تفسير: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ...)
تفسير: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ...)
♦ الآية: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: النساء (11). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ يوصيكم الله ﴾ أَيْ: يفرض عليكم لأنَّ الوصية من اللَّه فرضٌ ﴿ في أولادكم ﴾ الذُّكور والإِناث ﴿ للذكر مثل حظ الأنثيين فإنْ كُنَّ ﴾ أَي: الأولاد ﴿ نساءً فوق اثنتين ﴾ فوق ها هنا صلة؛ لأن الثِّنتين يرثان الثُّلثين بإجماعٍ اليوم وهو قوله: ﴿ فلهن ثلثا ما ترك ﴾ ويجوز تسمية الاثنين بالجمع ﴿ وإن كانت ﴾ المتروكة المُخلًّفة ﴿ واحدة فلها النصف ﴾ وتمَّ بيان ميراث الأولاد ثمَّ قال ﴿ ولأبويه ﴾ أَيْ: ولأبوي الميِّت ﴿ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ له ﴾ أي: الميت ﴿ إخوة ﴾ يعني أخوين لأنَّ الأُمَّة أجمعت أنَّ الأخوين يحجبان الأمَّ من الثُّلث إلى السُّدس وقوله: ﴿ من بعد وصية ﴾ أَيْ: هذه الأنصباء إِنَّمَا تُقسم بعد قضاء الدَّين وإنفاذ وصية الميت ﴿ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نفعًا ﴾ فِي الدُّنْيَا فتعطونه من الميراث ما يستحقُّ ولكنَّ الله قَدْ فرض الفرائض عَلَى ما هو عِنْده حكمة ولو وكل ذَلِكَ إليكم لَمْ تعلموا أيُّهم أنفع لكم فأفسدتم وضيَّعتم ﴿ إنَّ الله كان عليمًا ﴾ بالأشياء قبل خلقها ﴿ حكيمًا ﴾ فيما دبرَّ من الفرائض. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ الْآيَةَ، اعْلَمْ أَنَّ الْوِرَاثَةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِالذُّكُورَةِ وَالْقُوَّةِ فَكَانُوا يُوَرِّثُونَ الرِّجَالَ دُونَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانَ، فَأَبْطَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ الْآيَةَ، وَكَانَتْ أَيْضًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ بِالْمُحَالَفَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ﴾ [النِّسَاءِ: 33] ثُمَّ صَارَتِ الْوِرَاثَةُ بِالْهِجْرَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا ﴾ [الأنفال: 72] فنسخ الله ذَلِكَ كُلُّهُ وَصَارَتِ الْوِرَاثَةُ بِأَحَدِ الأمور الثلاثة: بالنسب والنكاح أو الولاء، والمعنيّ بِالنَّسَبِ أَنَّ الْقَرَابَةَ يَرِثُ بَعْضُهُمْ من بعض، لقوله تعالى: ﴿ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ ﴾ [الأنفال: 75]، وَالْمَعْنِيُّ بِالنِّكَاحِ: أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ يَرِثُ صَاحِبَهُ، وَبِالْوَلَاءِ: أَنَّ الْمُعْتِقَ وَعَصَبَاتِهِ يَرِثُونَ الْمُعْتَقَ، فَنَذْكُرُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَصْلًا وَجِيزًا فِي بَيَانِ مَنْ يَرِثُ مِنَ الْأَقَارِبِ. وَكَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِ الْوَرَثَةِ فَنَقُولُ: إِذَا مَاتَ مَيِّتٌ وَلَهُ مَالٌ فَيُبْدَأُ بِتَجْهِيزِهِ ثُمَّ بِقَضَاءِ دُيُونِهِ ثُمَّ بِإِنْفَاذِ وَصَايَاهُ فَمَا فَضُلَ يُقَسَّمُ بين الْوَرَثَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مِنْهُمْ، مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرِثُ بِهِمَا جَمِيعًا، فَمَنْ يَرِثُ بِالنِّكَاحِ لَا يَرِثُ إِلَّا بِالْفَرْضِ، وَمَنْ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ لَا يَرِثُ إِلَّا بالتعصيب، وأمّا مَنْ يَرِثُ بِالْقَرَابَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ كَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْجَدَّاتِ، وَأَوْلَادِ الْأُمِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ كَالْبَنِينِ وَالْإِخْوَةِ وَبَنِي الإخوة والأعمام وبنيهم، ومنهم مَنْ يَرِثُ بِهِمَا كَالْأَبِ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ ولد، وإن كان للميت ولد ابن فيرث الْأَبُ بِالْفَرْضِ السُّدُسَ، وَإِنْ كَانَ للميت بنت يرث الْأَبُ السُّدُسَ بِالْفَرْضِ وَيَأْخُذُ الْبَاقِي بَعْدَ نَصِيبِ الْبِنْتِ بِالتَّعْصِيبِ، وَكَذَلِكَ الْجَدُّ، وَصَاحِبُ التَّعْصِيبِ مَنْ يَأْخُذُ جميع المال عن الِانْفِرَادِ وَيَأْخُذُ مَا فَضُلَ عَنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ، وَجُمْلَةُ الْوَرَثَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ: عَشَرَةٌ مِنَ الرِّجَالِ وَسَبْعٌ مِنَ النِّسَاءِ، فَمِنَ الرِّجَالِ الِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَبُ وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا، وَالْأَخُ سَوَاءٌ كَانَ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، وَابْنُ الأخ للأم أَوْ لِلْأَبِ وَإِنْ سَفَلَ وَالْعَمُّ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْ لِلْأَبِ وَأَبْنَاؤُهُمَا وَإِنْ سَفَلُوا، وَالزَّوَجُ وَمَوْلَى الْعِتَاقِ، وَمِنَ النِّسَاءِ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَتْ وَالْأُمُّ، وَالْجَدَّةُ أُمُّ الأم أو أم الْأَبِ، وَالْأُخْتُ سَوَاءٌ كَانَتْ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، والزوجة ومولاة العتاقة، وَسِتَّةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ لَا يَلْحَقُهُمْ حَجْبُ الْحِرْمَانِ بِالْغَيْرِ: الْأَبَوَانِ وَالْوَلَدَانِ، وَالزَّوْجَانِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ وَاسِطَةٌ، وَالْأَسْبَابُ الَّتِي تُوجِبُ حِرْمَانَ الْمِيرَاثِ أَرْبَعَةٌ: اخْتِلَافُ الدِّينِ وَالرِّقُّ وَالْقَتْلُ وَعَمِّيُّ الْمَوْتِ، وَنَعْنِي بِاخْتِلَافِ الدِّينِ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ وَالْمُسْلِمَ لَا يَرْثُ الْكَافِرَ، لِمَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ الْخَطِيبُ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ أنا أبو العباس الْأَصَمُّ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن علي بن الحسين عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ»، فَأَمَّا الْكُفَّارُ فَيَرِثُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ مَعَ اخْتِلَافِ مِلَلِهِمْ، لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ﴾ [الأنفال: 73]، وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ اخْتِلَافَ الْمِلَلِ فِي الْكُفْرِ يَمْنَعُ التَّوَارُثَ حَتَّى لَا يَرِثَ الْيَهُودِيُّ النَّصْرَانِيَّ وَلَا النَّصْرَانِيُّ الْمَجُوسِيَّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وإسحاق: لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى»، وَتَأَوَّلَهُ الْآخَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ مع الكفر، أمّا الْكُفْرِ فَكُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَتَوْرِيثُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ لَا يَكُونُ فِيهِ إِثْبَاتُ التَّوَارُثِ بَيْنَ أَهْلِ مِلَّتَيْنِ شَتَّى، وَالرَّقِيقُ لَا يَرِثُ أَحَدًا وَلَا يَرِثُهُ أَحَدٌ لِأَنَّهُ لا ملك له ولا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْقِنِّ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ، وَالْقَتْلُ يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطًَا لما: رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «القاتل لا يرث»، وَنَعْنِي بِعَمِّيِّ الْمَوْتِ أَنَّ الْمُتَوَارِثَيْنِ إِذَا عَمِيَ مَوْتُهُمَا بِأَنْ غَرِقَا فِي مَاءٍ أَوِ انْهَدَمَ عَلَيْهِمَا بِنَاءٌ فَلَمْ يُدْرَ أَيُّهُمَا سَبَقَ مَوْتُهُ فَلَا يُوَرَّثُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ بَلْ مِيرَاثُ كُلِّ وَاحِدٍ منهما لمن كان حَيَاتُهُ يَقِينًا بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ وَرَثَتِهِ. وَالسِّهَامُ الْمَحْدُودَةُ فِي الْفَرَائِضِ سِتَّةٌ: النِّصْفُ وَالرُّبُعُ وَالثُّمُنُ وَالثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ، فَالنِّصْفُ فَرْضُ ثَلَاثَةٍ: فَرْضُ الزَّوْجِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ وَفَرْضُ الْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ لِلصُّلْبِ أَوْ لبنت الِابْنِ عِنْدَ عَدَمِ وَلَدِ الصُّلْبِ، وَفَرْضُ الْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْ لِلْأَبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَالرُّبُعُ فَرْضُ اثنين: فرض الزوج إِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَفَرْضُ الزَّوْجَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ، وَالثُّمُنُ: فَرْضُ الزَّوْجَةِ إِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ، وَالثُّلُثَانِ فَرْضُ الْبِنْتَيْنِ لِلصُّلْبِ فَصَاعِدًا وَلِبِنْتَيِ الِابْنِ فَصَاعِدًا عِنْدَ عَدَمِ وَلَدِ الصُّلْبِ، وَفَرْضُ الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِلْأَبِ فَصَاعِدًا، وَالثُّلُثُ فَرْضُ ثَلَاثَةٍ: فَرْضُ الْأُمِّ إِذَا لَمْ يَكُنْ للميت ولد، والاثنان من الإخوة والأخوات، إِلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا زَوْجٌ وَأَبَوَانِ، وَالثَّانِيَةُ: زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ، فَإِنَّ لِلْأُمِّ فِيهِمَا ثُلُثُ مَا بَقِيَ بعد نصيب الزوج والزوجة، وَفَرْضُ الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا مِنْ أَوْلَادِ الْأُمِّ، ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ، وفرض الجد مع الإخوة إذا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ صَاحِبُ فَرْضٍ، وَكَانَ الثُّلُثُ خَيْرًا لِلْجَدِّ مِنَ الْمُقَاسَمَةِ مَعَ الْإِخْوَةِ. وَأَمَّا السُّدُسُ فَفَرْضُ سَبْعَةٍ: فَرْضُ الْأَبِ إِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ، وَفَرْضُ الْأُمِّ إِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ، أَوِ اثْنَانِ مِنَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، وَفَرْضُ الْجَدِّ إِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَمَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ إِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ صَاحِبُ فَرْضٍ، وَكَانَ السُّدُسُ خَيْرًا لِلْجَدِّ مِنَ الْمُقَاسَمَةِ مَعَ الْإِخْوَةِ، وَفَرْضُ الْجَدَّةِ وَالْجَدَّاتِ وَفَرْضُ الْوَاحِدِ مِنْ أَوْلَادِ الأم ذكرا كان أَوْ أُنْثَى، وَفَرْضُ بَنَاتِ الِابْنِ إِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ للصلب تكملة للثلثين، وَفَرْضُ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ إِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ أُخْتٌ وَاحِدَةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ تكملة للثلثين، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يوسف أنا، مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بن إبراهيم أنا وهيب أخبرنا ابن طَاوُوسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ»، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ يَحْجُبُ الْبَعْضَ، وَالْحَجْبُ نَوْعَانِ: حَجْبُ نُقْصَانٍ وَحَجْبُ حِرْمَانٍ، فَأَمَّا حَجْبُ النُّقْصَانِ فهو أن الولد أو ولد الِابْنِ يَحْجُبُ الزَّوْجَ مِنَ النِّصْفِ إِلَى الرُّبُعِ وَالزَّوْجَةَ مِنَ الرُّبُعِ إِلَى الثُّمُنِ، وَالْأُمَّ مِنَ الثُّلُثِ إلى السدس، وكذلك الاثنان من الإخوة والأخوات فصاعدًا يَحْجُبُونَ الْأُمَّ مِنَ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ. وَحَجْبُ الْحِرْمَانِ هُوَ أَنَّ الأم تسقط الجدات كلهن وأولاد الأم وهم الأخوة للأم والأخوات يَسْقُطُونَ بِأَرْبَعَةٍ: بِالْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِنْ عَلَا، وَبِالْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ، وَأَوْلَادُ الْأَبِ وَالْأُمِّ يَسْقُطُونَ بِثَلَاثَةٍ بِالْأَبِ وَالِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلُوا، وَلَا يَسْقُطُونَ بِالْجَدِّ عَلَى مَذْهَبِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالَأَوْزاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ. وَأَوْلَادُ الْأَبِ يَسْقُطُونَ بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ وَبِالْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْإِخْوَةَ جَمِيعًا يَسْقُطُونَ بِالْجَدِّ كَمَا يَسْقُطُونَ بِالْأَبِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ رَضِيَ اللَّهُ عنه وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاذٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ، وَأَقْرَبُ الْعَصِبَاتِ يُسْقِطُ الْأَبْعَدَ مِنَ الْعُصُوبَةِ، وَأَقْرَبُهُمْ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ، ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا، فَإِنْ كَانَ مَعَ الْجَدِّ أَحَدٌ مِنَ الإخوة والأخوات لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْ لِلْأَبِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي الْمِيرَاثِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ فَالْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبِ ثُمَّ بَنُو الْإِخْوَةِ يُقَدَّمُ أَقْرَبُهُمْ سَوَاءٌ كَانَ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ، فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي الدَّرَجَةِ فَالَّذِي هُوَ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْلَى ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأَبِ ثُمَّ بَنُوهُمْ عَلَى تَرْتِيبِ بَنِي الْإِخْوَةِ، ثُمَّ عُمُّ الْأَبِ ثُمَّ عُمُّ الْجَدِّ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ عَصَبَاتِ النَّسَبِ وَعَلَى الْمَيِّتِ وَلَاءٌ فَالْمِيرَاثُ لِلْمُعَتِقِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَيًّا فَلِعَصِبَاتِ الْمُعَتِقِ وَأَرْبَعَةٌ مِنَ الذُّكُورِ يَعْصِبُونَ الْإِنَاثَ، الِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ وَالْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْأَخُ لِلْأَبِ حتى لو ماتت عَنِ ابْنٍ وَبِنْتٍ أَوْ عَنْ أَخٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَلَا يُفْرَضُ لِلْبِنْتِ وَالْأُخْتِ وَكَذَلِكَ ابْنُ الِابْنِ يَعْصِبُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنَ الْإِنَاثِ، وَمَنْ فَوْقَهُ إِذَا لم تأخذ مِنَ الثُّلُثَيْنِ شَيْئًا حَتَّى لَوْ مَاتَ عَنْ بِنْتَيْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ فَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَلَا شَيْءَ لَبَنَتِ الِابْنِ، فَإِنْ كَانَ فِي دَرَجَتِهَا ابْنُ ابْنٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهَا ابن ابن ابن كَانَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أو للأب تَكُونُ عَصَبَةً مَعَ الْبِنْتِ حَتَّى لَوْ مَاتَ عَنْ بِنْتٍ وَأُخْتٍ كَانَ النِّصْفُ لِلْبِنْتِ وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ، فَلَوْ مَاتَ عَنْ بِنْتَيْنِ وَأُخْتٍ فَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَا آدَمُ أَنَا شُعْبَةُ أَنَا أَبُو قَيْسٍ قَالَ: سمعت هزيل بْنَ شُرَحْبِيلَ قَالَ: سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنِ ابْنَةٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَأُخْتٍ فَقَالَ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَائْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَسَيُتَابِعُنِي فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى بِهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلْثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ، فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ، رَجَعْنَا إِلَى تَفْسِيرِ الْآيَةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المنكدر قال: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ فتوضأ وصبّ عليّ من وَضُوئِهِ فَعَقَلَتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَنِ الْمِيرَاثُ إِنَّمَا يَرِثُنِي كَلَالَةً؟ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي أُمِّ كُجَّةَ امْرَأَةِ أَوْسِ بْنِ ثَابِتٍ وبناته، وَقَالَ عَطَاءٌ: اسْتُشْهِدَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ النَّقِيبُ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ امْرَأَةً وَبِنْتَيْنِ وَأَخًا، فَأَخَذَ الْأَخُ الْمَالَ فَأَتَتِ امْرَأَةُ سَعِدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنَتَيْ سَعِدٍ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَاتَيْنِ ابْنَتَا سَعْدٍ وَإِنَّ سَعْدًا قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا وَلَا تُنْكَحَانِ إِلَّا وَلَهُمَا مَالٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْجِعِي فَلَعَلَّ اللَّهَ سَيَقْضِي فِي ذَلِكَ»، فَنَزَلَ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ إِلَى آخِرِهَا، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّهُمَا فَقَالَ لَهُ: «أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعِدٍ الثُّلُثَيْنِ وَأَمَّهُمَا الثُّمُنُ وَمَا بَقِيَ فهو لك»، فهو أَوَّلُ مِيرَاثٍ قُسِّمَ فِي الْإِسْلَامِ، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ أَيْ: يَعْهَدُ إِلَيْكُمْ وَيَفْرِضُ عَلَيْكُمْ فِي أَوْلَادِكُمْ، أَيْ: فِي أَمْرِ أَوْلَادِكُمْ إِذَا مِتُّمْ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. فَإِنْ كُنَّ، يَعْنِي: الْمَتْرُوكَاتِ مِنَ الْأَوْلَادِ، نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ، أي: اثنتين فصاعدا وفَوْقَ صِلَةٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ ﴾ [الْأَنْفَالِ:12]، ﴿ فَلَهُنَّ ثُلُثا مَا تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ ﴾، يَعْنِي: الْبِنْتَ، واحِدَةً، قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِالنَّصْبِ عَلَى خبر كان، رفعها أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى مَعْنَى إِنْ وَقَعَتْ ﴿ وَاحِدَةٌ ﴾، ﴿ فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ ﴾، يَعْنِي لِأَبَوَيِ الْمَيِّتِ كِنَايَةً عَنْ غَيْرِ مَذْكُورٍ، ﴿ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ ﴾، أَرَادَ أَنَّ الْأَبَ وَالْأُمَّ يَكُونُ لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُدُسُ الْمِيرَاثِ عِنْدَ وُجُودِ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ، وَالْأَبُ يَكُونُ صَاحِبَ فَرْضٍ ﴿ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ﴾، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ «فَلِأُمِّهِ» بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ اسْتِثْقَالًا لِلضَّمَّةِ بَعْدَ الْكَسْرَةِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالضَّمِّ عَلَى الْأَصْلِ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ، اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي يَكُونُ لِلْأَبِ إِنْ كَانَ مَعَهَا أَبٌ، وَالْإِخْوَةُ لَا مِيرَاثَ لَهُمْ مَعَ الْأَبِ، وَلَكِنَّهُمْ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ مِنَ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَا يَحْجُبُ الْإِخْوَةُ الْأُمَّ مِنَ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا ثلاثة لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ﴾، وَلَا يُقَالُ لِلِاثْنَيْنِ إِخْوَةٌ، فَنَقُولُ اسْمُ الْجَمْعِ قَدْ يَقَعُ عَلَى التَّثْنِيَةِ لِأَنَّ الْجَمْعَ ضَمُّ شَيْءٍ إلى شيء فهو مَوْجُودٌ فِي الِاثْنَيْنِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما ﴾ [التَّحْرِيمِ: 4] ذَكَرَ الْقَلْبُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وأضافه إلى اثنين، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ ﴾، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ «يُوصِي» بِفَتْحِ الصَّادِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَكَذَلِكَ الثَّانِيَةُ وَوَافَقَ حَفْصَ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِ الصَّادِ لِأَنَّهُ جَرَى ذِكْرُ الْمَيِّتِ مِنْ قَبْلُ، بدليل قوله تعالى: يُوصِينَ، وتُوصُونَ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَهَذَا إِجْمَاعٌ أَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ. وَمَعْنَى الْآيَةِ الْجَمْعُ لَا التَّرْتِيبُ، وَبَيَانُ أَنَّ الْمِيرَاثَ مُؤَخَّرٌ عَنِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ جَمِيعًا، مَعْنَاهُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ إِنْ كَانَتْ أَوْ دين إن كان، والإرث مُؤَخَّرٌ عَنْ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ، يَعْنِي: الَّذِينَ يَرِثُونَكُمْ ﴿ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ ﴾، ﴿ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ﴾، أَيْ: لَا تعلمون أيهم أَنْفَعُ لَكُمْ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا فَمِنْكُمْ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ الْأَبَ أَنْفَعُ لَهُ، فَيَكُونُ الِابْنُ أَنْفَعَ، وَمِنْكُمْ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ الِابْنَ أَنْفَعُ لَهُ فَيَكُونُ الْأَبُ أَنْفَعَ لَهُ، وَأَنَا الْعَالِمُ بِمَنْ هُوَ أَنْفَعُ لَكُمْ، وَقَدْ دَبَّرْتُ أَمْرَكُمْ عَلَى مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ فَاتَّبِعُوهُ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَطْوعُكُمْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ أرفعكم درجة يوم القيامة، فالله تَعَالَى يُشَفِّعُ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضَهُمْ فِي بَعْضٍ، فَإِنْ كَانَ الْوَالِدُ أَرْفَعَ درجة يوم القيامة فِي الْجَنَّةِ رُفِعَ إِلَيْهِ وَلَدُهُ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ أَرْفَعَ دَرَجَةً رُفِعَ إِلَيْهِ وَالِدُهُ لِتَقَرَّ بِذَلِكَ أَعْيُنُهُمْ، ﴿ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ﴾، أَيْ ما قدّر الله مِنَ الْمَوَارِيثِ، ﴿ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيمًا ﴾، بِأُمُورِ الْعِبَادِ، ﴿ حَكِيمًا ﴾، بِنُصُبِ الأحكام. |
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب اناار الله قلبكك بالايمــــــــان وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ لكـ شكري وتقديري |
موضوع مفيد
ربي يجزيك الخير |
جزاك الله خير
وجعله في موازين حسناتك وانارالله دربك بالايمان ماننحرم من جديدك المميز امنياتي لك بدوام التألق والابداع دمـت بحفظ الله ورعايته |
تسلم ايدك ع الطرح
جزاك الله خير |
/ جزاك الله خيراً وبارك الله فيك شكراً جزيلاً لك |
-
بارك الله فيك وجزاك عنا كل خير وجعل ماطرحتِ في ميزان حسناتك دمتِ بطاعة الرحمن :241:. |
-
جَزآك آلمولٍى خٍيُرٍ " .. آلجزآء .. " و ألٍبًسِك لٍبًآسَ " آلتًقُوِىَ " وً " آلغفرآنَ " وً جَعُلك مِمَنً يٍظَلُهمَ آلله فٍي يٍومَ لآ ظلً إلاٍ ظله .~ وً عٍمرً آلله قًلٍبًك بآلآيمٍآنَ .~ علًىَ طرٍحًك آلًمَحِمًلٍ بنًفُحآتٍ إيمآنٍيهً .! |
سَلِمت الأنَامِل المُتألِقة لِروعَة طَرحهَا
دَام العطَاء والتَميّز المُتواصِل لرُوحك السّعادة :241::ff1 (153)::241: |
-
جزآك الله عنا كل خير ولا حرمك الأجر وفي موازين حسناتك أدآمك الرحمن .. :-ff1 (8): |
الساعة الآن 03:29 AM |
تصحيح تعريب
Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب