منتديات انفاس الحب

منتديات انفاس الحب (https://a-al7b.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩ انفاس الركن الإسلامي ۩۞۩ (https://a-al7b.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   الباكي من خشية الله (https://a-al7b.com/vb/showthread.php?t=47730)

غيمہّ فرٌح 28-02-2021 01:06 AM

الباكي من خشية الله
 


الباكي من خشية الله


المستظلون في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله (7)





تعلق حديثنا الأخير عن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، بالصنف السادس، الذي جعل الصدقة ظلاً له يوم القيامة حتى يقضى بين الناس. وعرفنا أن للصدقة من الفوائد الجليلة في الدنيا والآخرة الشيء الكثير، من ذلك أنها برهان على صدق صاحبها، وأنها مَحرقة للخطايا ومحوٌ لها، وأنها وقاية من النار ولو كانت قليلة زهيدة، وأنها دواء للأمراض الحسية، وأنها تدفع البلايا عن صاحبها، وأنها توصل صاحبها إلى مقام نيل حقيقة البر، وأن المتصدق يحظى بدعوة المَلَك له بالإخلاف وزيادة الرزق كل يوم، وأن الصدقة تزيد المال ولا تنقصه، وأن من أبواب الجنة بابا يسمى باب الصدقة، يدخل منه المتصدقون، وأن الصدقة تطهر المال من كل ما يشوبه من حلف ولغو وغفلة.





وموعدنا اليوم - إن شاء الله - مع الصنف السابع من هذه الأصناف السعيدة، التي جعلت حَرَّ الدنيا تذكيرا بحَرِّ الآخرة، فجعلته مطية للأعمال الصالحة، والقربات الخالصة، التي تشكل طوق نجاة من أهوال يوم القيامة ومخاطره، وهو صنف الباكين من خشية الله في الخلوات، حين يفرح الغافلون بغياب الرقيب، والبعد عن العيون، فيقترفون المنكرات، ويجترحون السيئات، وذلك قوله - صلى الله عليه وسلم- : "وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ".





والذكر - هنا - قد يكون باللسان، وقد يكون بالقلب. وإنما قال: "خاليا"، لأنه يكون أبعد من الرياء، وأخلص لله، إذ طبيعة الإنسان تقضي بأنه يتأثر بمن حوله، فإن رأى الناس يضحكون ضحك، وإن رآهم يبكون بكى، أما أن يكون خاليا لا يراه إلا الله، فذلك صدق الإيمان وخلوص العبادة. فلا أحد يراه يبكي، ولا أحد يستدل بدموعه على شدة خوفه من ربه، وعظيم رغبته في مرضاته.


ولذلك مر الشافعي برجل يبكي في المسجد، فقال له: "ما أطيب هذه الدموع، ولو كنت وحدك لكانت أطيب".


وقال الحسن البصري: "إن كان الرجل ليجلس المجلس، فتجيئه عبرته، فيردها، فإذا خشي أن تسبقه قام".


وكان أيوب السختياني إذا وعظ، ترقرق الدمع في عينه، فيمسح وجهه ويقول: "ما أشد الزكام" حذرا من الرياء .


وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد الخاشعين، وأخلص العابدين.





عَن ابن مَسعودٍ - رضي الله عنه - قالَ: قال لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اقْرَأْ عَلَيَّ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: "نَعَمْ". فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ، حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الآيَةِ: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا) قَالَ: "حَسْبُكَ الآنَ"، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ" البخاري.


وعن البراء - رضي الله عنه - قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي جَنَازَةٍ، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الثَّرَى ثُمَّ قَالَ: "يَا إِخْوَانِي، لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا" صحيح سنن ابن ماجة.





وعن عبد الله بن الشخير - رضي الله عنه - قال: "أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُو يُصلِّي، ولِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ المرْجَلِ مِنَ البُكَاءِ" أي: كغليان الماء في القدر. صحيح سنن النسائي.





وسار على هديه - صلى الله عليه وسلم- سلف الأمة، الذين عرفوا لعبادتهم حقها، وقدروا لطاعتهم قدرها، فجعلوا لأنفسهم أوقاتا يخلون فيها بربهم، وخلوات يناجون فيها خالقهم، فيذرفون الدموع من الخشية، وتقشعر جلودهم من الرهبة.





يقول عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: "لأن أدمع من خشية الله، أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار".


وقال كعب الأحبار: "لأن أبكي من خشية الله، فتسيل دموعي على وجنتي، أحب إلى من أن أتصدق بوزني ذهبا".


وبكى الحسن، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: أخاف أن يطرحني الله غداً في النار ولا يبالي".





وعن تميم الداري رضى الله عنه أنه قرأ هذه الآية: ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾، فجعل يرددها إلى الصباح ويبكي.





وكان ابن مسعود - رضي الله عنه - يمشي، فمَّر بالحدَّادين و قد أخرجوا حديداً من النار، فقام ينظر إلى الحديد المذاب ويبكي.





وعن نافع قال: "كان ابن عمر - رضي الله عنهما - إذا قرأ: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ﴾ [الحديد: 16] بكى حتى يغلبه البكاء".





وقال مسروق - رحمه الله -: قرأت على عائشة - رضي الله عنها - هذه الآية: ﴿ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ﴾ [الطور: 27]، فبكت وقالت: "اللهم مُنَّ عليَّ، وقني عذاب السموم، إنك أنت البر الرحيم" .





وللبكاء من خشية الله فوائد عظيمة، يرجع أثرها على العبد في الدنيا والآخرة.





فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لاَ يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ" صحيح سنن الترمذي.


وقال مالك بن دينار:‏ "البكاء على الخطيئة، يحط الذنوب كما يحط الريح الورق اليابس".





وعن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَطْرَتَيْنِ وَأَثَرَيْنِ: قَطْرَةٌ مِنْ دُمُوعٍ من خَشْيَةِ اللَّهِ، وَقَطْرَةُ دَمٍ تُهَرَاقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَأَمَّا الأَثَرَانِ، فَأَثَرٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَثَرٌ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ" صحيح سنن الترمذي.





ولا شك أن الذكر من أعظم ما يُكسب الخشوع ورقة القلب.


يقول ابن القيم - رحمه الله -: "صدأ القلب بأمرين: بالغفلة والذنب. وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذكر".


و لما شكا بعضهم لشيخه قسوة قلبه قال له: "أذب قسوة قلبك بكثرة الذكر".


وقال الحسن البصري - رحمه الله -: "تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة، وفي الذكر، وقراءة القرآن، فإن وجدتم وإلا فاعلموا أن الباب مغلق".





وقال معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: آخِرُ ما فارقتُ عليه رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ قلتُ له: أيُّ الأعمال خيرٌ وأقربُ إلى الله؟ قال: "أنْ تموتَ ولِسانُكَ رَطْبٌ من ذكر الله - عز وجل -" صحيح الترغيب. قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 41، 42].


إذا ما الليل أظلم كابدوه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فيسفر عنهم وهم ركوعُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

أطار الخوف نومهم فقاموا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وأهل الأمن في الدنيا هجوعُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

لهم تحت الظلام وهم سجود https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أنين منه تنفرج الضلوعُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



سحر العيون 28-02-2021 02:47 AM

جزاك الله خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
ورزقك الجنه ونعيمها
احترامي لك

.dFa 28-02-2021 04:13 AM

-

طرح رائع وإنتقاء فريد ،،،
شكري وتقديري لهذا الموضوع ،،
يعطيك العافية ،،
‏:h5:

الــوافــي 28-02-2021 04:35 PM

*,

جزاك الله خير
طرح يفوق الجمال
كعادتك إبداع في صفحآتك
يعطيك العافيه يارب
وبإنتظار المزيد من هذا الفيض
لقلبك السعادة والفرح
ودي لك

احساس عاشق 28-02-2021 05:49 PM

طَرِحْ ممُيَّز جِدَاً وَرآِئعْ
تِسَلّمْ الأيَادِيْ
ولآحُرمِناْ مِنْ جَزيلِ عَطّائِهاْ
دُمتْ ودامَ نبضُ متصفحكَ متوهجاً بِروَعَةْ مَا تِطَرحْ
لروحَكَ جِنآئِن وَرديهّ
وَأمنيآت بِ أيآم أَجّملّ
اّحّـسّـ عّاّشّـقّ ــــاّسّ

أميرة أميري 28-02-2021 08:23 PM

جزاك المولى الجنه
وكتب الله لكى اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات
وجعله المولى شاهداً لك لا عليك
لاعدمنا روعتك

fadak 01-03-2021 12:40 AM

الله يعطيك العافيه
في ميزان حسناتك
سلمت يمناك ...

eyes beirut 01-03-2021 11:27 AM

تسلم ايدك ع الطرح

ياسمين 01-03-2021 04:01 PM

جزاك الله خير
يعطيك العافيه

Reemas 01-03-2021 10:17 PM

الله يعافيك ويسلمك

طرح مميز وراقي


لاخلا ولاعدم


الساعة الآن 04:50 PM

تصحيح تعريب Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024 
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant