطالا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والذكر فيها خيرُ ما قال امرؤ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فدع الفتور وودِّع الإهمالا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والله يفرَح إن رأى من عبده https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
- مهما تعظم ذنبُه - إقبالا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فادْعوه فيها دعوةً من صادقٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أن يصلح الأقوال والأفعالا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


عباد الله، بقدر العنا تُنال المنى، وربما تصحُّ الأبدان بالأدواء، ولا يُدركُ الشَّرفُ إلا بالكلَف، وما العزُّ إلا تحت ثوب الكد، ولا يُدرك السادة من لزم الوسادة، ولا تطلب السلعة الغالية بالثمن التافه، ولذة الراحة لا تنال بالراحة، والجنة حُفت بالمكاره، ولن يُدرك البطال منازل الأبطال، وعند تقلب الأحوال تُعرف جواهر الرجال.

والمجد لا يُشرى بقولٍ كاذبِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إنْ كنت تبغي المجد يومًا فانصبِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


والحياةُ فُرَص؛ فمَن أحسَنَ اغتِنامَها فازَ وسعِد، ومَن ضيَّعَ وفرَّط فلا يلُومنَّ إلا نفسَه، والمُؤمنُ كيِّسٌ فَطِنٌ، يعلَمُ أن أنفاسَهُ معدُودة، وأيَّامَه محدُودة.

ولقد قالت الحُكماءُ: التوانِي إضاعة، وفَوَاتُ الفُرَص غُصَّة.
الله أكبرُ كم في العُمر من منحٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وكم لهونا وضاعت تلكُمُ المنحُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هذي هي العشر والرحمن فضلها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يا ويح من أدركوها ثم ما ربحوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


يقول سفيان الثوري: من لعب بعمره ضيَّع أيام حرثه، ومن ضيَّع أيام حرثه ندم أيام حصاده[1].
والفقر الحقيقي - يا عباد الله - هو: الإفلاس من الباقيات الصالحات.

وإذا كان التأنِّي والتمهُّلُ مطلُوبًا في أمورِ الدنيا، فإن أعمالَ الآخرة مطلُوبٌ فيها المُسارَعةُ والمُبادرةُ والمُسابقةُ.

ومِن جَميلِ تعبيرات المُعاصِرين: كُن مُبادِرًا سبَّاقًا، ولا تكُن مُديرَ كوارِث.

وقد ورَدَ في الأثر: «التُّؤدَةُ في كلِّ شيءٍ إلا في عملِ الآخرة»[2].

ويقولُ الإمامُ أحمد –رحمه الله-: كلُّ شيءٍ مِن الخير يُبادَرُ إليه[3].

وقال -عزَّ شأنُه-: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84].
وَالحُرُّ لا يَكْتَفي مِنْ نَيْلِ مَكْرُمَةٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
حَتَّى يَرُومَ الَّتي مِنْ دُونِهَا الْعَطَبُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يَسْعى بِهِ أَمَلٌ مِنْ دُونِهُ أَجَلٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إِنْ كفَّهُ رَهَبٌ يَسْتَدْعِهِ رَغَبُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لِذَاكَ مَا سَالَ مُوسَى رَبَّهُ أَرِني https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أَنْظُرْ إِلَيْكَ وَفي تِسْألِه عَجَبُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يَبْغي التَّزَيُّدَ فِيما نَالَ مِنْ كَرَمٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَهْوَ النَّجِيُّ لَدَيْه الوَحْيُ والكُّتُبُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



والمُسابقةُ إلى الخيرات –يا عباد الله- مسلَكٌ كريمٌ، لا يتَّصِفُ به إلا الجادُّون المُشمِّرون، والمُسارعةُ إلى أعمالِ البِرِّ طبعٌ لا يُهدَى إليه إلا مَن وهَبَه الله علُوَّ همَّة، وقُوَّةَ عزيمَة، مع سلامةِ قلبٍ، ورَجاحَةِ عقلٍ، وانشِراحِ صَدرٍ، وصدق إرادة.

فالمُسارعةُ والمُنافسةُ إقدامٌ، ومُبادرةٌ، وسَبقٌ، وخِفَّةٌ، وجِدٌّ، ورَغبةٌ، ومَن بادَرَ في طلبِ شيءٍ سَهُلَ عليه تحصِيلُه.

عباد الله:
أطلَّت عشرُ خيرٍ فاغنموها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وفوزوا بالجزيل من العطايا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وتوبوا من ذنوبكمُ وعودوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لدرب الرشد واجتنبوا الخطايا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى»[4].

وعنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍأَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، قَال: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُنَّ أَفْضَلُ أَمْ عِدَّتُهُنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: هُنَّ أَفْضَلُ مِنْ عِدَّتِهِنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ»[5]، ثم بيَّن صلى الله عليه وسلم أن من أفضل هذه الأيام العشر: يومَ عرفة، فقال صلى الله عليه وسلم: «وَمَا مِنْ يوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ[6].

فلا تشرق شمسٌ على يوم أفضل من يوم عرفة، ولا تغرب لليلةٍ أفضل من ليلة القدر، والدعاء فيهما من أفضل الأعمال وأقربِها قبولًا وإجابة.

عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ؟»[7].

فيوم عرفة هو يوم مغفرة الذنوب، وستر العيوب، والعتق من النار، والقرب والمضاهاة، والفوز والمباهاة، وفي هذا اليوم يتأكد حفظ الجوارح عن المحرمات؛ كما في حديث ابن عباس في المسند، وفيه: «إِنَّ هَذَا يَوْمٌ مَنْ مَلَكَ فِيهِ سَمْعَهُ، وَبَصَرَهُ، وَلِسَانَهُ، غُفِرَ لَهُ»[8].

فيوم عرفة عظيمٌ لمن عظَّم الله وعرَفَه، ومن عرف الله تاب واعترف، ومن تاب واعترف استغفر مما اقترف، وقد قيل: الاعتراف يمحو الاقتراف، كما قيل:
فإن اعترافَ المرء يمحو اقترافَه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كما أن إنكار الذنوب ذنوبُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


قال بعض العارفين: ما فرح أحدٌ بغير الله إلا بغفلته عن الله، فالغافل يفرح بلهوه وهواه، والعاقل يفرح بمعبوده ومولاه[9].
وكان فؤادي خاليًا قبل حبِّكم https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وكان بذكر الخلق يلهو ويمرحُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلمَّا دعا قلبي هواك أجابَه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلستُ أراه عن فنائك يبرحُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فإن شئتَ واصلني وإن شئت لا تَصِل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلست أرى قلبي لغيرك يصلح https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


أقول ما تسمعون، فاستغفروا الله لعلكم ترحمون.

الخطبة الثانية
الحمدُ لله، الحمدُ لله مُثيبِ الطائِعين بجَزيلِ الثواب، ومُجيبِ الداعِين وهو أكرمُ من أجاب، أحمدُه - سبحانه - يغفِرُ الزلاَّت، ويُقيلُ العثَرَات، ويتوبُ على من تاب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ شهادةَ عبدٍ مُخبِتٍ أوَّاب، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه فرضَ الفرائِض، وسنَّ الآداب، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على دربه، ومشى على نهجه، وثبت على هديه، ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18]، أما بعد:
يا عباد الله، وأحباب رسول الله صلى الله وسلم عليه، ومما يجلي مكانة يوم عرفة، ويبين فضله، ويعلي مكانته أن الله أقسم به، فهو اليوم المشهود المراد من قوله - جلَّ ذِكْرُه -: ﴿ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾ [البروج: 3]، قال أبو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: قَالَ صلى الله عليه وسلم: «الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ...»[10].

ويوم عرفة هو الوتر الذي أقسم الله به في قوله: ﴿ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْر ﴾ [الفجر: 3]، قال ابن عباس: اللَّيَالِي الَّتِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا الْعَشْرُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَالْوَتْرُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّفْعُ يَوْمُ النَّحْرِ[11].

يوم عرفة - يا عباد الله - يومٌ يرجى إجابةُ الدعاء فيه، قال صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»[12].

[لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ]، أفضل ما نطقت الأفواه، وتمتمت الشفاه، ولهجت الألسُن، وأروع ما حدا الحادي، وأبدع ما شدا الشادي.

إن روح هذه الكلمةِ وسرَّها: إفرادُ الرب جل ثناؤه بالمحبة والتعظيم، والخوف والرجاء، والتوكلِ والإنابة، والرغبةِ والرهبة، والذل والخضوع.

قيل للحسن البصري -رحمه الله-: إن أناسًا يقولون: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة؟! فقال: من قالها وأدى حقَّها وفرْضَها دخل الجنة[13].
مَنْ قَالَهَا مُعْتَقِدًا مَعْنَاهَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَكَانَ عَامِلًا بِمُقْتَضَاهَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَمَاتَ مُؤْمِنًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يُبْعَثُ يَوْمَ الْحَشْرِ نَاجٍ آمِنَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


يوم عرفة - يا عباد الله -: صيامُه يكفر ذنوب سنتين، قال صلى الله عليه وسلم: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ»[14].

فليحرصِ المسلم على صيامه، وليحثَّ أهله وأقاربه ويُعِنْهُمْ على ذلك.
فليحرصِ اللبيبُ في تعليمهم https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولا يملَّ قطُّ في تأليفهم https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


ولنجتهدْ كلُّنا - يا عباد الله- على أن نجعله يومًا رمضانيًّا، ولْنَسْتَغِلّه بالذكر والدعاء، وعكوف القلب على الله.

وقد كان ابن عباس وعمرو بن حريث: يحثان الناس في هذا اليوم على لزوم المسجد[15].

عن الحسن أن أبا الدرداء قال: جِدُّوا بالدعاء؛ فإنه من يكثرْ قرع الأبواب يوشكْ أن يفتح له[16].

المُسارعةُ والتنافُسُ ومُجاهدةُ النَّفس للتشبُّه بالأفاضِل، واللُّحُوق بالأخيار، والحَزمُ والعَزمُ، وأخذُ الكتاب بقُوَّة، والإكثارُ مِن العباداتِ؛ هو منهج الموفقين.
طاعة الله خيرُ ما لزم العب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
د فكن طائعا ولا تعصينْهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ما هلاكُ النفوس إلا المعاصي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فاجتنِب ما نهاك لا تقربنْهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إن شيئا هلاكُ نفسك فيه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ينبغي أن تصون نفسك عنْهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


إن مما يُعينُ على التنافُس في الصالِحات، والمُسارَعة إلى الخَيرات؛ معرفة قَدر الدنيا بالنسبةِ للآخرة.

حتى قال بعضُ السلَف: لو كانت الدُّنيا من ذهبٍ يَفنَى، والآخرةُ مِن خَزَفٍ يَبقَى، لكان المُتعيِّنُ على العاقِل أن يُؤثِرَ الخَزَفَ الذي يَبقَى على الذَّهَب الذي يَفنَى، فكيف والآخرةُ هي الذَّهبُ الذي يَبقَى، وهي خيرٌ وأَبقَى[17].

وكان يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، طَلَبْتَ الدُّنْيَا طَلَبَ مَنْ لَابُدَّ لَهُ مِنْهَا، وَطَلَبْتَ الْآخِرَةَ طَلَبَ مِنْ لَا حَاجَةَ لَهُ إِلَيْهَا، وَالدُّنْيَا قَدْ كُفِيتَهَا وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْهَا، وَالْآخِرَةُ بِالطَّلَبِ مِنْكَ تَنَالُهَا، فَاعْقِلْ شَأْنَكَ[18].

إذا انكشف الغطاء يوم القيامة عن ثواب أعمال البشر، لم يروا ثوابًا أفضل من ذكر الله، فيتحسر عند ذلك أقوام فيقولون: ما كان شيء أيسرَ علينا من الذكر[19].

وروى المروزي عن ميمون بن مهران، قال: أدركت الناس وإنهم ليكبِّرون في العشر، حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها، ويقول: إن الناس قد نقصوا في تركهم التكبير[20].

وبعدُ يا عباد الله، فإذا هَمَمتُم فبادِرُوا، وإذا عزَمتُم فثابِرُوا، ومَن هابَ رُكوبَ الأهوال قعَدَ عن إدراكِ الآمال، والعِزُّ لا يكونُ إلا تحت ثَوبِ الكَدِّ، ولا يحصُلُ الخطيرُ إلا بالمُخاطَرة، ولا بَردُ العيشِ إلا بحَرِّ التعَبِ، ولا يُدرِكُ المفاخِرَ مَن رضِيَ بالصفِّ الآخر، ومَن صحَّ إلى اللهِ فِرارُه؛ فنِعمَ القرارُ قرارُه.

اللهم إنا نسألك الثبات على دينك، والمثابرة على طاعتك.
اللهم مصرِّف القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك.
اللهم وفِّقنا لاغتنام الأوقات، واشغلنا بالأعمال الصالحات.
اللهم جُدْ علينا بالفضل والإحسان، وعاملنا بالعفو والغفران.
اللهم أذِقنا حلاوة الرحمة، ولذة المغفرة، وتجنُّب الزلل، وبلوغ الأمل، وحسن الخاتمة.

[1] حفظ العمر لابن الجوزي (1/ 65).

[2] أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه؛ من قول عمر الفاروق رضي الله عنه (7/ 234).

[3] الفروع وتصحيح الفروع (2/ 403).

[4] رواه الدارمي في سننه، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، باب فضل العمل في العشر(2/ 1113)، حسنه الألباني، إرواء الغليل (3/ 398).

[5] رواه ابن حبان في صحيحه، من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، باب ذكر رجاء العتق من النار لمن شهد عرفات يوم عرفة (9/ 164)، صححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (2/ 32).

[6] المصدر نفسه.

[7] رواه مسلم في صحيحه، باب في فضل الحج والعمرة، ويوم عرفة (2/ 982).

[8] رواه أحمد في مسنده، من حديث ابن عباس رضي الله عنه(5/ 164، 65)، ضعفه الألباني، ضعيف الترغيب والترهيب (1/ 370).

[9] لطائف المعارف لابن رجب (ص274).

[10] رواه الترمذي في سننه، باب ومن سورة البروج(5/ 436)، حسنه الألباني، السلسلة الصحيحة (4/ 76).

[11] مشيخة أبي طاهر (ص156)، عمدة القاري (19/ 289).

[12] رواه الترمذي في سننه، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، باب في دعاء يوم عرفة(6/ 180)، صححه الألباني، مشكاة المصابيح (2/ 797).

[13] التوضيح لشرح الجامع الصحيح (3/ 659).

[14] رواه مسلم في صحيحه، من حديث أبي قتادة، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصوم يوم عرفة وعاشوراء، والاثنين والخميس (2/ 818).

[15] الجامع لعلوم الإمام أحمد (6/ 530).

[16] مصنف ابن أبي شيبة (6/ 22).

[17] إحياء علوم الدين (3/ 207)، تفسير القرطبي (20/ 24).

[18] التبصرة لابن الجوزي (2/ 101).

[19] الوابل الصيب (ص78).

[20] فتح الباري (9/ 9).

غلا 06-07-2022 03:44 AM

جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك
وجعله فى ميزان حسناتك

- وَرد. 06-07-2022 09:26 AM

-










بارك الله فيك
وجزاك عنا كل خير
تقديري.

- شقاء.. 06-07-2022 10:45 AM

_
،



















جَزَاكَ اَللَّهُ خَيْر . . .
وَأَحْسَنَ إِلَيْكَ فِيمَا قَدَّمَتْ
دُمْتُ بِرِضَى اَللَّهِ وَإِحْسَانِهِ وَفَضْلِهِ
~

يــوسف 06-07-2022 07:20 PM

جــــزاك الله خيـراً على ما قدمت
جعلـه الله في ميزان حسنـاتك
دمت بحفظ الرحمان

مختلفة 07-07-2022 06:10 PM

بارك الله فيك

eyes beirut 07-07-2022 07:43 PM

/


تسلم ايدك ع الطرح
يعتيك العافية

رُواء 13-07-2022 05:16 PM

_











جَزاك الله جنّةٌ عَرضهَا السموَاتِ والأَرض
وَ لا حَرمك الأجر :241:

- مِيعآد. 16-07-2022 04:58 AM

جزاك الله خيرا
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتك :241: .

قَـلـبْ 17-07-2022 10:37 PM




جزاك الله خير:241:
وجعله في موازين حسناتك:241:
وانارالله دربك بالايمان:241:
ماننحرم من جديدك المميز:241:
امنياتي لك بدوام التألق والابداع:241:
دمـت بحفظ الله ورعايته:241:


الساعة الآن 07:35 AM

تصحيح تعريب Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024 
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant