منتديات انفاس الحب

منتديات انفاس الحب (https://a-al7b.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩{ انفاس القرآن الكريم وعلومه }۩۞۩ (https://a-al7b.com/vb/forumdisplay.php?f=96)
-   -   مشاهد وعبر من قصــة أصـــحــــــاب الكهــــــــف (https://a-al7b.com/vb/showthread.php?t=62838)

رزان 19-12-2021 12:02 AM

مشاهد وعبر من قصــة أصـــحــــــاب الكهــــــــف
 
مشاهد وعبر من قصــة أصـــحــــــاب الكهــــــــف

مشاهد وعبر من قصــة أصـــحــــــاب الكهــــــــف(1)


أحمد الشحات







يذكر لنا القرآن في سورة الكهف خبر بضعة نفرٍ من الشباب، لم يتجاوز عددهم السبعة على أصح الأقوال، لم يكن بينهم سابق معرفة أو صداقة، ولكنَّ الرابطة التي جمعتهم هي رابطة الإيمان والعقيدة، وبغض الشرك وأهله، عاش هؤلاء في زمنٍ الله أعلم به، ولكنَّهم كانوا في مكانٍ يعلوه الكفر والظلم والبطش، فأما كفر قومهم فـيظهر من قولهم: {هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} (الكهف:15)، وأما ظلمهم وبطشهم فيظهر من قولهم: {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ}(الكهف:16)، والظاهر أنَّ المدينة كلَّها كانت مطبقةً على هذا الظلم، مجمعةً على هذا الكفر، فلم يكن لهم ظهرٌ يحميهم أو قوةٌ يلجؤون إليها.

لذلك لم يكن أمامهم بعد إذ أظهروا دعوتهم وأنكروا على قومهم سوى الفرار، فالبقاء وسط هذا الكفر لا يُمكِّنَهُم من إقامة شعائر دينهم، فضلًا عن أن يتمكنوا من الإنكار على قومهم، ولن يرضى منهم هؤلاء الظالمون إلا الدخول في دينهم كُرهًا أو تسليمهم للقتل رجمًا.

تفاصيل القصة

قال ابن كثير -رحمه الله-: «وقد ذكر غير واحد من المفسرين من السلف والخلف: أنهم كانوا من أبناء ملوك الروم وسادتهم، وأنهم خرجوا يومًا في بعض أعياد قومهم، وكان لهم مجتمع في السنة يجتمعون فيه في ظاهر البلد، وكانوا يعبدون الأصنام والطواغيت، ويذبحون لها، وكان لهم ملك جبار عنيد يقال له: (دقيانوس)، وكان يأمر الناس بذلك ويحثهم عليه ويدعوهم إليه.

فلما خرج الناس لمجتمعهم ذلك، وخرج هؤلاء الفتية مع آبائهم وقومهم، ونظروا إلى ما يصنع قومهم بعين بصيرتهم، عرفوا أن هذا الذي يصنعه قومهم من السجود لأصنامهم والذبح لها، لا ينبغي إلا لله الذي خلق السماوات والأرض، فجعل كل واحد منهم يتخلص من قومه، وينحاز منهم ويختفي عنهم ناحية.

جمعهم الإيمان

فكان أول مَن جلس منهم وحده تحت ظل شجرة، فجاء الآخر فجلس عنده، وجاء الآخر فجلس إليهما، وجاء الآخر فجلس إليهم، وجاء الآخر، وجاء الآخر، وجاء الآخر، ولا يعرف واحد منهم الآخر، وإنما جمعهم هناك الذي جمع قلوبهم على الإيمان، وجعل كل أحد منهم يكتم ما هو فيه عن أصحابه خوفًا منهم، ولا يدري أنهم مثله، حتى قال أحدهم: تعلمون -والله يا قوم- إنه ما أخرجكم من قومكم وأفردكم عنهم إلَّا شيء، فليظهر كل واحد منكم بأمره.

توافقوا على كلمة واحدة

وقال آخر: أما أنا فإني رأيت ما قومي عليه، فعرفت أنه باطل، وإنما الذي يستحق أن يعبد وحده ولا يشرك به شيء هو الله الذي خلق كل شيء، السماوات والأرض وما بينهما، وقال الآخر: وأنا والله وقع لي كذلك، وقال الآخر كذلك، حتى توافقوا كلهم على كلمة واحدة، فصاروا يدًا واحدة، وإخوان صدق، فاتخذوا لهم معبدًا يعبدون الله فيه، فعرف بهم قومهم، فوشوا بأمرهم إلى ملكهم، فاستحضرهم بين يديه فسألهم عن أمرهم وما هم عليه فأجابوه بالحق، ودعوه إلى الله -عز وجل-، فتهددهم وتوعدهم، وأجلهم لينظروا في أمرهم، لعلهم يراجعون دينهم الذي كانوا عليه، وكان هذا من لطف الله بهم، فإنهم في تلك النظرة توصلوا إلى الهرب منه، والفرار بدينهم من الفتنة».

الفرار إلى كهف

وقد هدى الله هؤلاء الفتية إلى الفرار إلى كهف يبدو أنه يقع خارج حدود القرية، لكنه ليس بعيدًا عنها، دلَّ على ذلك قولهم بعد بعثهم من النوم {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} (الكهف:16)، وبعد أن وصل الفتية إلى الكهف في أمان، ضرب الله عليهم النوم، وسخَّر لهم الكون ليحفظهم من كل الشرور والمضار المحتمل إصابتهم بها عن طريق البشر أو عن أي طريق آخر، ونام الفتية في الكهف مدة من الزمن تزيد على ثلاثة قرون، تغيرت المدينة فيها تغيرًا جذريًّا، فالملك الكافر قد هلك، والمجتمع قد صلح شأنه، وقد أقامهم الله من رقدتهم ليكملوا الحلقة المفقودة في القصة التي يبدو أن أهل المدينة يحفظونها جيدًا، ولكنَّهم لا يعرفون نهايتها بعد.

بعثهم بعد نومهم

فبعثهم الله من نومهم ليبرهنوا على صدق وعد الله -عز وجل- بانتصار الحق، ونصرة المؤمنين، وليُصَحِّحُوا عقيدة الناس في البعث والنشور، ويقطع الله ببعثهم حالة التشكك وعدم اليقين التي كان يتلبس بها فريق من الناس، وفور انتهاء المهمة ضرب الله عليهم النوم مرة أخرى، لينسدل الستار على القصة التي دارت أحداثها في زمن أهل الكتاب، على ظهر مدينةٍ من مدن العالم، لا ندري مكانها ولا نعرف الزمان التي حدثت فيه، ولكن كانت الرسالة فيها واضحةً جليةً.

خطاب القرآن للصحابة

فالقرآن يقول للصحابة -رضوان الله عليهم-: إذا كان الكفار أرادوا أن يفتنوكم في دينكم، وقد ألجؤوكم إلى الفرار والخروج من بلدكم مكة، فإن هناك في الدهر الأول بضعة نفر كانوا أقل منكم عددًا وعدةً وأنصارًا، واضطروا إلى أن يتركوا مدينتهم، وأن يلجؤوا إلى «كهف»، أما أنتم فستهاجرون من مدينة إلى أخرى، ومن قوم يضطهدونكم إلى قوم ينصرونكم، وكما ختمت قصة فتية الكهف بالانتصار لهم وبالهداية لقومهم، فالبشارة لكم أيضًا بانتصاركم وظهور دينكم ثم هداية قومكم، والله على كل شيء قدير.

المشهد الأول: الطليعة الواعدة

قال الله -تعالى-: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}.

رسائل من قلب المشهد

في هذا الجزء من السورة يفتتح القرآن قصة شباب الكهف، ويوجِّه خطابه للنبي -صلى الله عليه وسلم - فيقول له: {أَمْ حَسِبْتَ}، ويقول له: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ}، والمراد من ذلك: الرد على المشركين واليهود الذين أرادوا اختبار النبي - صلى الله عليه وسلم - لتعجيزه وإحراجه بسؤاله عن أمور حدثت في الدهر الأول، لا يعلمها إلا نبي حتى يتأكدوا من صدقه في زعمهم، ومع ذلك لما أجابهم إجابة وافية شافية لم يؤمنوا!

أصول دعوة هؤلاء الفتية

وتؤكد الآيات في ثنايا عرض القصة على الأصول التي قامت عليها دعوة هؤلاء الفتية؛ إذ إن التشابه كبير بين قومهم الذين فروا منهم بدينهم وبين كفار قريش، فالكفار الذين بُعث فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يُسَلِّمون بوجود الخالق الرازق المدبر، ومع ذلك كانوا يصرفون العبادة لغيره، ويبدو أن شرك أهل المدينة كان من هذا النوع؛ لذلك ربط الفتية بين الأمرين، واستدلوا بتوحيد الربوبية في قولهم: {رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»؛ لإثبات توحيد الألوهية في قولهم: «لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا}.

التشابه بين قوم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل الكهف

وكما بُعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قومه فكذبوه وعاندوه وأخرجوه، كذلك فعل قوم هؤلاء الفتية، لتأتي نقطة التشابه الثانية بين قوم شباب الكهف، وبين قوم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكي يستخلص منها المؤمنون عبر التاريخ: أن الصراع بين الحق والباطل سنة جارية، وأن الله -عز وجل- يقدِّر وجود هذا الصراع لحِكَمٍ يعلمها، منها: أن يتضح الفرق بين الحق والباطل وضوحًا لا لبس فيه، كما قال -عز وجل-: {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} (الأنفال:42)، ومنها وضوح الفرق بين الصادقين والكاذبين كما قال -عز وجل-: {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (العنكبوت:3).

التثبيت من الله لقلوب المؤمنين

وتستمر الآيات لترسِّخ في نفوس المؤمنين أهمية التثبيت من الله لقلوب المؤمنين، فقدرة المؤمنين على مواجهة أعدائهم إنما تقوم في الأساس على وجود هذا الاطمئنان في القلب، ومعلوم أن هذا التثبيت وهذه السكينة هبةٌ من الله لأوليائه، لا سبيل للأعداء أن يحصلوا عليها مهما احتموا في قوتهم وحصونهم وعُدتهم.


نظائر هذا التثبيت

وتأمل نظائر هذا التثبيت في قول الله -عز وجل- عن أمِّ موسى -عليه السلام-: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (القصص:10)، وقول الله -عز وجل- عن حال المؤمنين يوم حنين، قال -تعالى-: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (التوبة:26)، وفي الغار: قال الله -تعالى-: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} (التوبة:40)، وفي الحديبية: قال -تعالى-: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} (الفتح:26).

غيمہّ فرٌح 19-12-2021 01:42 AM

جُزاكّ الله خُير علىّ مُـا قُدمتّ
ورزُقكّ بُكُل حَرف خّطتهَ أناملكّ جُزيل الحُسناتّ

eyes beirut 19-12-2021 10:31 AM




،

/

تسلم ايدك ع الطرح
يعتيك العافية

صدى الشوق 19-12-2021 01:48 PM

الشكر ع الموضوع المفيد القيّم
جزاك ربي الخير
أرق التحايا وباقة ورد

Š₳ħββє 19-12-2021 06:34 PM

.
.










جَزآك آلمولٍى خٍيُرٍ " .. آلجزآء .. "
و ألٍبًسِك لٍبًآسَ
" آلتًقُوِىَ " وً " آلغفرآنَ "
وً جَعُلك مِمَنً يٍظَلُهمَ آلله فٍي يٍومَ لآ ظلً إلاٍ ظله .~
وً عٍمرً آلله قًلٍبًك بآلآيمٍآنَ .~
علًىَ طرٍحًك آلًمَحِمًلٍ بنًفُحآتٍ إيمآنٍيهً .!

للهَ درِك

..||**

رزان 19-12-2021 11:50 PM

ممتنة لكم بالشكر الجزيل
لمروركم الجميل وردكم العذب
الذي أنآر متصفحي لآ خلآ ولآ عدم

صمتاً 20-12-2021 11:14 AM

.
.

بآرك الله فيك على جمآل هذا الطرح
وروعة هذه الفرآئد والفوآئد
جزآك الله خيراً
و كتبها الله في موآزين حسنآتك :100:

أميرة أميري 21-12-2021 05:47 PM

جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

- شقاء.. 23-12-2021 06:49 PM

-
,
















طَرْحٌ مُعَطَّرٌ بِرُوحَانِيَّاتٍ قِيمَةٍ
جُزِيَتْ خَيْرَ اَلْجَزَاءِ ... :ff1 (90):
وَرَفْعِ اَللَّهِ قَدْرَكَ , وَجَعْلُهُ فِي مَوَازِينِ حَسَنَاتِكَ :ff1 (210):

حَفِظَكَ اَلْمَوْلَى :ff1 (49):
~

قَـلـبْ 25-12-2021 01:21 PM

جزاك الله خير
وجعله في موازين حسناتك
وانارالله دربك بالايمان
ماننحرم من جديدك المميز
امنياتي لك بدوام التألق والابداع
دمـت بحفظ الله ورعايته


الساعة الآن 09:43 AM

تصحيح تعريب Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024 
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant