منتديات انفاس الحب

منتديات انفاس الحب (https://a-al7b.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩ انفاس الركن الإسلامي ۩۞۩ (https://a-al7b.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   الاعتماد على الله وحده (https://a-al7b.com/vb/showthread.php?t=73876)

- آتنفسك❀ 07-08-2022 10:55 AM

الاعتماد على الله وحده
 
دعا ربُّنا الرحمن الرحيم إلى وجوب الاعتماد عليه، وقد اعتنى القرآن بهذه القضيَّة؛ لِما لها من علاقة مباشرة بتوحيد الله تعالى في الرُّبوبية والألوهية على السواء؛ قال الله سبحانه: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الشعراء: 217 - 220]؛ فهو سبحانه قد بسَط سلطانه على مُلكه كله، وقد وسعَت رحمتُه جميعَ خلقه، وهو لا يَخفى عليه شيء في ملكه.

والاعتماد على الله والتوكُّل عليه بدَوره ناطِق بعبودية الإنسان لربه، وهو شاهدٌ لألوهيَّته على خلقه سبحانه؛ إذ هو ناطِق بضعف الإنسان وقلَّة حيلتِه بالنَّظر إلى ضخامة المسؤولية الملقاة على عاتِقه؛ فهو في الواقع لا يستطيع أن يخوض غمارَ الحياة إلَّا بعونٍ منه سبحانه: ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾ [مريم: 93]، ومَن غير الله ربِّ العالمين القويِّ المتين الجواد الكريم يتكفَّل بخَلقه؟! قال الله تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الزمر: 62]؛ أي: كفيل؛ لذلك ربط اللهُ بين الاعتماد عليه وبين تَسبيحه وأنَّه منزَّه على المشابهةِ والمماثلة، قال تعالى: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 58]، ومِن هنا نعلم حِكمة ربط التوكل على الله بالإيمان به سبحانه، قال تعالى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التغابن: 13]؛ فالتوكُّل على الله على عِلم ومعرفة بسُنن الله من أكبر علامات الإيمان به جلَّ جلاله.

وقد وصف الله نفسَه بأنَّه كريم ودود، رحمن رحيم، ووصَف الإنسانَ بأنَّه قَتور ممسِك، يَبخل على بَني جنسه ولو بالضرورات، وإن ملك أوسعَ الأشياء؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا ﴾ [الإسراء: 100]، والله يعرِّفنا أنَّ رحمته الواسعة لو ملَكها الإنسانُ لبخل بها على أخيه الإنسان، فليس من الرشد أن تَلتمس من الإنسان وتَترك الرحمن؛ كما نرى الجاهلين حين يلتمسون البركةَ من الموتى، ويَسألونهم المددَ وكشف الكُربات وجَلْب المنافع، أو يوسِّطونهم لدى الرب الرحمن الرحيم السميع العليم، إنَّها الجاهليَّة الأولى قد عادَت إلى المجتمع المسلِم على يدِ المتصوِّفة؛ هدانا الله وإياهم إلى الحق.

وقد تجلَّت رحمةُ الله بعباده؛ إذ أرشدهم إلى دعائه، قال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]، ومن المعروف من أسلوب القرآن عند إيراد سؤال العباد عن الأحكام يأتي بلفظ (قُل)؛ مثل قوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾ [البقرة: 189]، وقوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ﴾ [البقرة: 219]، وقوله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى ﴾ [البقرة: 222]، وغيره في القرآن كثير؛ وذلك للتدليل على صِدق رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنَّه واسطة في التَّبليغِ بين الله سبحانه وبين خلقِه، ولكن في سؤال العباد ربهم من حيث الدُّعاء حَذَف كلمة (قُل)؛ ليتَّضح أنَّه ليس بين الله وعبادِه واسِطة؛ فهو سبحانه يَسمعهم ويعطي كلَّ سائلٍ مسألتَه، ويعفو عن مسيئهم، ويقضي حاجتهم، وهو منهم قريب، وقد وسعَت رحمتُه كلَّ شيء، غير أنَّ ذلك حسب منطوق الآية مرتبط بتَحقيق صِدق الإيمان والاستجابة لله في أمره.
وقد ربط ربُّنا بين توحيده والتوكُّلِ عليه في كثير من آياته؛ مثل قوله سبحانه: ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [هود: 123]، فإذا كان الله هو الخالِق والقائم على كلِّ شيء بالتدبير والحكمة؛ كما قال ربُّنا: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الزمر: 62].

فعلى الإنسان الرَّاشد ألَّا يتَّخذ من دون الله وكيلًا يَعتمد عليه في أيِّ شيء، وأن يسأل اللهَ وحده، ولا يتضرَّع ولا يذلَّ نفسَه ولا يخضع إلَّا له سبحانه، وقال ربُّنا في الآية الجامعة من سورة الفاتحة: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، وتقديم المفعول على الفعل يفيد الاختصاص، والتقدير: لا نعبُد إلَّا أنت، ولا نستعينُ إلَّا بك.
ثمَّ إنَّ هذه الآية تتوسَّط سورة الفاتحة؛ فما قبلها إخبارٌ من الله أنَّه رب العالمين، بما تضمَّنَه معنى التَّربية؛ من الإنشاء والرزق، وإمداد الخلق بما يحتاجونه في حياتهم، وقد ربَّاهم على الرَّحمة فهو ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3]، ثمَّ هو ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4] بما تضمَّنَته كلمة ﴿ مَالِكِ ﴾ من بَسط سُلطانه على خلقه.
وهناك يوم القيامة يوم الجمع الأكبر لا تتكلَّم نفسٌ إلَّا بإذنه، ولا شفاعة إلَّا بأمره، وحساب الخلق مَوكول إليه وحده؛ فجاءت الجملة الأولى: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ لتَحقيق الاختصاص في العبوديَّة لله وحده، والجملة الثانية: ﴿ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ لها أَوثق الرَّوابط بما بعدها؛ إذ العبد في أمسِّ الحاجة إلى تَوفيق الله له في سَيرِه على الصِّراط المستقيم؛ إذ التَّوفيق لهذه المسألة يتوقَّف عليه سعادة الدنيا والآخرة، وهو نِعمةٌ كبرى، فما قيمة المال مع الضَّلال؟! وما قيمة المناصِب والمراكز مع الخروج عن هَدي الله؟!

إنَّ الدنيا عرَض زائل عمَّا قريب، ويوم يَجمع الله الخلقَ فلا سعادة ولا عزَّة إلَّا لأصحاب الصِّراط المستقيم، الذي سُئل عنه عبدُالله بن مسعود رضي الله عنه فقال: "ترَكَنا عليه محمد صلى الله عليه وسلم في الدنيا، ومنتهاه في الجنَّة"، فنعم هذه الآية الجامعة، ولقد صدق من قال: جِماع القرآن في الفاتحة، وجماع الفاتحة في: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾، وهل الدِّين إلَّا عبادة واستعانة؟! وهل خُلِق الإنسان إلَّا ليحقِّق توحيد الله بشُعبتَيه؛ توحيد الألوهية، ويحقِّقه ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾، وتوحيد الربوبيَّة، ويحقِّقه ﴿ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾؟! فيا لها من آيةٍ جامعة!
ممَّا تقدَّم نعلم أنَّنا في أمسِّ الحاجة إلى الاعتماد على الله، وأن نتوكَّل عليه سبحانه؛ إذ تتوقَّف عليه حياة المسلم، وهو من أكبر أسباب سَعادة الدنيا والآخرة؛ من العزَّة والنصر والتأييد، وسعة الرزق والبركة فيه، وهو من ضرورات حياة المسلم.

ولكن يَنبغي بالضرورة أن يصاحِب التوكُّلَ أمران:
أولًا: الوقوف على حدود الله؛ فلا نتعدَّاها، وأن نُرضي ربَّنا بتقديم صالح الأعمال ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا.
وثانيًا: الأخذ بالأسباب، ورَبطها بالمسببات التي هي من سُنن الله التي لا تَبديل لها ولا تغيير، وعدم الأخذ بالأسباب - مع زَعْم أنَّنا متوكِّلون - يُعتبر تواكُلًا وليس توكُّلًا؛ الأمر الذي يرفضه الدِّينُ الحنيف.

عواد الهران 07-08-2022 11:36 AM

مشاركه جيده ومفيده

وتفاعل طيب وتواجد جميل

بارك الله فيك

غيمہّ فرٌح 08-08-2022 01:52 AM

جَزاكِ اللهِ خُيرِ الجَزاء
ونفِعُ بكٌ وبطِرحكَ القيَيم
ولاَ حَرمُكِ الاًجَر
بُاركِ اللهِ فيُك ..~

رُواء 08-08-2022 07:08 AM

_







بَارَك الله فِيك
وجَزَاك جنّةٌ عَرضهَا السموَاتِ والأَرض
وَلا حَرمك الأجر يَارب :241:.

أستفهام؟؟؟ 08-08-2022 01:47 PM

جَنْآإئِنْ آلْوَرٍدٌ لقلمكَْ الرائـع
كن بِخَيْر وَآمْـٌٍُْاان

سَلآأمِيٌ

فروله توت ♩ 09-08-2022 04:38 AM

بارك الله فيكم ونفعنا بما قدمتم
جزاكم الله خير الجزاء
سلمت اناملكم
فى انتظار ابدعاتكم
دمتم متألقين مبدعين متميزين

- شقاء.. 09-08-2022 10:00 AM

_
،



















جَزَاكَ اَللَّهُ خَيْر . . .
وَأَحْسَنَ إِلَيْكَ فِيمَا قَدَّمَتْ
دُمْتُ بِرِضَى اَللَّهِ وَإِحْسَانِهِ وَفَضْلِهِ
~

كيان أنسان 09-08-2022 04:57 PM

,




سُلمِتَ ذُآئِقُتكَ بطُرحَِكّ الرُآئِعَ
دُآمِ عُطَآئُكّ , تُقدَيِرّيَّ . .


~

رتيــــــل 09-08-2022 05:01 PM

الله يعطيك العافية
سلمت يدينك ربي يسعدك
ماننحرم منك :rose:

أميرة أميري 10-08-2022 05:22 AM

جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك


الساعة الآن 02:23 PM

تصحيح تعريب Powered by vBulletin® Copyright ©2016 - 2024 
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة آنفاس الحب

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant