منتديات انفاس الحب

منتديات انفاس الحب (https://a-al7b.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩ انفاس الركن الإسلامي ۩۞۩ (https://a-al7b.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   اكتبوا وصاياكم قبل مناياكم (https://a-al7b.com/vb/showthread.php?t=80885)

ʂąɱąя 21-11-2022 01:28 PM

اكتبوا وصاياكم قبل مناياكم
 
الحمد لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وآله وصحبه.

أما بعد:
فلقد ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حَقُّ امرئٍ مسلمٍ له شيء يُريد أن يُوصي فيه يَبيت ليلتين إلا ووصيَّتُه مكتوبةٌ عنده))، ففي هذا الحديث الصحيح إرشادٌ مِن النبي صلى الله عليه وسلم للأمَّة إلى العناية بالوصية، والمبادرة بها قبل مفاجأة الموت، وأن غاية ما يسمح به مِن التأخير في الوصية الواجبة، وهي المتعلقة بالحقوق التي له وعليه ليلة أو ليلتان؛ لأن الإنسان لا يدري ما يَعرض له في هذه الحياة، ولذلك قال ابن عُمر رضي الله عنهما، وهو راوي الحديث : ((فلمْ تمضِ عليَّ ليلةٌ منذ سمعتُ ذلك مِن النبي صلى الله عليه وسلم إلا ووصيَّتي مكتوبة عند رأسي)).

فالوصية وسيلةٌ لحفظ الحقِّ، وسببٌ لسرعة براءة الذِّمَّة من حقوق الخلْق، وفرصة للاستزادة مِن الخير لمَن ترَك خيرًا بأن يُنتفَع مِن ثلثه أو رُبعه في وجوه البِرِّ.

وفيها تذكرة للموصي وورثتَه ووصيَّه والناظر في وصيته بالوظيفة الحتمية التي عليهم.

وهي العبادة لربِّ البريَّات، وحثٌّ لهم على المبادرة إلى الخيرات، فالمبادرة بكتابتها وتكرار النظر فيها وتوثيقها وتجديدها إذا طال أمَدها، أو تغييرُها إذا وجد ما يَقتضي تغييرها؛ كل ذلك مِن الحزم، وفعل أولي العزم.

وكتابتُها لا تقرِّب أجلًا، ولا تقطع أملًا.

وليس إهمالها مِن أسباب طول العمر، ولا مزيد كسب أو ظفر، وإنما هي احتياط مِن المرء لنفسه قبل سكنى القبر.

أ– فقد تكون للشخص أموالٌ عند الآخرين مِن ودائع أو وثائق أو قروض أو ديون... ونحو ذلك، ففي كتابة ذلك حفظ لحقِّه، ونصح لورثته مِن بعده، وإعانة الناس على براءة ذممهم مِن حقه، ورفْع للحرج والإثم الذي قد يَلحقهم وورثتهم بسبب المماطلة في إيفاء حقه لو لم يكن مكتوبًا في وصيَّته.

ب– وإن كان الشخص ممن قد وسَّع اللهُ عليه، فصفح عن شيء مما له عند الناس فيما لا إجحاف فيه ولا جور على ورثته، فذلك مِن الإحسان الذي يدَّخر ثوابه في موازينه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا مَن أتى الله بقلب سليم.

جـ– وقد يكُون في ذمَّة الشخص للناس ديونٌ أو عروضٌ أو مظالمُ أو وثائقُ، فما لم يمكنه التخلُّص منه، وأداؤه إلى أهله بعد وفاته في حياته، كَتَبَه وعهِد به إلى مَن يقُوم بإيصاله إلى أهله بعد وفاته، وذلك خير برهانٍ على صدْقه في التخلص من حقوق الآخرين، وعون لورثته على سرعة إيفاء الدِّين لدعاوى المبطِلين.

وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أخَذ أموالَ الناس وهو يُريد أداءها أدَّى اللهُ عنه، ومَن أخَذ أموالَ الناسِ وهو يُريد إتلافَها أتلفه اللهُ))، وُيروى عنه صلى الله عليه وسلم؛ أن نفْس المؤمنِ معلَّقة بدَيْنه حتى يُقضَى عنه، وأخبَر صلى الله عليه وسلم؛ أن الشهادة في سبيل الله تُكفِّر الخطايا إلا الدَّيْن، وكان صلى الله عليه وسلم لا يُصلِّي على الجنازة إذا ذُكِرَ له أن عليها دينًا.

فلما وسَّع اللهُ عليه صار صلى الله عليه وسلم يُوفي ديونَ الأمواتِ مما أفاء اللهُ عليه، وأخبر صلى الله عليه وسلم أنَّ أهلَ الجنَّة، وإنْ جاوزوا النار، فإنهم لا يدخلون الجَنَّة حتى يُقتصَّ مِن بعضهم لبعض ما بينهم مِن المظالم والحقوق، فإذا هُذِّبوا ونُقُّوا أذِن لهم في دخول الجنة.

د– وقد يكون في ذمَّة بعض الناس حقوق لله تعالى واجبة؛ مِن حجة الإسلام، أو شيء من فريضة الزكاة، أو نذْر، أو كفارة، ونحو ذلك، ولم يتمكَّن مِن أدائها في ما مضى مِن عُمره، ولا يتيسَّر أداؤها وقت كتابة الوصية، فإذا كتبها كان ذلك من أسباب التعجيل بإبراء ذمته منها، وفي الحديث: ((اقضوا الله فإنه أحق بالقضاء)). وليعلم الأوصياء والورثة أن الحقوق الواجبة لله أو لخلقه مقدَّمة على الوصية بوجوه البر أو الميراث، فليُبادروا مورثيهم بإبراء ذممهم من تلك الحقوق؛ فإن نفوسهم معلقة بها حتى تقضى.

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله تصدَّق عليكم بثلث أموالكم بعد وفاتكم زيادة في حسناتكم)) فإذا كان المرء ممن أغناه الله فترك خيرًا، فكتب في وصيته تفاصيل ما يجب أن يصرف فيه - ثلثه أو ما دُونه - مِن وجوه البِرِّ، وعيَّن وصيَّه الذي ينفذ ذلك كان في كتابة الوصية على هذا الوجه حسْم للنزاع، وقطع للأطماع، وإسراع بانتفاعه بما بذله من ماله في وجوه البِرِّ.

ولكن ينبغي له أن يحذَر مِن المضارَّة بالوصية، أو الجور على الورثة؛ بحرمان مَن يستحق وإعطاء مَن لا يستحق، وليعلم أن مَن يَسَّر يَسَّر اللهُ عليه، وأنه لا وصية لوارث؛ لأن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه.

ولأن يَدَعَ الشخصُ ورثتَه أغنياءَ خيرٌ مِن أن يَدَعهم عالةً يتكففون الناس.

وكتابة الوصية بالصيغة التي ذكرها أهل العلم رحمة الله تعالى عليهم فيها تذكير مِن الموصي لنفسِه ولورثتِه ولوصيِّه ولمن يطَّلع عليها بواجب العبودية لله تعالى، وشهادة منه على نفسه بأصول الاعتقاد التي يتميز بها المؤمن عن أهل الأهواء والشرك والإلحاد، مع الوصية بحقوق الله تعالى وحقوق عباده.

أما صيغة الوصية: المروية عن بعض السلف الصالح رحمة الله تعالى عليهم، فمنها ما رواه الإمام عبد الرزاق في مصنَّفه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كانوا يكتبون في صدور وصاياهم: ((بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصَى به فلان بن فلان: أنه يَشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يَبعث مَن في القبور، وأوصَى مَن ترَك مِن أهله أن يتَّقوا الله، ويُصلِحوا ذاتَ بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما أوصى به إبراهيمُ بَنِيه ويعقوبُ قال الله تعالى: ﴿ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132]))، وقال أحدُ السلف في وصيَّته: ((هذا ما أوصى به فلان بن فلان، وأشهَد اللهَ عليه، وكفى بالله شهيدًا، وجاز لعباده الصالحين مثيبًا: إني رضيتُ بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولًا، وإني آمُرُ نفسي ومَن أطاعني أن يَعبُد اللهَ في العابدين، ويحمده في الحامدين، وأن يَنصَح لجماعة المسلمين))، ثم بعد هذه الصيغة يذكر:
أولًا: ما عليه مِن الديون مفصلة بما يلزم، مثبته بما أمكن مِن وثائق وبيِّنات.
ثانياً: ما له مِن الحقوق عند الناس كذلك موضحة بما يلزم، مثبته بما أمكن مِن وثائق وبيِّنات.
ثالثاً: الوصية بالثلث أو أقل إن كان ترَك خيرًا، وبالقُصَّر مِن ورثته.
رابعاً: تحديد الوصيِّ ووكيله ، ووصيَّتهما بتقوى الله عز وجل في تنفيذ الوصية، وأداءِ الأمانة، والإحسان.

وختامًا:
كما ينبغي أخي المسلم الحزمُ في الوصية، والمبادَرة بها، فينبغي الحذَر مِن الجور فيها؛ كالوصية التي تتضمن حرمانَ وارثٍ مِن حقِّه، أو تفضيله على غيره، أو احتيال على إسقاط حق، أو نحو ذلك؛ فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ الرجُل أو المرأة لَيَعْمَل بطاعة الله ستِّين سَنة، ثم يجور في وصيته؛ فيدخل النار)).

سمو المشاعر 21-11-2022 07:53 PM

موضوع رررائع
رفع الله قدرك فى الدارين
واجزل لك العطاء
شكرا لطرحك المميز
وانتقائك الهادف
جعله المولى فى موزين حسناتك
بوركت جهودك
سمو المشاعر

أميرة أميري 21-11-2022 10:37 PM

جَزاك الله جنّةٌ عَرضهَا السموَاتِ والأَرض
وَ لا حَرمك الأجر يَارب.

غيمہّ فرٌح 22-11-2022 12:32 AM

جُزاكّ الله خُير علىّ مُـا قُدمتّ
ورزُقكّ بُكُل حَرف خّطتهَ أناملكّ جُزيل الحُسناتّ

فروله توت ♩ 22-11-2022 03:25 AM

طرح رائع
يعطيك الف عافيه
اتمنى لك مزيد من التميز والابداع
مودتي.

- وَرد. 22-11-2022 07:35 AM

-
















أثابك الله الأجر ..
وَ أسعد قلبك في الدنيا وَ الأخرة
دمتِ بحفظ الرحمن.

رُواء 22-11-2022 03:50 PM

_





جَزاك الله جنّةٌ عَرضها السّمواتِ والأَرض
ولا حَرمك الأجِر :241:.

ʂąɱąя 27-11-2022 01:11 AM

سمو
أسعدني حضوركم :rose:

ʂąɱąя 27-11-2022 01:11 AM

وهج
أسعدني حضوركم :rose:

ʂąɱąя 27-11-2022 01:12 AM

اميره
أسعدني حضوركم :rose:


الساعة الآن 11:43 AM

تصحيح تعريب Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024 
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant